أكد أحمد بلال، عضو المكتب السياسي بحزب التجمع، على اختلاف التعامل بين كلاً من مصر وأثيوبيا في أزمة مياه النيل، وفي إدارة ملف أزمة الاتفاقية الإطارية، بشكل كبير، موضحاً أن الأخيرة لجأت إلى الرهان على الحاضر والأمر الواقع والطموح، فيما لجأت مصر إلى التاريخ، بالاستناد على حقوقها التاريخية في مياه النيل، دون أن تهتم بالحاضر ولا حتى بمستقبل علاقاتها بدول الحوض. وقال بلال في تصريحات خاصة ل"البديل"، "على مدار سنوات كان محصلة هذه المعادلة تساوي صفراً، إلا أن تطوير إثيوبيا للطريقة التي تدير بها الأزمة، جعل المعادلة في السنوات الأخيرة تميل لصالح إثيوبيا، وهو ما ظهر في نجاحها في إقناع خمس دول بالتوقيع على اتفاقية الإطار". وأضاف بلال، أن إثيوبيا انطلقت في إدارتها للأزمة من منطق الضعيف، الذي يواجه قوة إقليمية كبيرة في القارة السوداء والوطن العربي، خاصة في مرحلة الستينيات، إلا أنها نجحت مدعومة من إسرائيل في تطوير نفسها، وإظهار نفسها كقائد لدول المنبع، وند لمصر، التي فضلت أن تتحصن باتفاقيات تم توقيعها في عهد الاستعمار. وتابع "نجحت إثيوبيا في الحصول على دعم إسرائيلي في العديد من المشاريع التنموية ومشاريع السدود ومشاريع الري، في مقابل القبول بتواجد عسكري واستخباراتي إسرائيلي على أراضيها، وبذلك ضربت نموذجاً لبقية دول المنبع الفقيرة، في أنه من الممكن الحصول على دعم لإقامة سدود تمكن هذه الدول من زيادة حصتها من مياه النيل، وهو الأمر الذي سهل لأثيوبيا إلى جانب عوامل أخرى قيادة هذه الدول ضد مصر". وأشار بلال إلى أن إثيوبيا استغلت سياسة التعالي التي اتبعها النظام المصري، ومازال، مع الدول الإفريقية في زيادة غضب وحالة التمرد لدى أنظمة هذه الدول، المرتبطة بعلاقات وثيقة هي الأخرى بإسرائيل ضد مصر، كما استغلت "تمترس" مصر خلف اتفاقيات تم توقيعها في عهد الإستعمار، في استفزاز الشعور الوطني لمواطني هذه الدول، حيث أكدت أن هذه الاتفاقيات تنتقص من سيادة دولهم. وأكد القيادي بحزب التجمع، أن مصر يجب أن تتعامل مع الأمر بنفس العقلية على أرض الواقع، عبر العمل على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي لدول إفريقيا، والتوجه لها بمشاريع تنموية وثقافية وتجارية، تعكس لهذه الدول مدى اهتمام مصر بها، وهو الاهتمام الذي يجب أن يكون له ما يمثله في أجهزة الدولة، مثل وزارة للتعاون الأفريقي، كما يجب التخلي عن نظرية الاستفادة الأحادية من هذه الدول عند التعامل معها، وتأسيس علاقات جديدة على أساس الاستفادة المتبادلة فى التعامل مع الدول الأفريقية بشكل عام ودول حوض النيل تحديدًا، مشدداً على ضرورة عمل تعاون مع جامعات ومراكز بحثية، وتوثيق علاقات مصر بقطاع من النخبة في هذه الدول ينتصر لحق مصر في مياه النيل، وأيضاً عبر مد علاقات قوية مع القبائل المختلفة، ومع المجتمع المدني في هذه الدول. وأنهى بلال كلامه قائلاً "يجب أن تدرك مصر أن الحديث عن (حقوق تاريخية) في المياه دون أن تقدم أي بدائل أو مبادرات لحسن النية لدول حوض النيل، يجعلها تظهر في نظر هذه الدول، كدولة مُستعمرَة، وهو ما ينعكس بالسلب على علاقة هذه الدول بمصر، الأمر الذي على مصر أن تتخلى عنه, فعلى مصر أن تستعيد قواها الناعمة في أفريقيا، وأن تستعيد الدبلوماسية المصرية وضعها في القارة، وأن تستخدم الاستثمارات الخليجية في إثيوبيا كورقة ضغط على أديس أبابا، لا أن تهمل الأمر ليحدث العكس".