يعرف البعض الغباء انه استمرارية فعل الشئ بنفس التصرفات والمقادير للوصول لنفس النتيجه التى لا تنتج حلولاً…ولا يراجع نفسه او يدرك ان الخطأ يكمن فى احد عناصر معادلته. أجد أن النسيم المصرى فى يناير 2011 ويونيو 2013 مثالان واضحان على الفشل فى الإدراك والتدبير ،إدراك الواقع على حقيقته من جهة مصر وموقعها من النظام العالمى وأبعاد النظام العالمى نفسه ونظم الحكم فى مصر وحقيقة حاجات الشعوب والأمم حتى تنهض….وتدبير القوى البشريه وتحريكها وفن المفاوضات والتحالفات المطلوبه وحدودها. إن الثورات ليست فقط الاحتجاجات والشعارات والغضب والاعتصامات ،الثورات قبل كل هذا هى الرغبه فى عمل تغيير جذرى فى كل شئ وهى تكون بعد الفشل فى محاولات النصح والاصلاح فيجتمع القوم لقلب الموازين ووضع نظام جديد للحكم وارساء قيم تحترم الشعوب ورغباتها فى الوجود…ثوره اخلاقيه وسياسيه واقتصاديه ،تحويل الوطن من مكان مغتصب من فئه سياسيه الى مكان حر يحكمه نظام عادل حكيم يضع كل شئ فى مكانه وكما يستحقه. هذه ثوره نجحت وحققت اهدافه وغير ذلك هى مجرد محاولات…الموجه الأولى نجحت فى اجبار رئيس على التنحى وعانت من حكم المجلس العسكرى ،وفى الموجه الثانيه استعانت بالجيش للتخلص من الفاشيه الدينيه ،وعلى الرغم من تحقق الهدف الرئيسي من الثورتين ألا وهو التخلص من النظام الحاكم إلا أن الأوضاع لم تتحسن بعد كلتا الثورتين ويرجع ذلك الى ما قلناه سابقاً ألا وهو الإدراك والتدبير. المشهد قبل اى ثوره يتكون من ثلاث عناصر النخبه وهى السياسيين والأحزاب وهم من تسيدوا المشهد بعد انجاز الثورتين . العنصر الثانى هو ما يسمى بشباب الثوره وهم أعضاء الحركات السياسيه والنشطاء ومن شارك من الشباب فى الثورتين وهو غالباّ من يبدأ النظام الجديد في تهميشهم. العنصر الثالث هو المواطنين الشرفاء وهم خليط من ما يسمى بحزب الكنبه ومن يلتحق بالمد الثورى ومن يلبى دعوات النخب ويملأ الميادين احتفالاً بسقوط النظام. كيف نؤلف من الثلاث عناصر ثوره ؟ كيف توظف النخب والشباب والمواطنين الحريصين على استقرار الوطن؟ إن إدراك الواقع ينبأنا أن الأكثر معرفه وطهاره وتفتحاً هم العنصر الثانى شباب الثوره ،أو الشباب بشكل ما وهو الطبيعى طبعاً فهم شباب مازال عقلهم وروحهم تتأهب للبناء على العكس من النخب وعامة الشعب من الآباء والأمهات. النخب هى مجموعه من السياسيين المتخبطين يصيبوا احياناً ويخطئوا كثيراً ،فهم طلقاء عصر مبارك أرى حقيقةً أنهم مثل من تم إستدعائه لحل مشاكل بناء على خبرته في قراءة القصص المصوره ،فهم النخب التى زين بها مبارك عرشه ،ولكن يبقي أنهم هم النخب الموجوده حالياً وهم من يتصدروا المشهد السياسي أثناء الثوره وبعدها. العامه من الآباء والأمهات والحرفيين وأصحاب أكل العيش وحزب الكنبه هم أداه مهمه يجب الإستعانه بهم إستمالتهم لإنه لا ثوره بدون قبول شعبى. الوصفه المثاليه لهذه العناصر هى ان النخب هى من تقوم بالثورات وتستعين الشباب ليحركوا العامه ،لكن النخب عندنا لديها مشاكل تتعلق بالإدراك والتدبير والشباب ليسوا مستعدين أو لم يتحركوا على أساس انهم نخب تدعوا وتفاوض لذا وقع عليهم عاتق أن يثقفوا النخب ويغزوهم فكرياً ويعلموهم لماذا نقوم بثوره ولأى أهداف. نعم الشباب يقع عليهم عاتق التغيير وهذا بالطبع مع افتراض المعرفه لديهم والعلم وهم لديهم القابليه لهذا بحكم انهم "شباب" ،فأهم ما يجب القيام به قبل أى ثوره هو التنظير ولا يقوم به إلا العالم العارف المدرك المدبر وهو مالا يتوافر لدى النخب ولا هو مطلوب لدى العامه ولكن يدركه الشباب بالعقل الذي يساعد على حسن الإدراك والتدبير.