مرت سنتين على الثورة، وعادت فكرة البرلمان الموازي من جديد، طرحهتا جبهة الإنقاذ كرد فعل تجاه التعديلات الوزارية الأخيرة، ويبقى السؤال: ما الدور الذي يمكن أن تفعلة هذه الأجهزة الموزاية؟ وكيفية تفعيل دروها على أرض الواقع؟ وهل تكرر هذه التجربة مرة أخرى، وهو أمر غير مضمون النجاح؟ رأى الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن فكرة الكيانات الموازية للمؤسسات الحكومية، ليست بالجديدة على المعارضة المصرية، بعد أن بدأت مع الاتحاد العمالي الموزاي للاتحاد الرسمي عام 2009، لجأ إليه العمال عندما أدركوا أن اتحداهم لا يعبر عنهم، ولا يساهم في حل مشكلاتهم، إلى أن تجسدت فكرة الكيانات الموازية بشكل كبير في حكومة ظل الوفد في 2010، وصنعت حالة من الحراك السياسي والاجتماعي، كأحد مقدمات الثورة. وأضاف العزباوي: نحتاج بعد الثورة إلى مزيد من الكيانات البديلة، ولكن بناء على تخطيط وتفعيل لسياستها ومطالبها، وتقدم رؤى حقيقة لمستقبل مصر، وفي نفس الوقت تمارس مزيد من الضغط على جماعة الإخوان المسلمين بكافة أشكال المعارضة. كما أكد أن هذه الكيانات تحتاج إلى مزيد من الانتشار، والعمل على أرض الواقع، حتى تكون لنفسها قاعدة جماهيرية واسعة، تدعمها وتؤيد مطالبها، بالإضافة إلى عدم اقتصار وجودها على البرلمان والحكومة فقط، بل تنزل إلى المجالس المحلية والمحافظات، وكل القطاعات التنفيذية التي تقدم خدمات مباشرة وغير مباشرة للمواطنين، من ثم يشعر الإخوان المسلمين بخطورتها. وأشار إلى تفاعل المجتمع مع هذه الكيانات الموازية، خاصة مع زيادة الوعي السياسي بعد الثورة، وبعد أن أصبح لدى الشباب الرغبة في المشاركة السياسية، والرقابة على مؤسسات الدولة ووقف الفساد، خاصة أن الزخم الثوري لم ينتهي بعد، فمازالت حقوق الشهداء لم ترد لهم بالقصاص، ومازالت الأوضاع السياسية والاقتصادية متردية، فالثورة لم تأتي حتى الآن بثمار حقيقية بسبب غياب الإرادة السياسية من النظام الحاكم، وعدم وضوح أي رؤية له. وإذا كان رد فعل مبارك على البرلمان الموزاي للمعارضة في 2010 "خليهم يستلوا"، فقد أكد العزباوي أن الرئيس مرسي سيكون أشد عنادًا من الرئيس المخلوع، واصفًا أن لديه "أستاذية" مع جماعته في عدم الاستماع إلى الآخرين، وأنهم سيتخذوا نفس المنهج من الاستخفاف بهذه الكيانات، والتقليل من قيمتها وأهميتها. كذلك استبعد حدوث أي صدام بين البرلمان الموازي أو كيان بديل مع النظام الحاكم، لأن هذه الكيانات هدفها الدخول في جدل فكري، وليس صدام بالقوة مع النظام الحاكم، فهي تلعب على وتر خدمة المواطنين، وتقديم خدمات لهم من خلال توضيح مساوئ النظام الحاكم. وأضاف أن هذه البرلمانات الموازية والحكومة الموازية، هي تدريب حقيقى للمعارضة عند تولية السلطة، وهي أكثر عملية، كما أنها أفضل من المظاهرات. اتفقت معه مارجريت عازر، السكرتير العام لحزب المصريين الأحرار، قائلة: إن طرح جبهة الإنقاذ للحكومة الموازية يأتي كنتيجة طبيعية بعد أن اثبتت الحكومة الحالية فشلها، وبالرغم من رفض الشعب المصري لها وعدم رضاه عنها، إلا أن الرئيس مرسي أصر على عدم تغييرها. وأضافت "أنا كنت أحد أعضاء البرلمان الموازي في 2010، وفي رأيى أن نفس الطريقة التي كان يتعامل بها مبارك مع المعارضة، ينتهجها مرسي الآن، وكأننا لم نقم بثورة ولا حتى سقط بها شهداء، والأجهزة الموازية الآن مطلوب منها أن تضع حلول عملية للمشكلات، وتطرح سياسات إصلاحية بديلة على قائمتها، حتى يشعر الجماهير بالتغيير الحقيقي، ومن