قالوا قديماً أن للامم أرث تاريخي يتمثل في أثار أسلافها ولذلك يقاس تحضر الدول في عالمنا الحديث بعدد المتاحف المقامة داخلها ، الامر يختلف هنا داخل مصر فالي جانب النهب المنظم للاثار تحت سمع وبصر الحكومات المتعاقبة يتحلل ما تبقي تحت وطاءة الاهمال وجهل المسئولين بقيمة تلك الكنوز المادية والمعنوية والتاريخية .. أربع ساعات قطعها فريق البديل للوصول الي محافظة جنوبسيناء برفقة فريق أثري مصري للتحقق من كارثة يتعرض لها معبد سرابيط الخادم الواقع علي أرتفاع 650 متر فوق سطح البحر قرب مدينة أبو زنيمة الواقعة بمحافظة جنوبسيناء ، ضم الفريق كلاً من عالمة الاثار المصرية الدكتورة مونيكا حنا واستاذ الترميم الدكتور ابراهيم فرج واخصائية الترميم الاستاذه مروة الزيني . أستغرقت عملية صعود الفريق الاثري لجبل سرابيط الخادم ساعتان من الزمن ، عاني خلالها فريق العمل من أصطحاب معدات التصوير أعلي المنحدر الجبلي وتصادف خلال السير رؤية قطع أثرية مبعثرة علي الرمال . يعتبر معبد سرابيط الخادم أحد اهم المعابد الفرعونية ويرجع ذلك الي طبيعته الجبلية الفريدة وموقعه المتميز حيث انه المعبد الوحيد الموجود في سيناء ولذلك سميت بارض الفيروز حيث كان الفراعنة يأتون لاستخراج المعادن في عهد الدولة الوسطي ولذلك سموا حتحور – التي بني المعبد لعبادتها – بسيدة الفيروز .كما ان هناك الهه اخري تعبد في هذا المعبد كالاله سبت اله القمر حيث كان ارتفاع المعبد العالي يساعدهم علي رصد حركة النجوم والقمر .واستمر المعبد في البناء والازدهار حتي عهد الدولة الحديثة ولكنه لم يستعمل في العصر المتأخر والروماني . وبالرغم من أهميه المعبد التاريخية والسياحية لكونه مصدر الرزق الوحيد لاكثر من 300 اسرة يعيشون في محيطة ،الا انه يواجه كارثة لم يمر بها في تاريخه حيث اهلكته الرياح وعوامل التعرية وطمست اثاره عمليات الترميم الخاطئة التي لم تنجوا منها اي قطعة مرممة وذلك يرجع للمواد المستخدمة التي تسببت في ظهور الاملاح علي كل القطع المرممة بينما لم تظهر علي اي من القطع التي نجت من عمليات الترميم .وليست الاملاح هي السبب في طمس العلامات فحسب بل ان هناك عمليات استكمال خاطئة وغير مدروسة ادت الي تشوه العديد من تلك القطع الاثرية . كما ان يمكنك ان تستشعر بشبهات الفساد واهدار المال العام من امام تلك السلالم المتهالكة التي بنيت في عام 2004 وادعوا تكلفتها ملايين الجنيهات ومع ذلك لم تصمد امام السيول بسبب استعمال مادة الخراسانة فيها والتي لا تصلح لمكان سياحي كما انهم استخدموا فيها ايضا الحجارة الجبلية وذلك ما جعلها اكثر صعوبة من تسلق المطلع الجبلي واكثر خطرا علي حياة السياح بسبب الاهمال الجسيم في بنايتها . ولا تقف شبهات اهدار المال العام عند عملية أنشاء سلالام حجرية فحسب بل تمتد الي منحة قدرها 350000 يورو قيمة المشروع الذي موله الاتحاد الاوروبي الهادف الي تحويل المجتمعات البدوية لمجتمعات منتجة من خلال تفعيل البعد الثقافي بسيناء خصص بها الجزء الاكبر لمنطقة سرابيط الخادم وقدمت العديد من البلاغات للنائب العام بشأنه وكانت الادراج مصير هذه البلاغات . وجوه انطبعت عليها المآساة الوشيكة ومصدر الرزق الذي يضمحل يوما فيوما ,تلك هي وجوه سكان المنطقة التي تمتد مآساتهم لابعد من الكارثة الاثرية ، فنقص المياة التي يذهبون لاجلها لاكثر من خمسة عشر كيلومتر والتيارالكهربائي الذي يصلهم ستة ساعات فقط يوميا الي جانب عدم وجود وحدة صحية وباقي مقومات البنية التحتية اللازمة مما جعل السياح ينفرون من زيارة المعبد . كوارث مماثلة تنتظر الاثار المصرية وفقاً لاراء عدد من الاثريين المصريين في ظل جهل المسئولون الحكوميون بقيمة أثار مصر التي يتهافت مواطني دول العالم علي زيارتها .