كما للشوارع حواديت لشارع محمد محمود تاريخ … مؤكد ،لا يعرف الكثيرون من هو "محمد محمود" باشا الذى سمى الشارع باسمه ,هو سياسي مصري ولد فى أبريل 1878 فى مدينة ساحل سليم بمحافظة أسيوط بصعيد مصر,وتاريخ الرجل المشرف لا يختلف كثيرا عن شرف الشارع العلم "محمد محمود" الذي عرف بشارع عيون الحرية بعدما ضاعت فيه عيون الأحرار فى أحداثه الشهيرة بعد ثورة 25 يناير .. فقد كان الزعيم "محمد محمود باشا" أول مصري تخرج في جامعة أكسفورد ,وعين وكيل مفتش بوزارة المالية , ثم انتقل إلى وزارة الداخلية، وعين مساعد مفتش عام ، ثم سكرتيراً خصوصياً لمستشار وزير الداخلية الإنجليزي,ووزيرا للداخلية ثم رئيسا لأربع وزارات و يبدو أن الشارع يستمد قوته من اسم صاحبه الذى عرف باسم الرجل الحديدي والذي كان يعتز جدا بنفسه كحال الشارع بشهدائه ورموزه وشارات عزته .. كان محمد محمود باشا قوميًّا في تفكيره، وكان مع ذلك وكيلًا لحزب الأحرار الدستوريين منذ تأليفه في سنة 1922، ثم رئيسًا له منذ سنة 1928، وبالسؤال كيف يجتمع هذا وذاك؟ كيف تجتمع القومية والحزبية في نفس واحدة؟ تأتى الإجابة تأتى الإجابة أن الرجل كسابق لعصره يري أن الحزبية لا يقف أمرها عند تأييد فكرة من الأفكار تأييدًا نظريًّا، بل هي وسيلة أساسية في الحياة الديمقراطية لتعادل القوى وعدم طغيان بعضها على سائرها، وتوازن القوة جوهري لكفالة الحرية الإنسانية، فلو أن الوحدة القومية انصرفت إلى معنى من معاني الزعامة الدكتاتورية لانقلب أمرها من الاتحاد القومي على الاختيار الحر الصريح لأفراد الأمة، ولصارت نوعًا من الطغيان يستأثر به فرد أو تستأثر به جماعة، ولكان في ذلك القضاء على الفكرة الديمقراطية من أساسها. فأما إن قامت الأحزاب توازنت في الكثير من آرائها القومية واختلفت في القليل من هذه الآراء، فقد أصبحت الدعوة إلى الاتحاد دعوة إلى التعاون الحر وإلى السعي المشترك عن طواعية واختيار لتحقيق الخير العام في ظلال هذه الحرية، هذا تفكير عملي لا ينقصه المنطق النظري .. رأى الكثيرين فى محمد محمود باشا رمزا للديكتاتورية وخاصة أن حكومته سميت بحكومة القبضة الحديدية.. ونرى عمونا "جلال عامر" رحمه الله رأى فيه لا يقل عن ذويه كثيرين ففى تدوينة له عن شارع محمد محمود قال : " الغريب أن شارع «محمد محمود» الذى تدور فيه المعارك سموه على اسم «محمد محمود» أسوأ وزير داخلية شهدته … الغريب أن الكثير من كتب التاريخ جاءت بعكس ذلك .. فقد طرحت عكس ما تناوله الجميع وما تشدقت به الأفواه عن حقيقة الرجل وهنا جاءت شهادة أستاذنا الكبير "محمد حسنين هيكل "فكان لها الحسم لمن لا يقرئون التاريخ ولا يعرفون حقيقته .. فقد وصف هيكل محمد محمود باشا بأنه كان شديد الاعتداد بنفسه، شديد الحياء من نفسه، شديد الإيمان بالله، شديد الإسلام لقضائه، وكان اعتداده بنفسه بالغًا مبلغًا خلف له كثيرًا من الخصوم، كما أحاطه بالكثير من المعجبين به، المسحورين بقوته، أما حياؤه من نفسه فكان يعصمه مما يتورط غيره فيه من الخطأ، وكان ينأى به عن مواطن الشبهة، ويجعله يحرص غاية الحرص على أن لا يرى غيرُه منه موضع ضعف أو نقص. وكان يبلغ من هذا الحرص في بعض الأحايين مبلغًا يؤدي ثمنه غاليًا في أمور يستهين بها غيره ويراها من مباحثات الحياة، وكان إيمانه بالله صادقًا كل الصدق، كان الإيمان الذي يأبى الجدل فيه أو البحث في أمره، والذي يرفض من غير مناقشة ما يقوله بعض الفلاسفة من أن الشك أول مراتب اليقين. وكان هذا الإيمان يجعله دائم الخوف من الله، دائم حساب النفس، بارًّا بالفقير والضعيف، بارًّا أكثر من ذلك بمن كان عزيزًا فذل، أو غنيًّا فافتقر. وإسلامه لقضاء الله كن إسلامًا تامًّا، لكنه كان إسلام من لا يترك المقادير تجري في أعنتها، بل كان إسلام الحريص الحذر الذي يأبى أن يلقي بنفسه إلى التهلكة، ولا يأبى مع ذلك أن يواجه الخطر وأن يجابهه وأن يصمد له. .. وكان لمحمد محمود من مجموع هذه الصفات صفة بارزة عنده، بلغ من بروزها أن ظن بعضهم فيه المبالغة فيها. تلك اعتزازه بكرامته وحرصه الشديد