وزير الاتصالات يتابع أعمال تنفيذ مشروع إحلال الشبكة النحاسية بالألياف الضوئية المنصورة    دبلوماسي روسي سابق: الضغوط الغربية تسهم في تشكيل موقف موسكو.. ولن تغيّر سياساتها    رئيس شركة مياه القليوبية يتفقد فرع شمال الخانكة ويشدد على جاهزية المحطات لفصل الشتاء    تأجيل محاكمة متهمي قتل شاب بالخصوص إلى فبراير    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    رئيس «القابضة للمياه» يجري جولات موسعة ويتابع أعمال التشغيل والصيانة بمحطة الجيزة    إطلاق الشهادة المرورية الإلكترونية رسميًا.. خطوة جديدة نحو «مرور بلا أوراق»    قوافل علاجية ومعرض للمشغولات اليدوية لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    التعاون الإسلامي تناشد تقديم الدعم المالي للأونروا لاستمرارها في تقديم الخدمات للفلسطينيين    عاجل- رئيس الوزراء القطري: مفاوضات السلام في غزة تمر بمرحلة حرجة    "الشرع": سوريا تعيش حاليًا في أفضل ظروفها منذ سنوات.. وإسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول الأخرى    سفير الإمارات بمصر: نفخر بما يربط القاهرة ودبي من علاقات أخوية راسخة    خطوة جديدة من الأهلي بشأن مفاوضات حامد حمدان بعد التألق فى كأس العرب    الشوط الأول| بايرن ميونخ يتقدم على شتوتجارت في الدوري الألماني    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    غدا، نظر 300 طعن على المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    العثور على فتاة متغيبة بالشرقية بعد تداول منشورات عن اختفائها    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    الحبس شهر وغرامة 20 ألف جنيه لمساعدة الفنانة هالة صدقي بتهمة السب والقذف    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    بعد إعلان أحمد سعد.. إنجي كيوان تواصل تصوير «وننسى اللي كان»    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    قبل بداية عرض فيلم الست.. تصريحات سابقة ل منى زكي دفاعا عن تنوع أدوار الفنان    سفيرة واشنطن: تنمية إسنا مثال قوى على نجاح الشراكة المصرية - الأمريكية    عاجل استشاري أمراض معدية يحذر: لا تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الإنفلونزا    الجمعية العمومية لنقابة المحامين تقرر زيادة المعاشات وتناقش تطوير الخدمات النقابية    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    وزير الخارجية يكشف تفاصيل العلاقات مع قطر والصفقات الاقتصادية    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    بكم الطن؟.. سعر الحديد اليوم السبت 6 -12-2025    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة الثورة الفلسطينية و انقلاب"حماس" فى غزة«الحلقة الأولي»:صخر بسيسو القيادى البارز فى حركة «فتح» ل«المصرى اليوم»: هذه حقيقة التنظيمات السرية للطلبة الفلسطينيين فى الجامعات المصرية
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 12 - 2008

هو أحد شهود العيان القلائل على الثورة الفلسطينية منذ اندلعت قبل نصف قرن وحتى الآن.. لعب أدواراً بارزة فى محطاتها المختلفة، فعرف ما لا يعرفه الكثيرون.
نشأ صخر بسيسو القيادى البارز فى حركة «فتح» ، وعاش المراحل الأولى وسنوات البدايات من تأسيسها، وتولى قيادة اتحاد الطلاب الفلسطينيين، وأسهم فى تشكيل الخلايا السرية فى الجامعات المصرية، وعمل فى جهاز الأمن الموحد للمخابرات الفلسطينية، مع الرجل الثانى المؤسس ل«فتح» صلاح خلف «أبوإياد»، هذا الجهاز الذى حير الموساد وأجهزة المخابرات الغربية، طوال أربعة عقود.
وشارك ضمن آخر حكومة فلسطينية لحركة «فتح» فى الأراضى المحتلة ولعب دور الوسيط بين حركته والفصائل الأخرى، وهو المسؤول عن الحوار مع «حماس» منذ 1996.
