الجريمة البشعة في كنيسة الوراق أمس، لا يمكن مقارنتها إلا بجريمة إسرائيل في ضرب مدرسة "بحر البقر الابتدائية" في الشرقية. نفس الخسة والوضاعة!! قتل أطفال آمنين سعداء في عرس، وجدة عجوز، لا يشبهه إلا قتل أطفال آمنين في مدرستهم. والتشابه في الفعل ناتج عن تشابه عقلية المجرم وقناعاته في الحالتين. الصهيوني يؤمن بأنه من شعب الله المختار، وأن "الجوييم" أو الأغيار في مرتبة أدنى، ولا قيمة لدمهم، وأن الله وعده بأرض غيره، فلا قيمة لوجود شعب فيها، يباد هذا الشعب لا مشكلة، لتقوم أرض إسرائيل (إريتز يسرائيل) المقدسة. وأشبه الناس به هو التكفيري الإرهابي المسلم، الذي يعتقد أنه من الفئة الناجية، وغيره كافر حلال الدم، سواء كان مسلما أو مسيحيا، وأن هذا الكافر يقتل بدم بارد لأنه عائق أمام إقامة دولة الخلافة. ومثلهما قديما المتطرف المسيحي، الذي جاء يقتل الآمنين في القدس، لأن أرض المسيح لا يمكن أن تكون بيد المسلمين البرابرة. منطق الفئة الناجية (مقابل الأغيار) في كل دين وكل فكر، هو ما يحول الإنسان إلى درك أدنى من الحيوان. وكما ثأر جيش مصر لأطفال بحر البقر، في حرب الاستنزاف، ثم في حرب أكتوبر، ونزف الصهاينة دم أكبادهم، سيثأر جيشنا لأطفال الوراق، وسينزف الإرهابيون دم أكبادهم. "ولات حين مناص". ليست طنطنة ولا إفراطا في التفاؤل، بل قراءة للماضي والحاضر. في عز حكم الإخوان وتهديد معارضيهم بالويل والثبور، وإشاعات أن الفريق "السيسي" إخواني، وكل هذا التخريف، كتبت مقالا بعنوان "للمصريين جيش يحميهم". وبعد رحيلهم غير مأسوف عليهم، عندما فقد بعضنا أعصابه خلال اعتصامي رابعة والنهضة، وصار يقول "يد مرتعشة .. دولة داخل الدولة" كنت أقول: اصبروا، فالنصر صبر ساعة. وتكرر نفس الكلام، ونفس الرد، في كرداسة ودلجا وغيرهما. أما في مشهد قتل الأطفال أمس، فقد فقدت أعصابي لأربع وعشرين ساعة، وقلت مثل ما قالوا من قبل، ثم هدأت، وأنا أسترجع الأحداث منذ 30 يونيو لليوم، لأعود لرشدي وأقول: اصبروا، فالنصر صبر ساعة. لا تفقدوا ثقتكم في جيشكم وأمنكم، فتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. من واجب الإعلام أن يصرخ بوجه الداخلية مع كل جريمة، وأن يتابع ويراقب ويدين أدنى تقصير، وإلا نمنا في العسل، وصرنا لقمة سائغة. من حقنا أن نحاسب المقصرين ونعاقبهم، لكن هذا لا يعني أن نشعر بأننا مهزومين ولا بأن عدونا حقق هدفه، فبينهم وبين تحقيق هدفهم الموت نفسه. لكن نسبة المنع لجرائم الإرهاب كنسبة صد الهجوم في الحرب، لا يمكن أن تكون كاملة مهما كانت الإمكانات، وأعلم يقينا أن ما يمنع قبل وقوعه كثير. ومن يقبض عليهم من المجرمين أكبر بكثير مما يعلن عنه. أما وزراة الاقتصادي اليميني الدكتور "حازم الببلاوي"، فهي دون المستوى في معظمها بغير شك، وتذكرني بأداء وزارة "علي ماهر" باشا، أول وزارة تشكلت بعد ثورة يوليو المجيدة في 24 يوليو 1952م، وحكمت لعدة شهور. كلاهما وزارة تنتمي للماضي وليس للمستقبل. وتجسد أمام الناس مشاكل المرحلة التي خرجوا منها، حتى يكونوا واثقين أنهم لا يريدون هذاالماضي، ولا الفكر المنتسب إليه. وآمل أن تتولى بعدها وزارة تقدمية ثورية، تصنع مخاضا مشابها للمخاض الذي حدث بعد حل وزارة "علي ماهر". فدعونا نرى ما تتمخض عنه الأيام القادمة، شديدة المفصلية في تاريخ مصر. وختاما؛ للشفاء الجراحي من ورمين خبيثين في ثلاثة أعوام ثمن فادح، فلأهل الشهداء والجرحى في الوراق أقول: تعزوا بعزاء الله يا أحبتي، وبثأر قريب يشفي بعض نار صدوركم وصدورنا. اعرف أن التقصير والإهمال الذي ساعد القتلة خطير ومستفز، لكن بعد أن وقعت الفاجعة، لم يعد لنا إلا المطالبة بتجنب الأخطاء مستقبلا، والثأر لأبنائنا من أكباد قتلتهم. ثأر قريب إن شاء الله