«عبد العزيز»: الإرادة السياسية للجانبين تذهب إلى تطوير نتائجها أو تجعلها «مجرد مكالمة» محمد حسين: تصريحات نتنياهو هدفها الإبقاء على فكرة الحرب ضد إيران رفعت سيد أحمد: اتصال أوباما يعني أن مثلث «سوريا – إيران – المقاومة اللبنانية» لم يهزم أحدثت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونظيره الإيراني حسن روحاني، والتي أنهت قطيعة عمرها 34 سنة في الاتصالات بين البلدين، ارتباكا في عدد من العواصم؛ ففي طهران ظهرت ردود فعل مؤيدي روحاني والمحافظين، واحتفى مئات الإيرانيين بروحاني لدى عودته من نيويورك. وعلى مستوى رد الفعل الأول من الجانب الصهيوني، خصص رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» خطابه، صباح أمس الأول الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتنديد بالرئيس الإيراني «حسن روحاني»، في دلالة على القلق الإسرائيلي من قدرة «روحاني» على كسب ود الولاياتالمتحدة منذ انتخابه رئيسا لإيران. واعتبر «نتنياهو» أنه لا فرق بين «روحاني» وسلفه «نجاد» عندما يتعلق الأمر بالملف النووي الإيراني، قائلا: «لا فرق بين الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد وروحاني، إلا في أن أحمدي نجاد "ذئب في هيئة ذئب"، بينما روحاني "ذئب في هيئة حمل"»، محذرا الولاياتالمتحدةالأمريكية من حدوث أي تطور في العلاقات بين البلدين. «البديل» – من جانبها – سعت إلى رصد آراء الخبراء حول تأثير التصالح الأمريكي – الإيراني على الكيان الصهيوني، وزيادة المخاوف من البرنامج النووي الإيراني. قال الدكتور مصطفى عبد العزيز – مساعد وزير الخارجية السابق، وسفير مصر الأسبق في سوريا، إن المكالمة الهاتفية التي دارت بين الرئيس الإيراني ونظيره الأمريكي، مهمة لكنها لا تمثل تحولا جوهريا في العلاقات بين البلدين، خاصة وأن الولاياتالمتحدةوإيران بينهما سجال طويل من الخلافات، لكن ما تنبغي الإشارة إليه أنها خطوة جيدة وتفتح المجال للحوار لطرح كل الآراء والاتجاهات، وتتوقف ثمار هذه المحادثة على نية الإدراة السياسية لدى الجانبين، ومدى جديتها في إنهاء القطيعة التي استمرت حوالي 34 عاما، فقد تقود هذه المكالمة التي استمرت حوالي 15 دقيقة إلى تطورات أشمل، وربما تظل مجرد اتصال تليفوني لا تأثير له. وحول تأثير المكالمة وقراءة خطاب نتنياهو يقول الدكتور محمد حسين – أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن أمريكا دائما تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية، ولا يمكنها اتخاذ أية قرارات تهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وتصريحات نتنياهو بشأن روحاني مجرد زوبعة لتهييج الرأي العام العالمي ضد إيران، وإرضاء للقيادات الأمريكية. وأكد «حسين» أن أية زيارة بين الطرفين الأمريكي والإسرائيلي، دائما يتبعها إصرار من جانب نتنياهو على قول تصريحات شديدة اللهجة تجاه الخصوم، سواء كانت سوريا أو إيران أو غيرها، وفي هذه المرة تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الولاياتالمتحدة هي التي بادرت بفتح آفاق جديدة للحوار، وأن أوباما هو الذي أجرى اتصالا هاتفيا بروحاني، وهو يريد بذلك أن تظل مسألة الحرب على إيران فكرة قائمة لدى الولاياتالمتحدة، ويصدرها للعالم كله حتى لا تجرؤ أية دولة أن تحذو حذوها. وأضاف أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن هذه التصريحات هدفها الاستهلاك المحلي فقط، بينما المصالح الأمريكية الإسرائيلية ما زالت قائمة؛ لأن كليهما يحافظ على احتكار إسرائيل الأسلحة النووية، ولا يسعدهما أن تكون هناك دولة أخرى مسلمة أو شيعية أو سنية ندا لهما أو تشكل خطرا عليهما. ويرى الدكتور رفعت سيد أحمد – المدير العام والمؤسس لمركز يافا للدراسات والأبحاث، أن الاتصال الهاتفي بين أوباما وروحاني، لابد أن يفهم في