أحيانا، نقوم باختزال العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين ونضعها في إطار ضيق لا يليق بأحد، لا بمصر ولا بالقضية الوطنية الفلسطينية . ذلك لان العلاقة بينهما تتجاوز مواقف الحكومات المصرية والهيئات الفلسطينية الرسمية، إلى ما هو مصيري بامتياز، فإذا أردت أن تعرف حالة القدسوفلسطين عليك أن تسأل عن حال القاهرة أولا ! بدأت عملية تقزيم هذه العلاقة منذ ما قبل هزيمة عام 1948 وتأسيس حكومة عموم فلسطين في حقبة الملك فاروق ولاحقا تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية التي نشأت في القاهرة عام 1964 وبقرار من الجامعة العربية . ثم تدهورت العلاقة مع نظام كامب ديفيد والرئيس أنور السادات ، إلا أنها عادت بعد اجتياح بيروت عام 1982 ودخول الرئيس عرفات وقيادة المنظمة في طريق ومتاهة البحث عن الحل السلمي من خلال بوابة نظام حسني مبارك . وللأسف ، لم نكتفي بذلك وحسب ، بل أصبحنا نتحدث اليوم عن علاقة المجلس العسكري الأعلى بالسلطة الفلسطينية في رام اللهوغزة و علاقة ” الراعي ” المصري مع الفصائل الفلسطينية المتخاصمة ! وإذا كانت الأمور مبررة في وقت سابق فلا يجوز أن تبقى آفاق العلاقات المصرية الفلسطينية محكومة بأوضاع فلسطينية ومحشورة في هذا الإطار ذاته ، خاصة بعد انتصار ثورة 25 يناير التاريخية ، ولا يجوز حشرها في شقها السياسي – الأمني – الحدودي – أو ما هو ضاغط ويومي مثل فتح معبر رفح وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وغيرها ، هذا بالضبط ما تريده إسرائيل ونحن بدورنا نواصل الحديث في هذه العناوين كان شيئا لم يحدث في مصر ولم ينتصر الشعب المصري في ثورة تاريخية كبرى خلعت رموز النظام السابق وهزت عرش تل أبيب. أصبح من الضروري اليوم أن نعيد إنتاج فهمنا وتقييمنا لهذه العلاقة بين مصر وفلسطين ، وذلك بوصف فلسطين قضية مصرية داخلية أولا وعاشرا وليست مجرد قضية الفلسطينيين هناك على الحدود مع غزة ، والبعض يذهب لتسميتها ب ” قضية امن قومي ” بمفاهيم النظام المصري السابق للأمن القومي المصري وما يعنيه. مصر وهي تنهض الآن ، لا يمكن إلا أن تنظر شرقا كما فعلت دائما وان تحدث حالة شاملة من النهوض في الوعي سوف يطال أرجاء الوطن العربي وخاصة فلسطين. هذا يعني علاقة مباشرة بين الشعبين وبين مصر الدولة والشعب الفلسطيني خارج إطار العلاقة مع السلطة الفلسطينية في رام الله. تماما كما فعلت مصر سابقا حين استقبلت الجامعات المصرية عشرات الآلاف من الطلبة الفلسطينيين في مرحلة لراحل جمال عبد الناصر وتعلموا مجانا ثم عادوا إلى فلسطين كي يلعبوا دورا رئيسيا في وضع بني وهياكل معظم مؤسساتنا الفلسطينية الوطنية والتي لا تزال تشكل عصب الحركة الوطنية الفلسطينية واعني الجامعات والمعاهد والأحزاب وغيرها. باختصار ، فلسطين قضية مصرية تتجاوز مفهوم ” الراعي ” والفصائل.