اغتسلت وتطهرت شوارع وأرصفة من ذنوب سنوات بدماء زكية، قد تصرخ جدرانها إن تغافل أبناء الشعب عن حقوق من أصحاب تلك الدماء، ولا سبيل لإعادة الحقوق مرة أخرى إلى أصحابها، إلا ب"العدالة الانتقالية." وتعرّف حركة شباب 6 إبريل "العدالة الانتقالية" بمجموعة من الآليات والإجراءات التشريعية والقضائية والإدارية اللازمة لمعالجة ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، عن طريق كشف حقيقتها ومحاسبة المسئولين عنها، حتى لا تتكرر هذه الانتهاكات، ويتم التكريس لنظام ديمقراطي حقيقي. واقترحت من أجل ذلك إنشاء مفوضية، تعاقب عددًا من الجرائم وفقًا لقوانين حقوق الإنسان مثل:"القتل، الاغتصاب أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي، التعذيب، الاختفاء القسري، الفساد المالي والإداري، ولا تسقط بمرور الزمن. وتتمتع المفوضية بالاستقلال المالي والإداري، ولا يحق لأي كيان التدخل في أعمالها أو التأثير على قراراتها، ويكون مقرها العاصمة، على أن يشمل عملها فترة تولي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كاملة منذ اليوم الأول، حتى الآن، ويحدد عملها بأربع سنوات، قابلة للتمديد بقرار من مجلس الشعب. وتتكون من 17 عضوًا من الشخصيات المعروفة بنزاهتها بعد تلقي الترشيحات من مؤسسات المجتمع المدني، كما تضم ممثلين عن جمعيات الضحايا أو ذويهم، وممثلين عن الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، وباقي الأعضاء من الترشيحات الفردية ذات الاختصاصات ب"العدالة الانتقالية". كما تهدف إلى بناء صيغ وآليات الوفاق السياسي والاجتماعي، وإجراء كشف عن وقائع الانتهاكات، واسترداد حقوق الضحايا، ولها الحق في الإطلاع على أي معلومات أو سجلات لها علاقة بأداء مهامها، وعقد جلسات استماع سرية أو علنية، واستدعاء واستماع أي شخص ترى فائدة من سماع شهادته، ولا يجوز مجابهتها بالحصانة. ويحق لها أن تطلب من مؤسسات الدولة إمدادها بأي وثائق أو معلومات بحوزتهم، أو من جهات رسمية بدول أجنبية، وجمعها من ضحايا أو موظفين حكوميين وغيرهم من بلدان أخرى، وإجراء المعاينات اللازمة وعمليات التفتيش ذات الصلة بالانتهاكات، فضلاً عن اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية الشهود والضحايا والخبراء وكل من يتم سماع شهادته. وقال خالد المصري-مدير المكتب الإعلامي للحركة- إن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، لن تُبنى إلا بتطبيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة كل من أجرم في حق هذا الوطن، ومن أجل ذلك تقدمت الحركة بهذا المشروع لتحقيق العدالة الناجزة، مؤكدًا أن جرائم الثورة لن تسقط بالتقادم. أما شباب من أجل العدالة والحرية، فقد رأت أن تحقيق العدالة الانتقالية يأتي بتشكيل لجنة تقصي حقائق من مجموعة من السياسيين والنشطاء الشباب، ولا تشرف عليها الأجهزة الحكومية، بحيث تصبح تقاريرها ملكًا للشعب المصري، وحتى لا يتكرر سيناريو التقارير الصادرة عن لجان تقصي الحقائق لدى وزارة العدل المصرية، ويكون مدة عمل اللجنة شهرًا من تاريخ بدء العمل. وتتكون لجنة الحقيقة والمصالحة من 3 أشخاص، 1 حقوقي و2 قضاة، يتخذون القرار في مسألة العفو أو اللا عفو، على ألا يحصل على العفو من تورطوا في أحداث القتل، كما يضبط القانون الجارى إعداده المتورطين في أحداث عنف أو فساد. كما يتم تشكيل لجنة تلقي الدعوات والشكاوى من أحداث الموجة الأولى من الثورة 25 من يناير حتى ما بعد الموجة الثانية من ثورة يونيو، ووضع جدول زمني قصير للنظر في الدعوى والبت فيها، بالإضافة لإنشاء المجلس القومي لرعاية الضحايا وأسرهم ، وحصر للمستحقين من الضحايا، لتقديم التعويضات المناسبة لهم والعمل على إحياء ذكرى الشهداء وضحايا العنف. ويتم إطلاق موقع إلكتروني، وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر، لنشر النتائج التي تتوصل إليها لجنة تقصي الحقائق، إيمانًا بحق المواطن في معرفة ملابسات الأحداث؛ لتحقيق الشفافية والنزاهة وتعزيز ثقة المواطن في جدوى الخطوات المتخذة. وقال محمد صلاح -المتحدث باسم حركة شباب من أجل العدالة والحرية- إن الهدف الرئيسي من العدالة الانتقالية هو إيجاد صيغة للتعايش السلمي بين أفراد المجتمع على أسس من العدل والمساواة والمواطنة، وليس الهدف هو الانتقام أو التشفي كما يدعي البعض.