رغم معارضة بعض الشخصيات الكردية المقاتلة للحل الدبلوماسي للمسألة الكردية ورفضها رمي السلاح في إطار أي تسوية يمكن أن تأتي عقب مفاوضات مع عبد الله أوجلان زعيم المتمردين الأكراد، إلا أن الأخير يبقى المفتاح الأساسي للقضية وله كلمة الفصل. فقد أحرزت السلطات التركية "تقدماً مهماً" في محادثات مع عبدالله أوجلان، سعياً إلى إنهاء الصراع الذي راح ضحيته عشرات الآلاف على مدى ثلاثة عقود.
هذا وقد أبدى حزب "السلام والديمقراطية" الكردي وهو الجناح السياسي لحزب "العمال الكردستاني"، تفاؤله بنتيجة الزيارة التي أجراها اثنان من قادته، هما احمد ترك وأيله اكاط، لزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان في سجنه، والتي استعرضت مضمون لقاء جمع اوجلان مع مسئولين في الاستخبارات التركية من أجل رسم خريطة طريق لحل القضية الكردية، بدءاً بنزع سلاح "الكردستاني"، كما تأمل حكومة حزب "العدالة والتنمية".
نتائج ايجابية
وقالت النائب في الحزب الكردي بريفان بولدان ان احمد ترك شرح بحماسة لقادة الحزب ما دار بينه وبين اوجلان، مما عكس النتائج الايجابية للحوار، ملمحة الى ان الحزب سيعقد مؤتمراَ صحفياً اليوم او الاثنين لإلقاء الضوء على ما اسمته "مرحلة جديدة".
وكتب هاكان أكضوغان المستشار السياسي لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، في صحيفة "ستار" مقالاً اوضح فيه ان "تطلعات الحكومة من الحوار مع اوجلان، لا تتوقف عند نزع سلاح الكردستاني، بل الى التوصل الى حلّ جذري للقضية الكردية وإغلاق الملف بالكامل".
وأكد ان الحكومة استعدّت جيداً هذه المرة للسير في طريق الحل النهائي وانجازه بالكامل، لكنه استدرك بأنه "يجب التنبه إلى عقبات تتمثل في اختبار سلطة اوجلان على الجناح العسكري لحزبه، وإذا كانت سارية المفعول عملياً، ووجود جماعات سورية وعراقية في الكردستاني قد لا يعنيها حل القضية في تركيا، وتفضل الاستمرار في العمل المسلح وقطع الطريق على أي حل سياسي".
أوجلان والزعامة
وفي هذا الإطار أفادت وسائل اعلام بأن "اوجلان اكد في رسالة نقلها زواره الى الجناح العسكري في الكردستاني على زعامته، وأنه هو من يقرر نزع سلاح الحزب أو مواصلة النهج العسكري".
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن خريطة الطريق التي جرى الاتفاق عليها تشمل وقف الطرفين إطلاق النار لشهور، وبعده انسحاب العناصر المسلحة من تركيا إلى شمال العراق، ثم إطلاق حل سياسي للقضية الكردية بالتزامن مع توفير ملجأ لقيادات "الكردستاني"، وإصدار عفو عن معتقلين لم يشاركوا في القتال وإطلاق مئات من السجناء الأكراد، وصولاً إلى إيجاد صيغة توفيقية من أجل قانون للإدارة المحلية يشمل كل تركيا، وليس المناطق الكردية فقط.
خيانة وطنية
في المقابل، انتقد حزب "الحركة القومية" دخول حكومة اردوغان للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية في مفاوضات مع أوجلان.
وقال النائب اوكطاي فورال إن "الحكومة رفعت راية الاستسلام أمام الكردستاني، وقرر أردوغان بيع تركيا وتقسيمها" ، معلناً رفض حزبه كل ما تسرب عن وجود خطة لحل القضية الكردية عبر الحوار مع الزعيم المسجون.
واتهمت قيادات حزب الحركة القومية، رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، بالخيانة الوطنية لمباحثاته السرية مع زعيم الكردستاني عبد الله أوجلان والتحالف مع الزعيم الكردي مسعود البرزاني.
يأتي ذلك فيما أيّد حزب "الشعب الجمهوري" ، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان ، مباحثات الحكومة مع أوجلان، لكن بشرط أن تحل المشكلة الكردية من دون المساس بوحدة الأمة والدولة التركية.
