بلغت جملة الودائع والقروض التي حصلت عليها مصر عقب الثورة لسد عجز الفجوة التمويلية بالموازنة، والتي من المقرر أن تتجاوز 207 مليار جنيه، نحو 11.5 مليار دولار، منها 5 مليارات دولار وديعة قطرية ومليارًا دولار، وديعة من ليبيا ومنحة لا ترد بقيمة 1.5 مليار دولار من السعودية، ووديعة تركيا بقيمة مليار دولار، وأخيرًًا وديعة روسيا والتي نفتها وزارة الصناعة بقيمة ملياري دولار، إلى جانب محاولات الحكومة المصرية للتوصل لاتفاق مع إدارة صندوق النقد الدولي للحصول على القرض بقيمة 4.8 مليار دولار؛ لترفع أعباء الموازنة العامة للدولة لسداد فوائد الديون والقروض. ونفت وزارة المالية من تناقلته وسائل الإعلام خلال الأسبوعين الماضيين، من طلب قطر الحصول على 5% كنسبة من عوائد سندات الخزانة التي اشترتها لصالح الوزارة، وهو ما اعتبر البعض بأن تلك الودائع سترفع كاهل الدولة المصرية والمخصص له ببند سداد القروض المحلية، والأجنبية بموازنة العام 2013/2013 نحو 114.5مليار جنيه وبزيادة مقدارها 21مليار جنيه عن العام الجاري، بالإضافة إلي ارتفاع حصيلة الاقتراض، وإصدار الأوراق المالية، والسندات بنحو 311.6مليار جنيه وبزيادة مقدارها 83.4مليار جنيه عن العام المالي 2012/2013، وهو ما يرفع بالطبع حجم الدين العام للبلاد بقيمة تتجاوز ال1.5تريليون جنيه. في المقابل ارتفعت مخصصات الإيرادات العامة بالموازنة الجديدة بنحو 497.1مليار جنيه مقابل 393.4مليار جنيه بالموازنة الحالية وبزيادة بلغت 103.7مليار جنيه، منها 5.2مليار دولار كإيرادات قناة السويس وبما تساوي 36.24مليار جنيه، إلي جانب القروض والمنح التي حصلت عليها البلاد خلال العام المالي الجاري. غير أن الفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد دفعت خبراء الاقتصاد يحذرون من الاستمرار في الحصول علي قروض خارجية، لافتين إلي أن البلاد ليست بحاجة لقرض صندوق النقد الدولي والذي تتقاتل الحكومة للحصول عليه، خاصة وأنه سيؤدي بالدولة لتبعات علي المدي البعيد في غني عنها أهمها إملاء الشروط، لاستجداء العطف للحصول علي القروض والودائع وتحمل الأجيال المقبلة لتبعات تلك السياسة الخاطئة، مقترحين أن تولي الحكومة اهتمامها بحسن إدارة الموارد المتاحة للبلاد سواء الطبيعية أو البشرية ووضع خطط جديدة للتنمية. ومن جهة أخري قال الدكتور صلاح الدسوقي أن ما قدمته كلًا من ليبيا والسعودية وقطر، لمصر لا يعد ليس قروضًا، وإنما وديعة ولها إخطارًا علي الاقتصاد الوطني شأنها شأن القروض، لافتًا إلي أنها سترفع فواتير الديون والفوائد مما يكبد الموازنة أعباءًا لخدمة تلك الديون، واصفًا أنها تعد بمثابة سيف علي رقبة البلد التي حصلت عليها نظرًا لقدرة الدولة المانحة سحبها في أي وقت وبأي شكل شاءت وطالما رأت أن شروط المنح لم تتوافر، إلي جانب البعد السياسي والمتمثل في صعوبة التخلص من ذلك الحمل الثقيل. ونبه الدسوقي من خطورة ما تقوم به الحكومة حاليًا من التوصل للاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول علي القرض البالغ قيمته 4.8مليار جنيه، معتبرًا ذلك بأن من سيتحمل تبعاته الأجيال القادمة نظرًا لأعباءه الكبيرة علي الموازنة العام للبلاد وتوقعات بارتفاع عجزها لأكثر من 200مليار جنيه، وزيادة ميزان المدفوعات والقروض الأجنبية. وأشار إلي أنه قبل اندلاع ثورة يناير كان الإحتياطي النقدي للدولة بلغ 33.5مليار دولار وانخفض مع الأحداث إلي 12مليار دولار بشكل مخيف إلي أن وصل إلي معدلات الخطر، الأمر الذي يزيد الدولة أعباءًا لخدمة فوائد القروض وهو ليس جديد علي الحكومة المصرية . ولفت الدسوقي إلي ما نقل علي لسان المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان من أنه طلب من مسئولي صندوق النقد اعتبار فوائد القروض رسوم إدارية، غير صحيح علي الاطلاق مؤكدًا أن تلك التصريحات مجرد هراء لأنه لا يوجد مثل هذه المسميات، مشيرًا إلي حزمة القروض والودائع التي تنتهجها الدولة تفرض مزيدًا من القيود علي الأداء الاقتصادي والسياسي للبلاد. وعلي نفس السياق وصف الدكتور رمضان معروف الخبير والباحث الاقتصادي، انتهاج الحكومة لسياسة القروض بأنه فكر تسولي ومرفوض شكلًا وموضوعًا، مشيرًا إلي أن الدولة المصرية ليست فقيرة في الموارد الاقتصادية وإنما الفقر يتمثل في أسلوب إداراتها. وأشار معروف إلي أن الدولة بعد حصولها علي القروض والمنح من أي بلاد فإنه ترضخ لشروط الأخيرة ودون أن تكون لها مطلق الحرية في اختياراتها، لافتًا إلي أن إدارة صندوق النقد الدولي باعتبارها مؤسسة دولية من الطبيعي أن تضمن لنفسها استرداد اموالها، مؤكدًا أن الشعب المصري، قد لمس السياسة الانكماشية التي تتبعها الحكومة والتي يتحمل تبعتها الفقراء ومحدودي الدخل. ووصف معروف صندوق النقد الدولي، بأنه وسيلة لاخضاع الشعوب كما تفعل المعونة الأمريكية نظرًا لما تتضمنه من شروط محددة تقييد حرية البلاد طالبة القرض أو الحاصلة علي المنحة، منتقدًا إدعاءات الحكومة بأن القرض المذكور سيعطي لمصر شهادة تعافي اقتصادي علي المستوي الدولي، مؤكدًا أن الدولة المصرية أكبر من السياسة التسولية التي تتبعها الحكومة خاصة، وأنها من أقدم دول العالم وجودًا وتاريخًا. وأشار معروف أنه لا يوجد أي مبرر للجوء لقرض الصندوق، معتبرًا ما يحدث لمصر حاليًا هو سوء إدارة للملف الاقتصادي والسياسي للبلاد. وأضاف معروف أن هناك اهدارًا لموارد الدولة فمثلًا هناك أكثر من 200مليار جنيه يمكن الحصول عليها من بند واحد وهو التصالح علي قيمة الأراضي التي قام بالاستيلاء عليها رجال الأعمال والمنتمين للنظام السابق طبقًا للأسعار القديمة، وبندًا أخرًا يتمثل في المساحات الشاسعة للسكة الحديد، والمقدرة بنحو 9آلاف كم2 والمستغل منها 6آلاف كم2 فقط أي أن هناك 3آلاف كم2 غير مستغلة إلي جانب آلاف أطنان الحديد والمعرض للسرقة، والتي ستوفر علي الدولة مليارات الجنيهات كبديل للقرض. وأشار إلي أن منظومتي الجمارك والضرائب التي تعانيان الفساد باعتبارهم أهم بنود الإيرادات العامة بالموازنة العامة، مطالبًا بضرورة مكافحة الفساد الموجود بتلك المصلحتين، بما يوفر للبلاد مليارات الجنيهات، إلي جانب تقليص أعداد المستشارين بالمؤسسات والجهات الحكومية بما سيوفر للخزانة العامة للدولة منحة 62مليار جنيه سنويًا. وطالب معروف بتطبيق الحد الأقصي والأدني من الأجور بكل شفافية وبعد عمل دراسات دقيقة ومخاطبة الشعب بذلك، لافتًا إلي أن ذلك سيوفر أيضًا نحو 16مليار جنيه، لافتًا إلي ضرورة وضع سياسة عادلة في توزيع الأجور والمكافآت دون أن يكون هناك واسطة أو محسوبية، مشيرًا إلي عدم وجود أي نوع من العدالة الاجتماعية في توزيع الأجور والرواتب، مضيفًا إلي ضرورة ضم البورصة المصرية لخدمة الاقتصاد المصري ودون توجيهها لرجال الأعمال فقط . وأضاف أنه ينبغي أيضًا علي الحكومة أن تفرض ضرائب تصاعدية علي الأغنياء لصالح الفقراء وبما يحقق العدالة الاجتماعية، معتبرًا أن السياسة الضريبية التي ينتهجها المسئولين بالدولة، تسببت في اختفاء الطبقة المتوسطة، وأصبحت شرائح المجتمع شريحتين إحدهما فقراء والأخري للأغنياء. صلاح الدسوقي: الودائع سيف علي رقبة الدولة الممنوحة ومشاكل القروض سيتحمل تبعتها الأجيال المقبلة رمضان معروف: قرض الصندوق أحد الوسائل لاخضاع الشعوب..ومصر أكبر من الفكر التسولي