اكتست شوارع الإسكندرية مساء أمس حلة من السواد الحالك، بعد أن انقطع عنها التيار الكهربائي، وأصبحت مصابيح السيارات هادي السائرين الوحيد في دروبها وشوارعها المعتمة. يأتي ذلك وفق التقليد المعتاد الذي ألفته المدينة - ومعظم مدن مصر بلا شك - منذ عهد النظام السابق، فالشعب المصري تتوارثه حكومات تعمد في أوقات الامتحانات إلى الإكثار من قطع التيار الكهربائي، وكأنهم يحاربون طلاب المدارس والجامعات، فيقللون ساعات استذكارهم، ويعملون على تدمير أعصابهم وأعصاب أسرهم معهم. ولأن لم يكن الأمر جديدا على قاطني الإسكندرية والذين اعتادوا الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي طيلة الأعوام السابقة مع قدوم فصل الصيف, ولكن اختلف الامر هذا العام بسبب تزامن بدء انقطاع التيار الكهربائي مع مواعيد امتحانات طلاب المدارس والجماعات وهو ما زاد من سخط المواطنين في البيوت وخلق شعور سئ في وقت يحتاج فيه الطلاب إلى راحة وصفاء الزهن للمراجعة النهائية قبل ساعات من بدء امتحاناتهم. وقد استمرت ساعات قطع التيار الكهربائي أمس لما يقارب 6 ساعات مقسمة علي فترتين, الأمر الذي أشعل سخط المواطنين، وراح عدد منهم يتبنى التعبير عن الاعتراض داعيا إلى التجمع في منطقة سموحة وقطع الطريق أمام نادي سموحة الرياضي، بوصفها المنطقة التي دائما تشهد انقطاعا مستمرا للتيار. أما أصحاب المحلات، فلم يكن لديهم الوقت للتفكير في الاعتراض، بل انصب تفكيرهم على كيفية تعويض ساعات الإظلام والإبقاء على فرص عرض وبيع بضائعهم، فلجأوا إلى المولدات الصغيرة التي يتراواح سعرها من 800 جنيه إلى 1200 جنيه, وهو مبلغ زهيد بالمقارنة مع الخسائر التي تعود علي أصحاب المحلات بشكل يومي جراء تكرار انقطاع التيار. وقال خالد علي - صاحب محل ملابس, إنه لم يجد بديلا عن شراء أحد مولدات الكهرباء بعد تزايد فترات انقطاع الكهرباء، وتحديدا من السادسة مساء إلى العاشرة مساء، معتبرا أن هذا الوقت هو الأهم والأكثر تواجدا للزبائن, وهو ما يهدد عمله. وأوضح أن التكلفة التي يتكلفها المولد الكهربائي أوفر بكثير من الكهرباء العادية التي عادة ما تأتي بأرقام فلكية لزيادة الضرائب عليها، على عكس المولد الذي لا يستهلك الكثير من الغاز. من جانبه، حمل الدكتور حسن البرنس - القيادي الإخواني ونائب محافظ الإسكندرية, في تدوينة على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" النظام السابق مسئولية انقطاع التيار الكهربائي، حيث إن القائمين على وزارة الكهرباء أرجعوا الانقطاع إلى نقص إمدادات الغاز الطبيعي إلى محطات التوليد، وهو ما اعتبره نتيجة لسياسات النظام السابق التي أدت إلى بيع الغاز الطبيعي وحرمان الشعب المصري منه، وقال "البرنس: "لن نسامح من استنزف حقول الغاز المصرية وباعه ببلاش". ومن جانبه قال المهندس محمد علي بكر - رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء الإسكندرية, إن قطع التيار الكهربائي بدأ من أول أمس واليوم، ومستمر إلى الغد، معللا ذلك بتوقف عدد من المحطات بسبب نقص الغاز الطبيعي, مؤكدا أن الشركة تتلقى إخطارا من غرفة التحكم القومي بالقاهرة بعدد الميجاوات المطلوب تخفيضها. وأوضح بكر أن الإسكندرية مقسمة إلى 28 مجموعة يتم قطع التيار الكهربي عنها بالتناوب, مشيرا إلى أن هناك مناطق واقعة في نطاق مرافق عامة لا يمكن فصل التيار الكهربائي عنها، وأكد أنه تلقى بالأمس اتصالا من شقيق وزير الكهرباء يخبره أن التيار قد فصل عنهم مرتين، فأخبرته أنه من الممكن أن يفصل للمرة الثالثة!