وفى هذه الحلقات يروى ويكشف لأول مرة أسراراً ما كان لغيره أن يكشفها، فهو من شارك القادة التاريخيين للثورة الفلسطينية وعرفهم عن قرب، وقد لعب الدور الأبرز فى تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية بعد توقيع أوسلو، هذا الاتفاق الذى يكشف خباياه ويتحدث عن القنوات السرية مع الإسرائيليين وعن الشخصيات التى قامت بهذه الأدوار.
ويروى بسيسو فى هذه الحلقة قصة تشكيل الخلايا السرية للطلبة الفلسطينيين فى الجامعات المصرية، وظروف نشأتها وأساليب عملها، ويكشف عن ملابسات إلحاق الشباب والطلبة بصفوف الفدائيين وتدريبه طلاب جامعة أسيوط فى معسكر «الهامة» بسوريا، وهو أول معسكر للثورة الفلسطينية.
ويتناول بسيسو العلاقة بين التنظيمات الفلسطينية والرئيس عبدالناصر فى أعقاب هزيمة يونيو 1967.
* أنت شاركت فى الحركة السرية للطلبة الفلسطينيين فى القاهرة، ولعبت دوراً بارزاً فيها، كيف كان المناخ العام، وأفهم أن يكون هناك حزب أو تنظيم سرى لكن حركة ونشاطات طلابية كيف؟
- لأنه كانت هناك مخاوف من الحركة الفلسطينية الوليدة والتى ترى أن الكفاح المسلح هو الوسيلة الأساسية لمواجهة الاحتلال.
فى شهر ديسمبر عام 1965 انعقد أول مؤتمر لاتحاد الطلاب فى باب اللوق بالقاهرة فى مقر الغرفة التجارية، وقد تجمع فى هذا المؤتمر عدد غير مسبوق من الشباب الفلسطينى القادم من العديد من الدول العربية، وكان قد أصبح لنا فروع فى جميع الدول الاشتراكية وفى ألمانيا وبريطانيا وفى غيرها وكان هذا المؤتمر محك فى مسار العمل الوطنى.
لأنه فى عام 1959 قرر مجلس الجامعة العربية أن ينشئ كياناً ليعبر عن الفلسطينيين وتباينت الرؤى والتصورات حول شكل هذا الكيان، ولم تنجح هذه الفكرة إلا عام 1964 عندما انعقد مؤتمر القمة،
ونذكر أنه فى ذلك الوقت كانت فلسطين تمثل فى الجامعة العربية بالسيد أحمد حلمى عبدالباقى باشا رئيس وزراء عموم فلسطين، الذى تم انتخابه سنة 1948 فى مؤتمر عقد فى غزة ومن هنا كانت بداية المحافظة على الكيان وفى نفس العام أيضاً عقد مؤتمر فى أريحا لضم الضفة الغربية إلى الأردن وأعلنت المملكة الأردنية الهاشمية.
ومن هنا كان السعى لعمل،تنظيم فلسطينى تعترضه الكثير من العراقيل والمعلومات إلى أن تم تقديم الدعم من الرئيس عبدالناصر ووزير خارجيته الدكتور محمود فوزى لأحمد الشقيرى الذى قام بزيارات وجولات للدول العربية وبعد جهود مضنية عقد المجلس الوطنى الفلسطينى فى القدس، وتم إعلان تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. وأنتخب أحمد الشقيرى رئيساً للمجلس الوطنى، ورئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
* هل شاركت «فتح» فى المنظمة والمجلس الوطنى منذ البداية؟
- نعم شاركت، لكنها لم تشارك تحت اسم «فتح»، لأن أحمد الشقيرى كان يرفض أن يتعاطى مع القوى الحزبية والتنظيمات السياسية، وكان يفضل أن يتكون المجلس من الشخصيات المستقلة والتجمعات الفلسطينية المختلفة مع التمثيل القبلى أو التقسيم الجغرافى وما إلى ذلك، بعيداً عن الحزبية.
