أكد جلبير الأشقر، في أحدث كتبه "الشعب يريد"، أنه لا خروج من المعمعة الثورية في مصر، دون الوصول إلى حلول جذرية للقضايا الاقتصادية والاجتماعية، ورأى أيضًا أن هناك نقصًا استراتيجيًا لدى الحركة التقدمية المصرية قام على عدم تشخيص المشكلة الرئيسية التي يراها "اجتماعية". وحول كتابه الأخير، كان الجزء الثاني من حوارنا معه.. * أكدت في مؤلفك "الشعب يريد"، أنه لا خروج من المعمعة الثورية دون الوصول إلى حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ولكن كيف يمكن الوصول إلى حلول لهذه المشكلات دون الوصول إلى وضع سياسي مستقر؟ السياسة تستقر عندما تأتي حكومات منبثقة من الحركة الشعبية، وتستطيع تلبية مطالب الجماهير في برنامج واسع من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وعدا ذلك لن تستقر الأمور في مصر. وإذا نظرنا إلى الحكومة الحالية نجد أنه لا اختلاف بينها وبين الحكومات في عهد النظام السابق، فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية وصندوق النقد الدولي، بل ربما الحكم الجديد أكثر خضوعًا لصندوق النقد، بالإضافة إلى أن الحكومة الحالية تقدس السوق وحرية التجارة والقطاع الخاص، وهذه المفاهيم سائدة منذ عهد الإنفتاح الساداتي، أدت هذه السياسة إلى الحالة الكارثية التي يعاني منها الشعب المصري اليوم، وأي استمرار لهذه السياسات سيعمق الكارثة. المطلوب وجود تيار شعبي تقدمي يصل إلى السلطة، ببرنامج من السياسات المختلفة، وبعدها ندخل في تحقيق أوسع وأعمق للديمقراطية، والذين يطالبون بالديمقراطية، أقول لهم ما معنى الديمقراطية إذا كان جزء كبير من الشعب جائع، هذه كارثة اجتماعية، فالمطلوب القضاء على البؤس لنحقق ديمقراطية بالمعنى العميق للكلمة. * ذكرت أيضًا أن حركة الإخوان المسلمين انتقلت من أحضان السعودية إلى أحضان قطر، كيف كان ذلك؟ وكيف تقرأ تأثير قطر على ثورات الربيع العربي؟ حركة الإخوان المسلمين منذ نشأتها في العشرينيات، وهي على علاقة بالمملكة العربية السعودية، فالسعودية هي التي احتضنتهم في العهد الناصري، حيث كانت تستخدمهم بمعاونة الأمريكان لمحاربة الناصرية والتقدمية والشيوعية. انتهت هذه العلاقة في التسعينيات عندما رفض الإخوان دعم التدخل الأمريكي في السعودية والعراق، وهنا قطعت السعودية التمويل والمساعدة، وعندما جاء الأمير الجديد إلى السلطة في قطر "اشترى الإخوان"، وكان ليوسف القرضاوي دور محوري في ذلك، بل كان حلقة الوصل بين الإخوان وأمير قطر. أما عن تأثير قطر على ثورات الربيع العربي، فواضح جدا أن هذا التأثير يأتي من خلال أداتين هما "قناة الجزيرة والإخوان"، ومن خلالهما لعبت إمارة قطر دورًا أكبر من حجمها بكثير، واستغلت هذا الدور في خدمة السياسة الأمريكية، التي بنت أكبر قاعدة عسكرية لها في قطر. * وكيف تقيم دور المعارضة المصرية في تلك الفترة ؟ بالنسبة لي القضية الرئيسية هي "القضية الاجتماعية"، وإذا نظرنا إلى مساحة هذه القضية في برامج الأطراف السياسية المختلفة، سنجد أنها متساوية من حيث عدم أهميتها في برامجهم، فهناك الكثير من القواسم المشتركة بين الإخوان والليبراليين والفلول واليسار، فيما يتعلق بالقضية الاجتماعية. وأعتقد أن التيار التقدمي عليه أن يعي أن المشكلة الاجتماعية هي المشكلة الأساسية، وإذا استمر هذا التيار في تحالفه مع عمرو موسي والوفد، فسيفشل وسيكون عاجزًا على تحقيق أي شيء، والدليل واضح أمامنا، فعندما صار حمدين صباحي أثناء الانتخابات الرئاسية وفق شعار "لا فلول ولا إخوان لسه الثورة في الميدان"، حاز على دعمًا شعبيًا كبيرًا، والآن بعد تحالفه مع عمرو موسي بدأ يفقد مصداقيته. وبشكل عام أرى أن هناك نقص استراتيجي عند الحركة التقدمية المصرية، يقوم على عدم تشخيص المشكلة الرئيسية وهي "المشكلة الاجتماعية". طالع الجزء الأول: في حواره ل "البديل".. المفكر اللبناني "جلبير الأشقر" : القادة العرب مصيبة على الشعب الفلسطيني.. وبعضهم تحالف مع الحركة الصهيونية (1) الأشقر: إذا استمر التيار التقدمي في تحالفه مع عمرو موسي والفلول سيفشل