تلك هي القاعدة الأولى في تنظير الضحك كما قررها « هنري برجسون » أي أننا حتى لو ضحكنا من تصرف حيوان ما فذلك لإتيانه فعلاً أو تعبيراً إنسانيا ً . و السخرية هي الفعل المؤدي للضحك ، و تنوعت أشكال السخرية منذ قديم الأزل في التقليد أو الحكي عن أشخاص هم في الغالب شخصيات عامة كحكام أو ملوك أو وزراء أو مشاهير القوم ، فدائماً ما كانت تسخر الشعوب من حكامها و ليس العكس ، فالشخصية تكون مضحكة بقدر ما تجهل عن نفسها لذلك تكون الشخصيات العامة في أي مجتمع أكثر عرضة للمراقبة و اكتشاف العيوب التي تأتي من حركة أو تصرف أو قول لا يشعر به صاحبها و تطورت هذه السخرية في مصر لتصبح « النكتة » و أبدع فيها الشعب المصري حتى صارت من أهم أسباب شهرة المصريين في الخارج ، و نسج المصريون النكتة بكافة أشكالها و قصصها و سيناريوهاتها على الحكام و معاونيهم من كثرة ما لاقوا من ظلم و تجاهل من إدارات الحكومات المختلفة حتى أصبحت نوعاً من ( القصاص ) النفسي الذي يمارسه الشعب على حاكمه أو المرؤوس على رئيسه . و النكتة تكلف من الوقت الكثير لتأليفها و حبكها درامياً حيث الظهور المتباعد للشخصيات العامة التي تعود المصري السخرية منها و صعوبة مراقبة السلوكيات و التصرفات ، بالإضافة لاعتمادها على أسلوب الحكي و التمثيل أحياناً الأمر الذي أدى لظهور مصطلح « آخر نكتة » حيث كان هذا أول ما يتساءل به الرفاق إذا اجتمعوا في حوار بعيدا عن العمل ثم ما يستتبع تلك النكات من (إقيهات ) أو( قفشات ) تعلق على مضمون النكتة أو معانيها الضمنية أو كما كان يعلق البعض بمصطلح ( القافية حكمت )فتزيد الأمر بهجة و نشوة بانتصار حققه صاحب النكتة أو القفشة على بطل النكتة فيعطي ذلك شعور بالارتياح . تداول النكتة في الغالب كان يتم عن طريق الاتصال المباشر حين يجالس الأصدقاء أو الزملاء بعضهم ، أو عن طريق المونولوجيست الذي يقوم بإالقاء النكت على السهارى في مكان أو حفل ما .. و تطور الأمر بعد ذلك لتصدر شرائط الكاسيت تحوي مونولوج او أكثر و معه أحدث النكات . مؤخراً .. تضاءلت صناعة النكتة في مصر و حل محلها « الألش » الذي هو التطور الطبيعي لكل من ( الإفيه و القفشة و القافية ) و «الألش» هو تعليق مضحك على كلمة أو موقف أو تصرف .. و كثيراً ما يأتي الألش في كلمات متشابهة النطق متباعدة المعاني و من أهم أسباب ظهوره و انتشاره كبديل للنكتة * انتشار وسائل التواصل الأمر الذي أدى إلى سرعة وصول و انتشار القصص المدعاة للسخرية و كذلك الصور و مقاطع الفيديو .. * الظهور الفج المتكرر و المستمر لهؤلاء الجالبين على أنفسهم ويلات الألش المستمر و اصطياد أخطاءهم . * تلاحق الأحداث الذي لا يتوفر معه وقت لصناعة نكنة محبوكة درامياً * اتاحة الفرصة في رد من خلال المواقع الالكترونية و مواقع التواصل التي تمنح فرصة لوصول الألشة للمألوش عليه فتعطي شعور بالانتقام المتاح و المباح بلا ردع أو عقوبة (الرغبة في القصاص .. القصااااص ) * ( الفضا ) .. أيوة .. الفضا .. الفراغ .. البطالة التي خلفتها الإدارة السيئة للبلاد و ازدياد الرغبة في تحقيق ( قصاص ) حتى لو بمجرد «ألشة » .