قالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن ما يحدث اليوم في المناطق السورية الشمالية يقلق أنقرة لا دمشق، مقاتلون أكراد يرفعون صور "عبد الله أوجلان" زعيم حزب العمال الكردستاني، ويطردون مسلحي المعارضة من قرية تلو أخرى، طامحين إلى فرض منطقة حكم ذاتي تهدد الخاصرة التركية الجنوبية. وذكرت الصحيفة أن الحكومة التركية ومعها الرأي العام التركي يراقبان الحرب الدائرة بين مسلحي "جبهة النصرة" والمجموعات الكردية التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" عن كثب، وتضع العديد من السيناريوهات لمواجهة كل الاحتمالات في المنطقة، وخاصة بعد المعلومات التي تتحدث عن مساعي الأكراد لإقامة حكم ذاتي في المنطقة الكردية السورية بعد طرد جميع مسلحي "النصرة" منها. وأضافت الصحيفة أن أنقرة تدعم ما يسمي ب"الجيش الحر" وجماعة "النصرة" من جهة، ودخلت في حوار استراتيجي مع حزب "العمال" من جهة أخرى، بهدف حل المشكلة الكردية في سوريا، وسعت أنقرة إلى حضّ أكراد سوريا على التمرد على النظام في دمشق، حيث أدت دورا أساسيا مع قطر في انتخاب الكردي "عبد الباسط سيدا"، رئيسا للمجلس الوطني السوري، وبعد ذلك الكردي "غسان هيتو" رئيسا للحكومة السورية المؤقتة. وتابعت الصحيفة أن أنقرة أدت دورا مهما في نجاح مسلحي "النصرة" بالسيطرة على مدينة "الرقة"، حيث تحدث الإعلام التركي قبل ذلك عن العديد من الاجتماعات السرية لرؤساء العشائر والجماعات المسلحة في مدينة "أورفا" الحدودية مع سوريا. وقالت الصحيفة إن الجميع يعرف أن غالبية مسلحي الجماعات الجهادية الأجنبية، قد دخلت سوريا عبر الحدود مع تركيا، وبدعم وحماية وتسليح من الجانب التركي، الذي تحول إلى طرف أساسي في المعادلة السورية منذ بدايتها. وذكرت الصحيفة أن تركيا ستواجه العديد من المشاكل مستقبلا، لأن "النصرة" لا ولن تأتمر بأوامر أنقرة، التي إن فشل حوارها مع "عبد الله أوجلان" ستواجه الأمرّين من الأكراد بعد سيطرة الاتحاد الديمقراطي الكردي على المنطقة الكردية السورية، وهو ما سيرفع من معنويات أكراد تركيا ويستقوون أساسا بالكيان الكردي المستقل في شمال العراق. ودعا "مسعود البرزاني" رئيس إقليم كردستان العراق، جميع الأحزاب والمنظمات الكردية في سوريا والعراق وإيران وتركيا إلى مؤتمر قومي كبير في "أربيل"، لتقرير مصير "الأمة الكردية" في المنطقة، وهو الموضوع الذي سيضع كل دول المنطقة أمام تحديات مهمة وصعبة، وخاصة إذا استمر الوضع على ما هو عليه في سوريا. وسيدفع ذلك حكومة "أردوغان" إلى مزيد من التورط في مستنقع الشرق الأوسط بكل معطياته ومعادلاته المعقدة، التي كان الأتراك بعيدين عنها طوال السنوات الماضية.