ومع ذلك استطاعت فتح أن تطرح فكرتها وتصوراتها فى تلك المرحلة. وفى هذا الوقت لم يكن للحركة أى شىء علنى سوى مجلة باسم «فلسطيننا» كان رئيس تحريرها آنذاك الحاج توفيق خورى، وهو لبنانى الأصل وكانت جميع المقالات لا توقع بأسماء.
وحاولت الحركة أن تقنع الشقيرى بأن تكون المنظمة هى الممثل الوحيد للرأى الرسمى الفلسطينى وتكون «فتح» بكفاحها المسلح هى المعبرة عن الموقف الشعبى، لكنها لم تنجح فى ذلك.
لكن فيما بعد بدأت فكرة الكفاح المسلح تأخذ جميع الأحزاب والتنظيمات الفلسطينية. وشرعت حركة سياسية واسعة مثل حركة القوميين العرب والحركة الشيوعية فى تسمية الجناح الفلسطينى داخلها وتوجيهه للكفاح المسلح.
وفى «فتح» تحديداً، أطلقت على جناحها المسلح قوات العاصفة التى أطلقت الرصاصة الأولى فى مطلع يناير عام 1965. وكان هناك حرص على عدم الربط بين «فتح» وبين العاصفة فى تلك المرحلة.
* لماذا؟
- كان هناك خوف من عدم نجاح الفكرة، ولما نجحت التجربة تم إعلان أن قوات العاصفة هى الجناح المسلح لحركة التحرير الوطنى الفلسطينى.
* كانت العلاقة بين «فتح» فى بدايتها وبين القيادة المصرية ضعيفة وكان عبدالناصر متشككاً فى حركة «فتح».. هل انعكس ذلك عليكم كطلبة فلسطينيين منتمين للحركة ومقيمين فى مصر؟!
- فى الفترة بين 1965 وحتى يوليو 67 كان تنظيم حركة «فتح» محظوراً فى الدول العربية وغير مسموح له بالعمل ولا القيام بأى نشاط سياسى أو غير سياسى.
وفى ذلك الوقت أصدرت القيادة العربية الموحدة برئاسة الفريق على عامر تعميماً إلى جميع الدول العربية بملاحقة جميع أعضاء قوات العاصفة.
ونظراً لهذه الظروف كان طبيعياً أن نلجأ للعمل السرى وكانت التنظيمات الطلابية فى القاهرة والإسكندرية وأسيوط عبارة عن خلايا سرية.
* هل تعرضتم لملاحقات من السلطات المصرية كتنظيمات طلابية؟
- فى سنة 1966 جرى اعتقال عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين من قبل السلطات الأمنية فى القاهرة، وكان السبب هو الانتماء السياسى ل«فتح» وطرح فكرة الكفاح المسلح.
وكان هناك تشكيك من قبل بعض القوى السياسية فى الوطن العربى، وحاولت إقناع عبدالناصر بأن مشروع «فتح» محاولة لتوريط الأنظمة العربية فى حرب مع إسرائيل وأن هذا التوقيت غير مناسب لبدء الكفاح المسلح وأنه لا يوجد تنسيق بين الحكومات العربية وبين «فتح» فضلاً عن الإيعاز بأن هناك «روابط خفية» ل«فتح» مع قوى خارج الوطن العربى.
 وظلت الصورة سلبية هكذا حتى وقعت هزيمة يونيو 1967 والتقى عبدالناصر مع قيادات «فتح» بعد ترتيب من قبل محمد حسنين هيكل والذى كان له اتصالات مع الأخ صلاح خلف «أبوإياد». والذى كان يتردد عليه بمكتبه فى «الأهرام»، ولقد استطاع هيكل خلق قناة اتصال مباشرة وقوية بين القيادة المصرية والحركة الفلسطينية الوليدة.
