سألني سائل عدة أسئلة تتعلق بحالة الإخوان المسلمين اليوم وهم في السلطة، وعن الصراع الدائر في الشارع، واستمرار المظاهرات والمليونيات ولو على فترات متباعدة، وظهور حركة "تمرد" وحركة "تجرد"، وغيرها من الحركات والمجموعات أو الفرق. قلت للسائل هناك عدة أسباب لذلك المنظر اليوم في مصر، أولها: أن الجماعة لم تحترم الثقة التي أولاها إياها الشعب، وكانت ثقة الشعب كبيرة ومحترمة، ظهرت في تأييد الشعب للدكتور محمد مرسي ضد الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية، وظهرت في استقبال مرسي في ميدان التحرير، وظهرت في دعم بعض القرارت التي اتخذها، لكن هذا الدعم توقف بسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي في 21 نوفمبر الماضي. وثانيها:: عدم الوفاء بالوعود، وهذه مشكلة كبيرة جداً، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال:"إن الراعي لا يكذب أهله". والوفاء بالوعود سمة من سمات الإيمان، وعدم الوفاء به سمة من سمات النفاق(آية المنافق ثلاث) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها إذا وعد أخلف. وثالثهما: لمس الشعب أن الثورة فقدت مسيرتها بسرعة الانتقال إلى بناء النظام السياسي والديموقراطي من برلمان وغير ذلك. ورابعهما: دخول الإخوان في حالة صراع، وهذا لم نره في تاريخ الإخوان، ومن ذلك الصراع الذي دار في ميدان التحرير ب"جمعة الحساب"، والصراع الذي دار أمام قصر الإتحادية، والصراع الذي دار بالمقطم أمام مكتب الإرشاد، وكذلك الصراع في جمعة القضاء، كل هذه الصراعات تستنزف قوة الإخوان، إسلامياً وشبابيا، ويقضي ذلك المنظر على إنجازات الإخوان في الدعوة وفي التربية. وخامسها: التركيز على العمل السياسي أكثر من الدعوي والرغبة في السيطرة، والتركيز على أهل الثقة، على الرغم من أهل الثقة وحدهم، لا يكفوا لنجاح الدكتور مرسي. وسادسها: اعتماد الإخوان على عدم وجود بديل لهم، وهذا حقيقي إلى حد كبير، فالشعب المصري محب للاسلام، ويصوت للمسلمين. والبديل لم يصل بعد إلى قلوب الشعب. هذه الأسباب كلها أدت في ظني إلى الأزمة بين الإخوان والشعب المصري. وفي المقال القادم نتناول الأسباب من جهة المعارضة بمشيئته تعالى. ثم سألني الرجل نفسه كذلك عن الفرقة الناجية، فقلت له إن الفرقة الناجية في فهمي الوسطي وهو ما ذكرته مراراً من قبل عن كثير من أهل العلم، هو ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: "وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا من هى يا رسول الله؟ قال ما أنا عليه وأصحابي كما في حديث عبد الله بن عمرو الترمذي. ولا يعني ذلك أن الموجودين في الإخوان ككل أو المجموعة هم الفرقة الناجة، فأين سيذهبون بالسلفيين؟ وأين نذهب بالسلفية الجهادية وبأهل الجهاد والجماعات الإسلامية؟ وأين يذهبون بالأحزاب التي تسمى نفسها إسلامية؟ وأين يذهبون بالجمعية الشرعية وأنصار محمد وغيرهم، وأين يذهبون بأتباع المذاهب العديدة؟. وبالمناسبة إن الناس يسيئون فهم الفرقة الناجية وبعضهم يظن أنها مجموعة من الناس لهم طعم معين ولون معين ولبس معين وغير ذلك أو يندرجون في جماعة معينة بالاسم؟ وهذا الفهم خاطئ، لأن الفرقة الناجية هى كل من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأدى أركان الإسلام، ولم يدخل على إسلامه ناقض من نواقض الإسلام. والحديث المشهور في افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة شاهد على ذلك فعن معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنهما أنه قال:"ألا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: ألا إن من قبلكم من ؟أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهى الجماعة. فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة". وهناك تفسيرات أخرى في مذاهب أخرى. والله تعالى وحده أعلم بالفرقة الناجية فرداً فرداً وإن كانوا في جماعات متفرقة. والله الموفق