مَولاي إنّي ببابك قد بَسطْتُ يَدي مَن لي ألوذ به إلاكَ يا سَندي؟ أقُوم بالليل و الأسحار سَاجيةٌ أدعو و هَمسُ دعائي.. بالدموع نَدى بنُور وجهك إني عائذ وجل ومن يعزّ بك لَن يَشقى إلى الأبد مَهما لقيت من الدنيا و عَارضها فَأنت لي شغل عمّا يَرى جَسدي تَحلو مرارة عيش في رضاك و مَا أطيق سخطًا على عيش من الرغد من لي سواك؟ ومن سواك يرى قلبي؟ و يسمَعُه كُل الخلائق ظل في يد الصمد أدعوك يَاربّ فاغفر ذلّتي كَرماً و اجعَل شفيع دعائي حُسن معُتَقدي وأنظر لحالي..في خَوف و في طَمع.. هَل يرحم العبد بعد الله من أحد؟ بهذه الترانيم تسمو أرواحنا إلى عنان السماء من ألحان عبقري الموسيقى العربية بليغ حمدي، وإنشاد صاحب الصوت الملائكي النقشبندي، أو ما عرف ب "أستاذ المداحين". والشيخ سيد محمد النقشبندى هو أشهر المنشدين والمبتهلين فى تاريخ الإنشاد الدينى. ولد النقشبندى بقرية دميرة التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية 1920، انتقلت أسرته إلى مدينة "طهطا" فى جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره. وفى "طهطا" حفظ القرآن الكريم وتعلم الإنشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة النقشبندية، وكان ذا قدرة فائقة في الابتهالات والمدائح حتى صار صاحب مدرسة، ولقب ب "الصوت الخاشع والكروان"؛ بسبب لحنه الملائكي وصوته الذي يرتقى بك إلى السماء. سافر إلى مدينة طنطا، وهناك ذاع صيته كقارئ ومنشد دينى، دخل الإذاعة عام 1967م، وترك للإذاعة ثروة من الأناشيد والابتهالات، إلى جانب بعض التلاوات القرآنية لدى محبيه، كرمه رئيس مصر الراحل محمد أنور السادات عام 1979م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته، بثلاث سنوات، حيث لقى ربه في فبراير عام 1976 عن عمر يناهز السادسة والخمسين، كما كرمه الرئيس حسنى مبارك بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى بعد وفاته أيضاً. كان النقشبندى قارئًا للقرآن فى محافظة الغربية بدلتا مصر، واشتهر بالابتهالات الدينية بين محافظات تلك المنطقة، وذاع صيته، وكان محافظ الغربية يحرص على دعوته في السهرات الدينية والاحتفالات الصوفية؛ ليحييها بإنشاده الدينى، ثم تجاوزت شهرته الحيز الإقليمى إلى عموم مصر والعالم الإسلامى رغم أن هذا حدث متأخرًا، فقد تعرفت عليه الإذاعات عندما أحيا إحدى الاحتفالات الدينية فى مسجد الحسين بالقاهرة. ثم ازدادت شهرته عندما بثت الإذاعة المصرية عملاً تحت اسم "الباحث عن الحقيقة سلمان الفارسى"، حيث أدى النقشبندى قصائد العمل. وترك النقشبندى تراثًا كبيرًا من الإنشاد ما زالت غالبية الإذاعات العربية تذيعه خاصة فى رمضان، وله بعض الابتهالات باستخدام الموسيقى، ولحن له بليغ حمدى أكثر من ستة أعمال. وعلى اتساع شهرته وتجاوزها مصر للعالم الإسلامى تلقى دعوات من الدول الإسلامية، مثل دول الخليج وسوريا وإيران وعدد من دول المغرب واليمن. وفى الستينيات ذهب لأداء عمرة، وشدا بصوته ابتهالاته وأناشيده، وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين من الدول التى زارها. وصف الدكتور مصطفى محمود في برنامج "العلم والإيمان" الشيخ سيد النقشبندي بقوله إنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد، وأجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ الجليل من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني. ومن أشهر ابتهالات "النقشبندي "جل الإله، أنت في عين قلبي، يارب دموعنا، حشودنا تدعوك، بدر الكبرى، ربنا، ليلة القدر، أيها الساهر، سبحانك يا رب، رسولك المختار، مولاي، أغيب، يارب إن عظمت ذنوبي، النفس تشكو، ربّ هب لى هدى".