ثم تخرج المعارضة من دائرة الاتهامات الموجهه لها بأنها ليس لها بديل ويقتصر دورها على الشجب والإدانة. بينما رأى الدكتور أمين إسكندر، عضو مجلس أمناء التيار الشعبي، ورئيس حزب الكرامة، أن تهديدات جبهة الإنقاذ بشأن تشكيل برلمان شعب وحكومة ظل، هي مجرد تصريحات فقط، والجبهة ليس لديها أي رؤية أو آلية لتطبيقها على أرض الواقع. وأضاف إسكندر ل"البديل" أن سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الدولة، ما بدى بشكل كبير في التعديل الوزاري، بعدما تولى أعضائها كل الوزارات الاستثمارية المهمة، يعكس ذلك تخبط الجبهة وعدم قدرتها على التأثير، قائلًا "الجبهة مش عارفة تعمل حاجة مع الإخوان، وهو ما دفعهم إلى قول تصريحات لا يملكون تنفيذها". ومن جانبها قالت شاهندة مقلد الناشطة اليسارية، إن اقتراح جبهة الإنقاذ لفكرة البرلمان الموزاي، جاءت نتيجة للتعديلات الوزارية الأخيرة، والتي أصابت الكثيرون بالإحباط، خاصةً أن المعارضة طالبت بتغيير الحكومة، وعلى رأسها هشام قنديل، بعد أن أثبت فشله في المرحلة الماضية، ومع ذلك يتخذ الرئيس مرسي منهجًا معاكسًا لطموح الشعب المصري، وكأنه يسكب النار على الزيت. وتابعت مقلد: إن فكرة البرلمان الموازي تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث، حتى لا تكون مجردة فرقعة إعلامية، أو تتوقف عند المواجهة السياسية بين المعارضة والنظام الحاكم، كما حدث في 2010، بل يحتاج البرلمان الموازي إلى النضج ليشتمل على لجان موزاية ومماثلة لتلك الموجودة في مجلس الشعب، وأن يتولى هذه اللجان المتخصصين والخبراء. وأكدت أن البرلمان الموزاى يشرع قوانين أيضًا، موازية لما تصدر عن البرلمان الرسمي، وتقوم بالترويج لها للجماهير من خلال ندوات ومؤتمرات على أرض الواقع، إذا حدث ذلك سيكون لها تأييد شعبي وقبول جماهيري. ومن جانبه، قال الدكتور جمال أسعد، المفكر السياسي ونائب مجلس الشعب السابق، إن البرلمان الموازي في عام 2010 كانت له ظروف سياسية خاصة، وبعد تنفيذ المعارضة لهذه الفكرة، أزعجت النظام الذي لم يظهر ذلك، واعتبره "مبارك" للتسلية فقط، ولن يحقق أي إنجازات على أرض الواقع، ولكنه أثبت كفاءته في فترة قصيرة جدًا، وكانت خطوة متقدمة في مواجهة النظام السابق، وسبب نجاحها هو ملائمتها للمناخ السياسي في هذه المرحلة. وأوضح أن جبهة الإنقاذ تود أن تكرر هذه التجربة مرة أخرى، وهو أمر غير مضمون النجاح، وعليها أن تعلم أن المواقف السياسية لا تُعاد، وبالتالي فإن حلولها لا تستنسخ، نظرًا لأن حالة الزخم السياسي التي أعقبت الثورة تتطلب التفكير في آليات سياسية جديدة، فبعد كسر حاجز الخوف بين الجماهير، يبقى الحل في الشارع وليس من المكاتب والبرلمانات، ولا يجب أن يواجه نظام الإخوان ببرلمان موازي، لأنه لن يؤثر ولن يكون له أي دور. وأضاف أسعد: إن المواطن المصري لا يعنيه البرلمان الحقيقي أو الموازي، ولن يهتم بالحكومة الحقيقية أو حكومة الظل، لذلك نطالب الجبهة بأن تترك الأفكار البالية والمكررة، فلا حل إلا نزول الشارع والإلتحام بالجماهير، بدلًا من تكرار تجربة لن تؤتي ثمارها. يسرى العزباوي: الأجهزة الموزاية تدريب للمعارضة في حال توليهم السلطة وأفضل من المظاهرات مارجريت عازر: "حكومة الموازية" نتيجة طبيعية لفشل الحكومة الحالية أمين اسكندر: تهديدات جبهة الإنقاذ بأجهزة موازية مجرد تصريحات فقط شاهدنة مقلد: "مرسي" يسكب النار على الزيت بتعديلاته الوزارية جمال أسعد: على الجبهة ترك الأفكار البالية والمتكررة