أكد الباحث الفرنسي والمتخصص في شئون الشرق الأوسط وخاصة الربيع العربي جيل كيبل في حوار له مع صحيفة "لو نوفل أوبسرفاتور" أن الربيع العربي تحول عن مساره الطبيعي. حيث إن هذه الثورات كانت من أسبابها قيام الأنظمة السابقة بالتطبيع مع اسرائيل، إلا أن هذه الثورات تحولت من أهدافها الرئيسية وهو المعادة لإسرائيل إلى العداءلايران نزولا على رغبة قوى عربية وخارجية. ولفت كيبل إلى أن هذا نراه واضحًا من قبل بعض دول الخليج خاصة السعودية وقطر تجاه الأزمة السورية، فنجد دول الخليج تمول التحول الثوري في دول الربيع العربي من أجل كسب هذه الدول كحليف لها اعتقادا منها أن ذلك سيكون على حساب إيران. ومن ناحية أخرى، أوضح الباحث الفرنسي أن الأخوان المسلمين في مصر وتونس أثبتوا عدم قدرتهم على الحكم. حيث إنهم حاولوا إيهام الشعوب أنهم بنظامهم "الديني الروحي"، الممول من قطر، سيحققون التطلعات الاجتماعية والاقتصادية للثوار. ولفت كيبل إلى أنها تعتبر من أكبر "الحيل" التي استخدمها الإخوان في مصر وتونس. ويوضح جيل كيبل أن نتيجة لذلك فإنه ليس من الغريب أن نرى من يقوم بالاحتشاد هم السلفيون الذين يدعون للقطيعة التامة مع النظام الاجتماعي والثوار الشباب، مشيرًا إلى أن السلفيين عبارة عن رجال دين مرتزقة من جانب النظام الملكي السعودي. من جانب آخر، يرى الباحث الفرنسي أن الثورات العربية كانت تمثل كابوسًا لأمراء الخليج الذين كانوا يخشون أن الجماهير العربية الجائعة تستولي على مناصبها وثرواتها النفطية. غير أنهم تعاملوا مع الثورات بطريقتين: أول هذه الطرق التي قامت بها المملكة العربية السعودية التي تعاني من أزمة النظام الملكي، فقد خصص الملك عبد الله 130 مليار دولار لمنع هذه الاضطرابات في بلاده، كما قدم دعمه للسلفيين بسبب كره الملكية السعودية للإخوان المسلمين الذين يذكرونهم بالعهد الوهابي. والطريقة الثانية تكمن في موقف قطر التي قدمت دعمها للإخوان بل وكأنها أصبحت كفيلًا لهم، كما وجهت كل طاقتها الإعلامية المتمثل في قناة الجزيرة للترويج لهيمنة الإخوان المسلمين على الحكم والسياسة في مصر وذلك حتى يستطيع الإخوان مواجهة قوة السلفيين المنحازين للجانب السعودي. لكن أوضح كيبل أن كلًّا من قطر والسعودية اتفقا على نقطة واحدة وهي أن "إيران هي العدو"، حيث إن هذه الملكيات البترولية وجهت كل طاقتها لتحويل الفكر العربي إلى الجهاد الطائفي لتضرب عصفورين بحجر واحد: الانتقام من إيران، وصرف فكر الشعوب في بلادهم عن الثورة ضد نظامهم. فهم يرون أن سقوط بشار في سوريا يقوض من الوجود الإقليمي الإيراني.