* كيف كان يتم تشكيل التنظيمات الطلابية السرية فى ذلك الوقت؟
- كنا ننظم الطلاب الفلسطينيين عبر خلايا سرية، كل خلية تتكون من ثلاثة أفراد وليس أكثر من ذلك، فأنت تعرف من فوقك ومن أسفل منك فى الموقع التنظيمى داخل الحركة. وكان الجميع يتحرك تحت أسماء حركية داخل التنظيم ولم تكن الأسماء الحقيقية مُعلنة.
* وهل كانت هذه عملية سهلة؟
- بالطبع لا، لأن فى أوساط الطلاب، الكل يعرف بعضه، وهناك اختلاط دائم، لكن لم يكن كل الطلبة الفلسطينيين ضمن الحركة. فكنا نراهم نحن كتنظيم ولا يروننا.
* وكيف كنتم تمارسون نشاطاتكم؟
- كنا نمارس نشاطاتنا فى إطارين، الأول «سرى» وتكون فيه الاجتماعات ثلاثية أو ثنائية لا تزيد على ذلك ويكون التعامل «شفهياً»، والتعليمات كذلك، ولا يتم استخدام وسائل اتصال سوى الاتصال المباشر.
أما الإطار الثانى فكان «علنياً» نمارسه ضمن التنظيمات الطلابية سواء الاتحاد العام لطلبة فلسطين، وكنا نشارك فى الندوات والحفلات المختلفة وجميع البرامج الطلابية المعروفة وكنا فى أوقات كثيرة نمرر أشياء محددة تخدم فكرتنا كحركة سرية بشكل غير مباشر، وفى أوقات كثيرة كان الطلاب العاديون بمن فيهم المصريون يتعاطفون معنا.
وكنا نقوم باختبار مدى قدرات الطلاب المنتمين للحركة ومدى صمودهم بشكل غير مباشر من خلال دفعهم للمشاركة فى النشاطات الطلابية التى تحتاج لصبر ومجهود مثل النشاط الرياضى وكنا ننظم هذا النشاط بقصد وضمن هذه النشاطات والمشاركة فيها كنا نكتشف الطلبة الجدد الذين لديهم استعداد ونضمهم إلينا بالتدريج.
* هل اصطدمت مع تنظيمات طلابية أخرى «مُسيسة» فى الجامعات مثل طلبة الاتحاد الاشتراكى؟
- لم يحدث، لأننا كنا نتبع سياسة التنظيمات السرية ولم نكن نظهر أبداً كتنظيم فى العلن إلا فى مراحل لاحقة وأيضاً كنا لا نظهر بشكل كامل، فضلاً عن أننا لم نكن نهتم بأى قضية داخلية أو متعلقة بالشأن المصرى. بل كان اهتمامنا الأساسى بالقضية الفلسطينية. وكنا نتحاشى أى تصادم أو احتكاك محتمل.
وأذكر أن الكثير من الطلاب المصريين لما كانوا يتعرفون على أفكارنا التى نطرحها بشأن تحرير فلسطين والكفاح المسلح يتعاطفون معنا ويدعموننا.
* وكيف صار الوضع بعد هزيمة 1967؟
- لقد انفتحت كل الأبواب أمامنا. وبدأ دعم كبير لجميع تشكيلاتنا وتنظيماتنا داخل وخارج الجامعات. فقد حدث تغير جذرى لصالحنا، وأصبح هناك شكل من أشكال «الاحتضان» خاصة من قبل الدولة المصرية للحركة الفلسطينية.
* ما شكل هذا الاحتضان؟
- فى ذلك الوقت كنت رئيس اتحاد الطلبة الفلسطينيين فى جامعة أسيوط، وكان الأخ ممدوح سالم هو محافظ أسيوط والذى أصبح فيما بعد وزيراً للداخلية ورئيساً للوزراء فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات. فقد فتح لنا هذا الرجل جميع الآفاق وسمح بتنظيم نشاطاتنا بشكل علنى فكنا نعقد مؤتمرات عامة داخل القاعات الجامعية أو فى أى مكان نختاره. وكنا نتلقى الدعم الذى نطلبه. ووجدنا أن جميع الإدارات والجهات التى نحتاج للتعامل معها كانت تسهل عملنا وتستجيب لمطالبنا بشكل سريع ومرن.