سياق تطورات الأوضاع في سوريا، وسعي طهران إلى الوصول لاتفاقية مع روسيا بشأن أسلحة سوريا الكيميائية، وعلى الطرف الآخر بدأت أمريكا تخطب ود إيران لكي تصبح جزءا من إعادة ترتيب مشروع الشرق الأوسط، كما أدركت الولاياتالمتحدة أن سُوريا لم تهزم بعد، والمقاومة في لبنان لم تتم تصفيتها، وإيران لم يتم إجبارها على التخلص من الملف النووي. وأشار إلى أن سوريا وإيران والمقاومة اللبنانية المتمثلة في حزب الله، يشكلون مثلثا لم يهزم بعد، وهو ما اكتشفته أمريكا، وبالتالي تحاول بناء إستراتيجية جديدة، تتناسب مع هذه المكونات الثلاثة ومن خلفهم روسيا، وما لم تأخذه بالحرب تأخذه بالدبلوماسية والضغوط السياسية. وأضاف المدير العام والمؤسس لمركز يافا للدراسات والأبحاث، أنه يتوجب على إيران ألا تأمن مكر الولاياتالمتحدة بهذه المكالمة، لاسيما بعد تصريحات نتنياهو، فليس من المنطقي أن تنهي 15 دقيقة صراع 34 عاما، أو حتى تلغي حقائق على الأرض، وهي أن أمن إسرائيل القومي هو الهم الأكبر لأمريكا، أو أن حزب الله من أشد أعدائهم، مطالبا إيران بألا تتفاءل أو تفتح آفاقا للتعاون على أساس هذه المكالمة، ولكن لا بد أن تبني إستراتيجية تكون جزءا من المقاومة. من جانبه، قال يسري العزباوي – رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن مهاجمة إسرائيل وقلقها من التصالح الأمريكي – الإيراني أمر طبيعي ومتوقع من جانب الكيان الصهيوني، الذي يرى أن امتلاك إيران أسلحة نووية تهديد مباشر لأمنه القومي، ويمثل خطورة على هيبته في العالم. وأوضح أن نتنياهو يخشى حدوث انفراجة بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران، خاصة بعد قطيعة دامت 34 سنة، وهو الأمر الذي يقود إلى احتمال وجود تفاهمات بشأن البرنامج النووي الإيراني، حتى لو كان من خلال مراقبة أمريكية، وربما دعم وتسهيلات للاتفاق، حتى لا تتضرر إسرائيل من الأسلحة الإيرانية. وتابع رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن نتنياهو يزيد من التعقيدات بشن هجوم شرس على روحاني، للتأثير على اللوبي الصهيوني الذي يضغط بدوره على الإدارة الأمريكية لاتخاذ قرارات تناسب طبيعة العلاقة بين البلدين. وأضاف أيمن عبد الوهاب – رئيس وحدة المجتمع المدني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن أمريكا وإسرائيل تعملان على خدمة مصالح بعضهما البعض، وأية خطوة تتخذها إسرائيل تكون بالاتفاق مع أوباما، مشيرًا إلى إن اتصالات أوباما وروحاني محاولات صورية لدعم العلاقات. وأكد أن دعوة نتنياهو لأوباما إلى الحذر من الجانب الإيراني، تنم عن نية أمريكا فى لعب لعبة خبيثة ضد المصالح الإيرانية، وهذا التصريح مؤداه التأكيد أن إسرائيل وأمريكا ما زال كل منهما يمثل دعمًا للآخر، وأن اتصالات أوباما وروحاني لن تضر بإسرائيل أو تؤثر على العلاقات بينهما. وأخيرا، يرى الدكتور مختار غباشي – رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن إيران دولة كبرى، استطاعت من خلال سياستها وقدرتها العسكرية أن تطوع قوى عظمى مثل أمريكا لها، وتجبرها على التشاور والجلوس على موائد الحوار، وقد بدأت هذا من خلال تلك المحادثة التليفونية التي أنهت قطيعة 34 عاما من العداء والحصار السياسي والاقتصادي. وأضافأن مشكلة الولاياتالمتحدة مع إيران ليس سببها امتلاك الأخيرة للسلاح النووي، بقدر ما يشغلها أن إيران الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتعامل معها بندية حقيقية، ولم تخضع لسياساتها وما تفرضه على الدول الأخرى، أو ما ترسمه من سياسات تحقق المصلحة الأمريكية في المقام الأول وتضمن حماية الأمن القومي الإسرائيلي بشكل آخر، وقد حطمت إيران كل هذه القيود وتعاملت كمركز قوى في المنطقة، وكان لها دورها البارزفي الأزمة السورية الأخيرة وتأجيل أو منع الضربة العسكرية الأمريكية.