وأعلن حزب الشعب الجمهوري الاتاتوركي انه "لن يقطع الطريق على الحكومة لحل القضية الكردية، وأنه ليس ضد التفاوض مع اوجلان، لكنه يفضل اجراء الحوار عبر البرلمان وليس الحكومة وحدها، من اجل الاتفاق على الصفقة السياسية التي يمكن تقديمها".
وكان كبير مستشاري رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، يالجين أكدوغان، قال الأحد، إن السلطات تجري محادثات مع أوجلان لإقناع حزب العمال الكردستاني بتسليم سلاحه ووقف العنف. وقال أردوغان قبل أيام أن الإستخبارات التركية استأنفت المحادثات مع أوجلان. ويقضي أوجلان عقوبة السجن مدى الحياة في جزيرة إيمرالاي في بحر مرمرة. يشار إلى أن حزب العمال الكردستاني يعتبر منظمة "إرهابية" في تركيا والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
مفتاح القضية الكردية
من جانبه أعلن رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركية هاكان فيدان، أن زعيم حزب "العمال الكردستاني"، عبد الله أوجلان، عنصر مهم ومفتاح القضية الكردية، وأقرّ بضرورة استمرار الحوار معه.
وجاءت اعترافات فيدان، المكلّف من قبل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الحوار مع أوجلان، مع استمرار تصريحات المسئولين الأتراك على مستويات مختلفة، فيما يتعلق بأهمية الحوار مع أوجلان باعتباره صاحب الكلمة الأولى والأخيرة لإنهاء المشكلة الكردية، حيث سمحت السلطات الحكومية لأول مرّة لاثنين من أعضاء البرلمان عن حزب "السلام والديمقراطية"، بزيارة زعيم الكردستاني الموجود في سجن أيمرالي وسط بحر مرمرة منذ 13 عاماً.
وكانت المعلومات الصحفية قد تحدثت عن شروط أوجلان لحلّ المشكلة الكردية، ومنها تحسين ظروفه المعيشية في سجن أيمرالي وإصدار عفو عام وشامل على جميع قيادات وعناصر وأنصار وأتباع الحزب الموجودين داخل وخارج تركيا والاعتراف بالهوية الكردية دستورياً، وأخيراً منح الأكراد حكماً ذاتياً جنوب شرق البلاد.
اختيار التوقيت
إلى ذلك، أشارت المصادر الدبلوماسية إلى أهمية التوقيت الزمني لتحركات الحكومة في موضوع حزب العمال الكردستاني، وقالت إن ذلك يصادف تطورات الوضع السوري واحتمالات الحرب الأهلية هناك، بحيث سبق لأنقرة أن عبرت عن قلقها من احتمالات سيطرة أكراد سوريا على المناطق الشمالية الشرقية من سوريا والمتاخمة لجنوب شرق تركيا حيث يعيش الأكراد أيضاً.
وكانت المعلومات قد تحدثت عن مساعي الحكومة التركية للحوار مع الأحزاب الكردية السورية، ومنها حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردستاني" المتضامن مع حزب "العمال الكردستاني" التركي، في محاولة منه لكسب هذه الأحزاب إلى جانب مشاريعها الخاصة بسوريا، ولعب رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، والرئيس العراقي جلال الطلباني، دور الوساطة بين أنقرة والأحزاب الكردية التي جمع البرزاني قياداتها في أربيل الشهر الماضي.
وفي السياق، أشارت الأوساط السياسية إلى دعم واشنطن للتحرك التركي الجديد في موضوع حزب "العمال الكردستاني" والقضية الكردية عموماً. وقالت إن زيارة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، لواشنطن بداية الشهر المقبل ستقرر مصير العديد من الخطط التركية الخاصة بأكرادها وأكراد المنطقة، عبر التنسيق والتعاون مع واشنطن وحيلفاتها في المنطقة، وفي مقدمتها إقليم كردستان العراق، ورئيسه مسعود البرزاني. ويقول الإعلام التركي إنه الحليف الاستراتيجي الجديد لأنقرة، في ما يتعلق بحساباتها الخاصة بالعراق وإيران وسوريا أيضاً. مواد متعلقة: 1. «صحيفة»: مزاعم عن لقاء رئيس المخابرات التركية بأوجلان 2. أوجلان يدعو مؤيديه لإنهاء إضرابهم عن الطعام 3. تركيا تعترف ببدء حوار مع الزعيم الكردي اوجلان