إن الواقع الذى نعيشه فى مصر الآن بنظرة بسيطة لتطور الأحداث سنجد أن فوضي الفتاوى ، وتصدى أناس ليس لهم وزن علمى للفتوى سبب من أسباب تراجع الخطاب الدينى المستنير الذى يعبر عن الوجه المشرق لهذا الدين الخالد وهذه الحضارة العظيمة التى أعطت نموذجا فريدا فى العدل والرقى والمدنية لكل الحضارات الانسانية فى الماضى والحاضر. ولعل الرأى الفقهى فى النهاية أو الفتوى هو هذا المنتج الشرعي والذى يعبر عن فهم هذا الدين الاسلامى الحنيف وحتى يتم مواكبة هذا التدفق الهائل للمعلومات. وهذه الثورة المعرفية والعلمية فى كل جوانب حياة الناس دعت مصر الأزهر منذ عام 1961إلى استحداث وقتها ماعرف بمجمع البحوث الإسلامية. وتم إضافة علماء فى الطب والاقتصاد والقانون إلى هذا المجمع بفهم وعمل ما يسمي "مجامع فقهية ". وكان الأزهر له السبق والريادة فى هذا المجال ولكن عدم تمكين هذه المجامع من العمل العلمى الشرعى المكلف من الناحية البحثية ماديا .. وعدم رعاية المجامع بالشكل اللائق أدى إلى أن بعض المجامع التى نشأت فى دول لديها وفرة مالية إلى إنشاء مجامع فقهية كبيرة . وضم علماء من كل العالم . ولكن ولأن منهج العلم الاسلامى الوسطى المعتدل لم يوجد منهج كمنهج الأزهر الشريف الذى تكون من الأدلة العقلية والنقلية ومن التعددية فى المذاهب والتعددية فى الأفكار فخلق تنوعا هائلا فى الفهم المعتدل للاسلام لم يتاح إلا فى مصر الأزهر. فخرج أفراد تعرضوا للإفتاء وتسببت فتواهم فى القتل أحيانا وفى الإلحاد تارة أخرى لنستمع إلى سيل فى فتاوى لم تستند إلى دليل ولم تصحح على منهج علمى صحيح ولم توصل إلى سند واضح فإذا بنا نعيش هذه الفتوى . والحل فى عودة الفتاوى للمجامع . ولا ينطق فرد أيا كان إلا برأى مجمعا فقهيا معتمدا ومعتبرا . وأيضا سيتم فى هذا الوقت إتاحة فرصة للباحثين فى العلوم الشرعية .. ولعودة ريادة بلدنا العلمية التى تعود بالنفع على كل الدنيا شرقا وغربا ويعود ريادة الأمة ، ووحدتها مرة أخرى بالعلم وليس بدعاته ومن ليسوا إلا مدعين له .