واستقبلنا ممدوح سالم فى مكتبه بالمحافظة واستمع إلينا وتناقش معنا فى بعض الأمور ووافق على طلباتنا، ومنها إقامة ندوة نستضيف خلالها شخصيات فلسطينية، وأذكر أن الندوة الأولى كان ضيفها الأخ هانى الحسن.
* من الذى طلب اللقاء.. ممدوح سالم أم أنتم كقيادات طلابية؟
- نحن الذين طلبنا لقاءه وتم تحديد موعد، ووعدنا بأن تعطى لنا الحرية اللازمة للتعبير عن نشاطاتنا، والأكثر من ذلك أنه سمح لنا بجمع التبرعات، وكان خطباء المساجد فى أسيوط يتحدثون عن فلسطين ويجمعون لنا التبرعات.
* من كان رئيس الجامعة آنذاك؟
- الدكتور سليمان حزين.
* كم كان عدد الطلبة الفلسطينيين فى جامعة أسيوط فى ذلك الوقت؟
- حوالى 1200 طالب، وكانوا يتمتعون بالحقوق التعليمية الممنوحة للطلاب المصريين، والحقيقة أن الرئيس عبدالناصر هو الذى أتاح لهذا العدد الكبير من الطلبة الفلسطينيين أن يدرس ويتعلم فى الجامعات والمعاهد المصرية.
* هل استمرت صيغة العمل السرى بعد 1967 أم كشفتم عن أنفسكم كتنظيمات طلابية؟
- بالطبع استمرت صيغة العمل السرية، وكنا نكشف فقط عن الجزء المطلوب منا الكشف عنه، لكن الحركة أو التنظيمات الطلابية الفلسطينية ظلت سرية، لأننا كنا لانزال فى هذه المرحلة فى بدايات الثورة، وكنا نعمل بإمكانات ضعيفة مقارنة بالمراحل اللاحقة، لأن الأمور كانت تتطور معنا بالتدريج.
* كيف؟
- أذكر أنه فى سنة 1955 جاء وفد من رابطة اتحاد طلاب العالم، لينظر فى مسألة ضم اتحاد الطلبة الفلسطينيين، وكان ياسر عرفات مازال موجوداً فى القاهرة، وأراد أن يظهر أمامهم أن اتحاد الطلاب الفلسطينى واسع وكبير ومتشعب.
ووضع أبوعمار خطة يستغل فيها كل الإمكانات المتاحة واتخذ من فيلا لأحد الطلبة الفلسطينيين الأثرياء (فى حى الزمالك أو جاردن سيتى لا أذكر) مقراً تابعاً للحركة يمكن للوفد النزول بها، ونفذ (أبوعمار) خطته وبات الوفد فى الفيلا الراقية وذهب فى الصباح للقاء عرفات الذى دبر خطة ماكرة حيث جعل عدداً من الطلاب يطلبونه تليفونياً كل 5 أو 10 دقائق، وبعضهم يدخل عليه بطلبات «وهمية» يقوم بتوقيعها، كل ذلك ليوافق الوفد على ضم اتحاد الطلبة الفلسطينيين للاتحاد العالمى للطلاب وقد كان له ما أراد ونجحت خطته.
* هل كان يتم تدريس الطلاب الفلسطينيين على الكفاح المسلح والعمل العسكرى؟
- هناك عدد غير قليل من الطلاب الفلسطينيين تركوا مقاعدهم الدراسية فوراً بعد 1967 وانتقلوا للعمل كفدائيين، وأذكر منهم الشهيد عمر العسولى وهانى حجازى وأحمد حبشى، فهؤلاء خرجوا من جامعة أسيوط للانخراط فى صفوف الفدائيين.
