"السيزون داخل"... إنه ذلك الوقت من العام! من شهر و شوية تعالت صرخات السخط الشعبي بعد ما حقق فيلم السبكي و محمد رمضان الجديد، قلب الأسد، 10 ملايين جنية في تلات أيام ليكون صاحب أعلى إيرادات في تاريخ السينما لأول تلات أيام عرض، و لولا فض الإعتصام و حالة حظر التجول كان ممكن جدا إنه يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما، و وقتها تعالت دعاوى على الفيسبوك و تويتر "بمقاطعة" أفلام السبكي… أنا بمناسبة قرب العيد الكبير حتكلم عن الدعاوى دي و عن السبكي في شقين، الشق الأول هل السبكي يدمر السينما المصرية فعلا و لابد من إعدامه، و الشق التاني عن جدوى المقاطعات و تأثيرها في نهضة السينما. أولا، السبكي، و أنا هنا بتكلم عن الأخوين أحمد و محمد، أنتجوا في سنة 2013 تسع أفلام (أكتر من نص الأفلام اللي تم إنتاجها في مصر السنة دي للأسف الشديد)، حقق كل ما عُرِض منها بلا إستثناء نجاح جماهيري، و بالنسبه له ده بلا شك نجاح، لإن السبكي مش داخل مجال السينما للنهوض بالفن في مصر و لا بالوصول بفيلم مصري لترشيحات السعفة الذهبية ولا قائمة الأوسكار النهائية، هو بينتج عشان يكسب، و هو بالنسبه للمنطق ده ناجح فيما يفعله (بعيدا طبعا عن التوزيع و لعبة التوزيع)، و نجاحه المستمر ده بيخلي قدرته على الإنتاج تتضاعف، في ظل المنافسة الضعيفة. السؤال هنا إيه البديل؟ هل عندنا إنتاج مستمر و متكرر لشركات إنتاج بتقدم ما يرقى بثقافة المشاهد البصرية و في نفس الوقت ينافس السبكي؟ و نقطة الثقافة البصرية دي مهمه جدا، فمهم إنك تكون عارف جمهورك فتعرف تخاطبه بأي لغة، ده مش معناه إنك تصل لتقديم أفلام مبتذلة طبعا، لكن خد الناس بالهداوه، صعب أوي ناس (لو إتكلمنا مثلا على جمهور المراهقين اللي بيمثل نسبة كبيرة من جمهور العيد) ثقافتها البصرية نشأت على أفلام على غرار عوكل (2004) أو سيد العاطفي (2005) و لا حتى الأجيال اللي قبلهم من أيام إسماعيلية رايح جاي (1997) و تجيبهم يتفرجوا على فيلم لفيلليني و تشتمهم لو إنتقدوه، إنت بتتكلم في حته و هما عايشين في حته تانية خالص. الطبيعي إنك تقدم حاجة تعرف تخاطبهم بيها، ده لو عايز تخاطبهم أساسا. نيجي لموضوع المقاطعة، و السؤال، كام واحد ممن دعوا للمقاطعة و تحمسوا ليها بيشوف أفلام السبكي من أساسه؟ و نسبتهم كام من مشاهديه؟ تقريبا كل من دعوا للمقاطعة و صحابهم، و جيرانهم، و ولاد خالاتهم لا يمثلوا شريحة تُذكر من جمهور السبكي، شريحة تخليه يعيد تفكير طريقة عمله اللي بيمارسها بقاله أكتر من عشر سنين و كل سنة تكون أنجح من التانية، ده غير إن تراجع إيرادات السينما لأفلام السبكي تعني تراجع إيرادات السينما في مصر بشكل عام للأسف و تراجع مؤثر، للأسف أكتر... ده طبعا بإفتراض إن جمهور العيد مثلا حيوصله الرسالة فيقرر المراهق اللي داخل يشوف أغاني مهرجانات و رقص خليع يبكي ندما و يقاطع البذاءة دي في سبيل نهضة السينما و يشتري كتاب السيناريو لسِدفيلد. يبقى الخلاصة، مقاطعة السبكي تكون بسرقة جمهوره عن طريق تقديم بدائل أحسن، مُنفّذَه بشكل أنضف، و لا تقل إمتاعا بصريا... فلو إنت من صانع أفلام من الوحشين اللي بينظروا نظرة فوقيه للجمهور، لو حبيت الجمهور يوصل لك حاول تخاطبه بلغة أبسط، و لو مش عايز تنزل من برجك يبقى مش منطقي تنتقد السبكي، لإنه، بعيدا عن التنظير و إن الفن ليس سلعة، و بنظرة واقعية براجماتية، السينما جزء كبير منها صناعة، بيدفع الناس فلوس فيها مقابل إن يستمتعوا، و السبكي بيقدم ده مهما كانت درجة الإبتذال و تفكك الصورة و حيفضل يقدمه بقوة طول إن مالوش منافس يعلّي عليه. أما لو كنت من الجمهور الداعي للمقاطعة إيمانا منك بدورك في دعم السينما، و دي حاجة رائع وجودها بجد و يا ريت نص الناس يكونوا زيك، بس السؤال ماذا قدمت لدعم البدائل؟ إتعرض أكتر من فيلم مستقل السنة دي، زي هرج و مرج، الشتا اللي فات، و عشم... هل خدت صحابك و عيلتك و رحت حضرت الأفلام في السينما؟ هل إستخدمت تويتر و فيسبوك و أي وسيلة تانية للدعوة لحضور الفيلم زي ما بتدعو للمقاطعة؟ في تخيلي ده حيكون مؤثر أكتر و مفيد لصناعة السينما من إننا، إحنا اللي مابنشوفش أفلام السبكي، نقاطع أفلام السبكي.