عليها، ولا أخال أحدًا عرفه إلا رأى فيه من هذا الاعتزاز وهذا الحرص ما يتوهم معه من لم يعرفه أنه خشن الطبع لا يعرف الصداقة ولا يرعاها، فأما الذين عرفوه فقد عرفوا منه حفظًا للصداقة ووفاء للعهد وبرًّا بهما ليس كمثله بر. ثم إن هذا الاعتزاز بالكرامة قد وازاه دائمًا إخلاص للعقيدة وللوطن جعل العقيدة وجعل الوطن بعض هذه الكرامة التي كان محمد محمود باشا يعتز بها أيما اعتزاز… وأسترسل هيكل فى وصفه … ما أن جاء أجل الرجل و نعاه الناعى وتحدثت عنه الصحف والمحافل، ورددت الإذاعة نعيه لكل من يسمعها في أقصى الأرض وأدناها، حتى غص شارعه وغصت الشوارع المجاورة بألوف وألوف يخطئها العد من شباب وكهول وشيب من كل المقيمين بمصر على اختلاف أجناسهم وبيئاتهم، ألم يكن الرجل العظيم الذي ودع الحياة متصلًا بهؤلاء جميعًا أثناء حياته أوثق اتصال؟! كان رئيسًا للجمعية الخيرية، فرجال الجمعية الخيرية من زملائه، وأبناء الجمعية الخيرية، أساتذة وتلاميذ في مدارسها، والفقراء الذين تشاركهم الجمعية الخيرية في تحمل ألم الفقر والبؤس، والضعفاء الذين يجدون في هذه الجمعية ملجأ وملاذًا، كل أولئك هرعوا يؤدون التحية الأخيرة للرجل الذي قضى السنين الطوال عضوًا في الجمعية ثم رئيسًا لها. ألم يكن زعيم حزب سياسي يحبه أعضاء هذا الحزب وأنصاره في أنحاء البلاد كلها وطبقات الأمة المختلفة، هؤلاء الذين جاهدوا معه وأقاموا وإياه ينصرون فكرة مشتركة ويضحون في سبيل نصرها ويقاتلون معه من أجلها، خفوا من حيث كانوا في أنحاء مصر يودعون الزعيم والمجاهد والعامل الذي لم يكل في خدمة بلاده، ويودعون معه تاريخًا حافلًا بالجهاد كان هو القائد والزعيم في تسطير صحفه المجيدة. ألم يكن زعيمًا برلمانيًّا منذ نشأت الحياة البرلمانية الحديثة في مصر؟! فأعضاء البرلمان الحاليون والسابقون، أعضاء البرلمان الذين زاملوه وشاركوه وسمعوا له وقدروا مواقفه وعرفوا له مزاياه، خف من استطاع من هؤلاء جميعًا يشيع نعشًا حوى رفات الرجل الذي كانت له هذه المواقف، ألم يكن رئيسًا للحكومة ترك وراءه آثارًا من الإصلاح باقية يتحدث الناس عنه ما تحدثوا عنها ويذكرونه ما ذكروها، وأقر من علاقات مصر الخارجية ما اطمأنت له مصر، فهي تطمئن لذكره ولذكر الذين قاموا به، وهو إلى ذلك كان في رئاسته للحكومة وفي اضطلاعه بأعباء الوزارة مثالًا للرئيس العطوف على مرءوسيه، المحب لهم، الحريص على التعاون معهم وعلى معاونتهم، والذي ترك بذلك في أنفسهم من الأثر ما جعلهم وجعل الذين يذكرون له إصلاحه وعمله وهو في الحكم ينبعثون بدافع من عواطفهم يؤدون له واجب الوداع في رحلة الأبد، ثم ماذا؟! أو لم يكن، مع هذا كله، وأكثر من هذا كله، رجلًا اجتمعت له كل معاني الرجولة: مضاء عزم وعلو همة، وشجاعة رأي، وإقدام على المخاطر، واستهانة بها، وتقدير لمن أحب الوطن أعلى التقدير. هذه الصفات مجتمعةً فيه جعلته الصديق الوفي لصديقه، والمجاهد الشريف في جهاده، والخصم النزيه في خصومته، والرئيس الطاهر في رياسته. وهذه الصفات مجتمعة قد لفتت له كل الأنظار من كل صوب، وقد دعت الذين يقدرونها، أصدقاء وخصومًا وعدولًا في الحكم لا عن صداقة ولا عن خصومة؛ ليسيروا الخطوات الأخيرة إلى جانب البقية من رجل هذه الصفات وملاذها " …. كانت تلك هي إجابات الأسئلة يا سادة وشهادة نزاهة الرجل ذو القبضة الحديدية موثقة بحب الناس له فى مصاحبته لمثواه الأخير عجبت لمن لم يبحث فى حقيقة الرجل وتاريخه وألصق به وصمة الديكتاتورية والفساد لمجرد انه كان وزيرا لداخلية مصر .. وكأنه على كل من يعتلى ذلك المنصب لابد أن يلازمه العار حتى الممات.. لم يعرف الرجل أحدا ممن هاجمه ولم يقرأ تاريخه أحدا ممن وقف ضده ولم يعى أحدا ان "محمد محمود" كان هو عيون الحرية وقدوة يقتضي بها وربما إذا عرف أحدهما ذلك لرفرفت رايات الحرية فى جوانب الشارع بومضات من نور وليست من نار تشعلها نيران فى راية الوطن وعلمه .. فى تاريخ الشارع عبرة لمن بحب الوطن يتشدقون ولعلمه حارقون .. وإن كنت لا أعلم عن أى وطن وحرية يتحدثون وإن يستقميوا يرحمهم الله …