"عقيدتي" معك في دار الافتاء. ترصد بعض استفسارات المسلمين في جميع القضايا المطروحة وتنقل ردود الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية * في سؤال لدار الافتاء يقول صاحبه: ينتمي كثير من الشباب إلي فرقة تقول بأنها الوحيدة التي تسير علي نهج السلف الصالح وعلي الطريق المستقيم. وترمي كل من يخالفهم بالعمالة والكفر والزندقة. حتي العلماء لم يسلموا منهم. حيث يتهجمون علي عقيدة الأزهر وعلمائه ويرمون الأشعرية بالابتداع.. فما رأيكم في هذه الجماعة وفيما يقولونه: من اطلاق اللحية. وتقصير الثياب. وتبديع القنوت في الفجر وغير ذلك؟ التحليل ** يجيب د. علي جمعة مفتي مصر: فإن الإنكار علي عامة المسلمين وعلمائهم في الأحكام التي يتسع فيها الاختلاف وتعدد فيها الآراء لهي من أعظم البدع التي ابتليت بها الأمة الإسلامية في العصر الراهن. والمنهج الصحيح الذي درج عليه علماء الأمة وعامتها هو الأخذ بأقوال العلماء المتعددة ما دام لها أدلة معتبرة. وقد تضمن هذا السؤال محاور ثلاث: المحور الأول: الفرقة الناجية: وبيت القصيد في هذا المحور ما ورد عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "افترقت اليهود علي إحدي وثنتين وسبعين فرقة. وتفرقت النصاري علي إحدي أو ثنتين وسبعين فرقة. وتفترق أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة". وفي رواية ابن ماجة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "افترقت اليهود علي إحدي وسبعين فرقة. فواحدة في الجنة. وسبعون في النار. وافترقت النصاري علي ثنتين وسبعين فرقة. فاحدي وسبعون في النار وواحدة في الجنة. والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة. واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار". قيل؟: يا رسول الله من هم؟ قال "الجماعة". حيث فهم بعض هؤلاء أن المراد بالأمة في الحديث أمة الاجابة. وان المسلمين منهم من لا ينجوا يوم القيامة والصواب أن المراد بهذه الأمة أمة الدعوة وهم من دعاهم النبي صلي الله عليه وسلم الي الإسلام. وبالتالي فإن الناجين من أمة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم كل من آمن بأصول العقيدة الإسلامية ومات علي هذا. المحور الثاني: اتهام المخالفين بالعمالة والكفر والزندقة حتي العلماء. هذا الخلق ليس من أخلاق الإسلام فإن المسلم لابد أن يحسن الظن بأخيه ولا يتهمه بالسوء ولاسيما من تصدي لتعلم الأحكام وتعليم الناس الخير. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ليس منا" وفي رواية: "ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه". بأن لم يحترمه ولم يطع أمره في غير معصية. قال الحكيم: إجلال الكبير هو حق سنه لكونه تقلب في العبودية لله في أمد طويل. ورحمة الصغير موافقة لله فإنه رحمة ورفع عنه العبودية. ومعرفة حق العالم هو حق العلم بأن يعرف قدره بما رفع الله من قدره. فإنه قال: "يرفع الله الذين آمنوا منكم" ثم قال: "والذين أتوا العلم درجات" فيعرف له درجته التي رفع الله له بما آتاه من العلم. المحور ا لثالث: التهجم علي عقيدة الأزهر وعلمائه ورمي الأشاعرة بالابتداع. أما العقيدة التي يدرسها الأزهر الشريف والتي يعتقد علماؤه -وهي العقيدة الأشعرية- فهي عقيدة عموم الأمة سلفاً وخلفاً. وشرقاً وغرباً. قديماً وحديثاً. وهي كذلك عقيدة عيون علماء الاسلام عبر العصور. فكيف ينكر هؤلاء الشباب علي كبار علماء الأمة بدون حجة علمية مقبولة؟ ووصف هذه العقيدة بالأشعرية لا يعني أنها اختراع الإمام ابي الحسن الأشعري ومدرسته. وما وضع اسمه عليها إلا لقباً. كحال المذاهب الفقهية والمدارس والمناهج العلمية المتنوعة في فهم دين الله تعالي. ولكنها في حقيقتها هي تفصيل وشرح لما فهمه علماء الأمة من أصول الدين وأركان الاعتقاد الإسلامي. والحدث في مثل هذه القضايا هو من الخلاف الذي لا طائل من وراءه. ولا يفيد الأمة إلا تضييع الجهود وتبديد الأوقات وزرع الفتن شق الصف الواجب توحيده. فقد ورد في السنة عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن نتنازع في القدر. فغضب حتي أحمر وجهه. حتي كأنما فقئ في وجنتيه الرمان. فقال: "أبهذا أمرتم أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر. وعزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه". القائمة شرعية * تسأل سماح علي محمود: عن حكم الشرع في قائمة العفش والتي تكتب للزوجة؟ ** يجيب د. علي جمعة مفتي مصر: قرر الشرع حقوقاً للمرأة معنوية ومالية وغير ذلك وجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها وفرض لها الصداق وهي صاحبة التصرف فيه وكذلك الميراث ولها أن تبيع وتشتري وتهب وتقبل الهبة وغير ذلك من المعاملات المالية. قال تعالي في شأن الصداق أي المهر: "وآتو النساء صداقتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفساً فكلوه هنياً مريئاً" "النساء: 4". وإذا قامت المرأة باعداد عش الزوجية بمقدم صداقها سواء أمهرها الزوج الصداق نقداً أو قدمه إليها في صورة جهاز أعده لعش الزوجية فيكون هذا الجهاز قد جاء ملكاً للزوجة ملكاً تاماً بالدخول وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول كما جاءت بذلك نصوص القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعادة ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج ملكاً تاماً أو مؤجراً له من الغير فيكون الجهاز تحت يد وقبضة الزوج فلما قلت الذمم وعدمت الضمائر وكثر ضياع الأزواج لحقوق أزواجهم رأي المجتمع كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية "قائمة العفش" لتكون ضماناً لحق المرأة لدي زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما وتعارفت الأمة علي ذلك. والعرف أحد مصادر التشريع الإسلامي ما لم يتعارض مع نص من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس لأنه اجتهاد مع النص ولقول الحبيب المصطفي صلوات الله عليه وآله وسلم: "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله تعالي حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح "رواه أحمد". والقائمة ليست أمراً قبيحاً ولكنها أمر حسن فلا حرج في فعلها.