حمل العديد من متظاهري التحرير أمس والمشاركين في جمعة "الإخوان جوعونا"، صورًا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بشكل كبير ومثير للغاية، وفي إطار هذا "البديل" تتساءل عن دلالة ظهور صور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميادين مصر المختلفة وبمختلف محافظاتها؟ ولماذا ازدادت شعبية "عبد الناصر" بعد وصول الإخوان إلى الحكم؟. حول هذه التساؤلات، أوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، قائلاً إن الرئيس عبد الناصر من القادة المشهورين والمحبوبين أيضًا بدول العالم الثالث، وهذا أمر عادي أن تنتشر صوره بهذا الحد الكبير. وأضاف إلى ذلك أن الشئ الثاني يتمثل في أن عبد الناصر كان عدو الإخوان، وأشار أنهم في عيد العمال أقروا أن الرئيس عبد الناصر عذب الإخوان وهذا لم يحدث على الإطلاق، ولكن لأنهم لم يحققوا أي إنجازات وهذا الرئيس صاحب ثورة اجتماعية واقتصادية قوية منها إلغاء الملكية والتأمين الصحي والتعليم المجاني وحق المرأة في التصويت والترشح للانتخابات، وتساءل عن إنجازات الثورة والإخوان؟. وأشار في حديثه أن المتظاهرين يريدون أن يسقطوا حكم الإخوان والنقيض لهم هو الرئيس جمال عبد الناصر لذا فهم يستخدمون هذا الأسلوب كسلاح للمعارضة. وقال دكتور حسنين كشك، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للشئون الاجتماعية والجنائية، إن ظهور صور عبد الناصر في ميادين مصر يؤكد أن هناك حركة سياسية ناصرية في مصر، وهي كانت متواجدة من قبل ثورة 25 يناير، ويعبر عنها حزب العربي الناصري وحزب الكرامة، ولكن بعد الثورة تتمثل في التيار الشعبي وأنصارهم. وأشار أيضًا إلى الإصلاحات الاجتماعية التي توجه إليها عبد الناصر حول تفعيل العدالة الاجتماعية والملكية والتعليم المجاني والتأمين الصحي. وهذه نوع من أنواع البراهين التي أدت إلى زيادة شعبية عبد الناصر في ظل عدم تحقيق الإخوان بأي من تلك الإنجازات. وأوضح أن صور جمال عبد الناصر المرفوعة في ميادين مصر ليست لها علاقة بالعداء مع الإخوان، فهي كانت مرفوعة في العديد من ميادين مصر وبعد الثورة وقبل حكم الإخوان، والرئيس عبد الناصر رحل فكيف نبحث عن شعبيته بعد رحيله ب42 عامًا؟. وأوضح الدكتور عادل سليمان، مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية، أن الانتشار الواسع لصور عبد الناصر، أن من يشاركون في المظاهرات ينتمون للحزب العربي الناصري، وبالتالي أمر طبيعي أن يحملوا صور الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أما عن باقي التيارات الأخرى والذين حملوا صورًا أيضًا للرئيس عبد الناصر لأنهم يتصوروا أنهم بذلك يستفزوا الإخوان باعتبار أن الإخوان لهم عداء مع عبد الناصر وهذا ما يسمى ب"المكايدة السياسية" نتيجة فترة المراهقة التي نعيشها. الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر ورئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، قال إنهناك أكثر من تفسير لرفع صورة الرئيس جمال عبد الناصر في المظاهرات والأمر الأول يرجع منذ قيام ثورة 25 يناير، والسبب الرئيسي هو أن ثورة 25 يناير لم تخرج زعامات كبيرة منها تلتف حولها الشعب المصري مثل عبد الناصر، فهو يعتبر أكبر زعامة في التاريخ المعاصر، والأمر الثاني هو فشل نظام الحكم بعد 25 يناير في تحقيق العدالة الاجتماعية التي كانت من أهم الأسباب وراء خروج قطاعات كبيرة من الشعب المصري للمشاركة في ثورة 25 يناير، وهذا أدى إلى أن الناس تتذكر بشكل أكثر "عبد الناصر" لاهتمامه بمشروع العدالة الاجتماعية، والأمر الثالث هو أن هناك قطاعات أخرى من المصريين نتيجة خلافهم الحاد مع الإخوان رفعوا صورة عبد النصر لمقدرته على مواجهة الإخوان. وأضاف أن رفع صور عبد الناصر هو نوع من أنواع المكايدة للإخوان نتيجة للخلافات السابقة بينهم وبين عبد الناصر، موضحًا أنها كانت خلافات عميقة مثل مفهوم العدالة الاجتماعية والاشتراكية والطبقة الوسطى، كما أن عبد الناصر كان يندد بأن دخول الدين في السياسة كان مرفوض. فيما أكد دكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية أداب جامعة دمنهور، أنه لاشك أن عبد الناصر من أبرز الزعماء في التاريخ المصري، لأنه انحاز للقاعدة العريضة من الجماهير وفي وقت الأزمات والانتكاسات، ونحن كمجتمع شرقي نستدعي مثل هذه الرموز لكن لا يمكن إعادة تكرار تجربة عبد الناصر، ولا يمكن إعادة تكرار نموذج عبد الناصر نفسه، لأن الظرف التاريخي مختلف تمامًا. وأوضح أن انتشار صور الرئيس الراحل هو نوع من الحرب النفسية ضد الإخوان، لأن عبد الناصر أكثر شخصية نجحت في أن تحجم الإخوان، وأكثر شخصية نجحت في أن يوجه ضربات كثيرة ومتعبرة ضد الإخوان. وتابع إذا لجأنا لتقييم إنجازاته فلديه إنجازات كبيرة مقارنة بعدم وجود أية إنجازات للإخوان، كما أنهم يسلبون مصر كل مزاياها التاريخية.