* خرجوا إلى أين؟
- فى البداية إلى دمشق، حيث كان هناك أول معسكر تدريب لحركة فتح وهو معسكر الأمة، ثم بعد ذلك ذهبوا إلى الأراضى المحتلة.
* هل ذهبت إلى معسكر الأمة؟
- جميعنا ذهب وتدرب هناك وبعضنا استمر فى العمل المسلح والبعض الآخر مارس دوره التنظيمى والحركى والسياسى، وقد كان أول شهيد من الطلبة هو الأخ عمر العسولى، وكان من بين الطلبة الذين ذهبوا فى هذه المرحلة المبكرة للتدريب على حمل السلاح الأخ منذر الدجانى السفير الفلسطينى السابق فى القاهرة.
وفور استشهاده وبناء على الاتصالات التى كانت قائمة بيننا وبين الجامعة تم إطلاق اسمه على إحدى القاعات فى الجامعة ومازالت حتى الآن باسم عمر العسولى، وساعد فى ذلك أن المناخ تغير تماماً وأصبح الرئيس عبدالناصر مقتنعاً بفكرة الكفاح المسلح وبمرور الوقت بدأ يثق فى حركة فتح وأنها ليست الحركة التى سمع عنها وأنها من عملاء حلف الناتو وانطلقت أول إذاعة لفلسطين هى صوت العاصفة من القاهرة.
* كيف حدث هذا التغير الكبير فى العلاقة بينكم وبين عبدالناصر؟
- القيادة المصرية فى ذلك الوقت حولت التعامل مع حركة فتح فى تلك المرحلة الجديدة من خلال قناة اتصال سياسى قوية، كما قلت عبر الأستاذ محمد حسنين هيكل، وهو الذى رتب لأول لقاء بين قيادة فتح والرئيس عبدالناصر.
* عندما كانت تواجهكم صعوبات كطلبة فى هذه المرحلة، هل كنتم تتحدثون إلى قياداتكم فى فتح أم مع المسؤولين فى مصر؟
- عندما كانت تحدث مشاكل فى مرحلة العمل السرى كنا نحاول حلها بشكل شرعى من خلال الاتحادات الطلابية، وبعد عام 1967 أصبح العمل علنياً وافتتح أول مكتب لحركة فتح وأصبح التعامل مع الجهتين وحسب الموضوع أو نوع المشكلة، فأحياناً كنا نلجأ لمكتب فتح وأحياناً كنا نلجأ للمصريين مباشرة وكان المناخ يسمح بذلك.
وفى ذلك لا نستطيع أن نقول إن هناك مشكلات كبيرة مع التعاطف الذى نلقاه على المستويين الرسمى والشعبى، ونحن كنا نمارس دورنا بصفتين، الأولى كطلبة والثانية كأعضاء فى حركة فتح، أى كانت لنا شريحتين.
* ماذا كان رد فعلكم على هزيمة 1967؟
- كنا فى حالة لا يرثى لها وشعرنا وقتها بأن مهمتنا أصبحت أصعب وأن المسألة أصبحت أكبر من فلسطين.
* هل عرفتم بعدها مباشرة؟
- عرفنا عندما عرف العالم العربى كله والرأى العام المصرى، وكان أمامنا امتحانات نهاية العام الدراسى، وخرجنا فى مظاهرات ضخمة.
وأذكر أننا كقيادات طلابية غادرنا أسيوط للقاهرة لنحدد موقفنا ونستوضح الرؤية وبعد مؤتمر حاشد طالبنا بفتح معسكرات التدريب وتم تسهيل تدريبنا فى معسكرات مصرية وما لم يكن مسموحاً بالأمس ونطارد بسببه من قبل السلطات أصبح لحظتها مسموحاً به.
والبعض الآخر قرر أن يلتحق بمعسكرات حركة فتح فى سوريا والبعض ذهب إلى خطوط النار مباشرة من الذين كان أن سبق لهم تلقى تدريبات عسكرية.
