هل تسير الأمور إلى نهاية عبثية يتماس فيها الواقع مع الخيال فنجد أنفسنا أمام نفس الحائط الذي يسد علينا أي طريق للمستقبل؟ الأحداث في الأسبوع الماضي وما اشتملت عليه من دخول أطراف جديدة ترفع لواء التيار الثالث – الرافض ل"الفلول والجيش والإخوان" – ويصفهم خصومهم بالطابور الخامس، في الحرب الدائرة بين الدولة ومؤسساتها من جانب والإخوان والجماعات الإرهابية من جانب آخر، أدى إلى تصاعد خطير تتنامى نتائجه ومسبباته بشكل يشبه كرة الثلج، مما يشكل تهديدا حقيقيا على كل حلم، تبنته القوى الثورية والشعبية، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، فالمطالب والأحلام مهددة بقدر التهديد الذي يطال المناخ الذي تتحقق فيه، فلا يتصور ثائر تحقيق مطالبه بغير بناء محكم للدولة الوطنية، التي ما تلبث أن تشيد أركانها إلا وتسعى عوامل هدم لإسقاطها. المؤامرة ليست مستبعدة، والأجندات التي يعمل عليها البعض ليست وهمًا يروج له أنصار حفظ مصالح الأغلبية والدفاع عن أمن الوطن وإستقراره وسِلمه الإجتماعي، وتورّط قادة الدولة في قرارات وتصريحات خاطئة تدفع الشارع لمزيد من الإشتعال وتفتت جبهة 30 يونيو، أمثلة "الحديث عن رفع الدعم، إصدار قانون تظاهر بغير خطة إعلامية للدفاع عنه تطمئن المخلصين من ثوار الشارع أن لا مساس بحريتهم وتجبر المراهقين منهم على الصمت، المشوار الذي نشعر أن أجهزة الدولة لن تقوى على تخطي أكثر من نصفه"، ليس مزايدة من جانبنا على إدارة الدولة في مرحلة إنتقالية.. وما ليس مستبعدا وما ليس وهمًا وما ليس مزايدة..هو الثلج الذي يضاف إلي الكرة فينمّيها كلما تحركت ويسد الطريق. الواقع يقول بأن هناك بعض الأفراد المحسوبين على النخبة المائعة، أزمتهم في حالة خلصت نيتهم، أنهم لا يدركون أن بقاء الدولة شرط أساسي لتكون رفاهية المطالبة بالحقوق السياسية والإجتماعية متاحة, وأن انهيارها -أي الدولة- لن يسمح لأحد حتى بمجرد التفكير في تدبير شئونه الخاصة قبل أن يتطوع لرسم سياسات عامة للدولة. والواقع أيضا يقول أن رهان المسئولين وعلى رأسهم الفريق أول عبدالفتاح السيسي، على إنتظار خبوت الأمور من تلقاء نفسها، يدفعها لمزيد من الإشتعال، وعدم وجود خطة محكمة تقف على قدمين، الأولى مراعاة مطالب القاعدة الشعبية العريضة من الفقراء ومحدودي الدخل – أين ذهب قانون التسعيرة الجبرية ؟ -، والثانية، التصدي لأي متآمر على مصير الوطن بدفع الذرائع التي يبني عليها وبالتصدي له ذاته بغير خوف من أي قوى خارجية تقف خلفه، تكراراً لأخطاء سئمنا من تكرارها. ونجاح أجهزة الدولة يتصدرها الجيش في تحويل أي أزمة مصطنعة تحول دون السعي إلي المستقبل، هو بالضبط نجاحها في تحويل كرة الثلج التي تتضخم كلما مضت في طريقها، إلي كرة قش تفقد أعوادها كلما اصطدمت بالأرض "الشعب" والصخر "مؤسسات الدولة".. وبغير خطط محكمة، تتعامل مع أدق التفاصيل، ويتم إعدادها على أساس أن المعركة تتخطى حتما المواجهة مع المحتج الذي يخرق القانون أو يقذف مدرعة الشرطة بالحجر، إلي ما هو أكبر، لن تنجح في ذلك.. وستتطور الأمور بشكل يترك مساحة لتخيل أسوأ النتائج.