* هل ترك الطلبة مقاعدهم الدراسية من أجل العمل المسلح؟
- عشرات من الطلبة تركوا كلياتهم، وبعضهم كان معنا فى كلية الهندسة فى السنة النهائية وذهب للكفاح والعمل المسلح.
* هل استمرت حياتك فى القاهرة أم ذهبت لسوريا؟
- طلب منى أن أبقى للعمل ضمن مكتب فتح فى القاهرة واستمر دورى هنا فى مصر حتى زيارة الرئيس السادات للقدس، وفى ذلك اليوم عبرنا عن احتجاجنا الشديد على هذه الزيارة وعقدنا اجتماعاً فى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وصدر بيان إدانة ورفض لهذه الزيارة.
فى الوقت ذاته جاءتنا أنباء عن تقدم وزير الخارجية المصرى إسماعيل فهمى باستقالته فقمنا ثلاثة من القيادات الفلسطينية بزيارته فى منزله لدعم موقفه.
* كنت ومن معك؟
- أنا والأخ ربحى عوض ويونس الشريف.
* وماذا كان رد فعل السادات؟
- عرفنا أنه غضب من زيارتنا لإسماعيل فهمى، وأمر بترحيلنا من مصر.
* ماذا دار فى لقائكم مع إسماعيل فهمى؟
- كان الوضع حساساً وهو تحدث معنا عن موقفه وقناعاته وبدورنا عبرنا له عن دعمنا لموقفه الوطنى وكنا فعلاً معجبين بشجاعة هذا الرجل.
* وهل شمل قرار الترحيل أحد غيركم؟
- شمل الأخ جمال الصورانى ممثل منظمة التحرير فى القاهرة.
* ومتى غادرتم القاهرة؟
- السادات قام بزيارته للقدس يوم 17 نوفمبر 1977 ونحن تم ترحيلنا يوم 21 من الشهر نفسه أى بعدها بثلاثة أيام.
* وهل استمرت مكاتبكم فى القاهرة مفتوحة؟
- بعد فترة ومع استمرار النشاط استمرت قرارات الإبعاد للقيادات الفلسطينية بالتدريج من القاهرة وبعد فترة تم إغلاق مقار التنظيمات الفلسطينية بما فيها مقر الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين.
* هل لجأت التنظيمات الفلسطينية للسرية مجدداً؟
- بالطبع تم العمل على الطريقة القديمة وإخفاء جميع النشاطات والتحركات الفلسطينية ولم يعد هناك أى تحرك علنى، وتم تحويل الطلبة المكشوفين وكان عددهم كبيراً على الجامعات فى العراق ودمشق وطرابلس وغيرها لاستكمال دراساتهم.
* إلى أين انتقلت؟
- بالنسبة لى انتقلت إلى بيروت وقد انتقلت أيضاً جميع القيادات إلى بيروت حيث القيادة التنفيذية والمقر العام لقيادة الثورة آنذاك.
* إذن ذهبتم فى وقت الحرب الأهلية؟
- كانت فى أوجها وكانت الأوضاع معقدة كثيراً وصعبة، وهناك استمر دورنا فى قيادة الحركة الطلابية الفلسطينية فى جميع أنحاء العالم.
* عندما رجعتم من بيروت من التقاكم من القيادات الفلسطينية؟
- أبوعمار هو الذى استقبلنا بنفسه، وبالطبع لم يكن مرتاحاً من هذه الخطوة التى أقدم عليها السادات، لكنه فى الوقت ذاته لم يكن يريد أن نقطع العلاقة مع مصر، ولما صدر بيان منظمة التحرير الذى يرفض زيارة السادات كان هناك جدل حول هل نذيعه من خلال إذاعتنا فى القاهرة أم لا، وتمت إذاعته من القاهرة، فرد السادات بإغلاق الإذاعة الفلسطينية هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.