عندما قرأت كلمات الأستاذ سلامة فى عموده بالأهرام منذ شهور قليلة شعرت بأن أوتار الضمير فى البلد كلها اهتزت وأطلقت مارشا عسكريا بالانتباه أو نفيرا لليقظة أو نشيدا يدفع المرض عن الحياة. حياة سلامة فعلا مهمة للبلد ولكن الأهم أنه واحد من قلائل تعرف البلد أنهم تجردوا عن المصالح وأنهم تقمصوا الوطنية المصرية. ولأن “طلب الذهاب” كان فيما يبدو مشفوعا باليأس من احياء سريع للوطنية المصرية فقد خفق قلب البلد بشدة وقال فى كلمة واحدة لسلامة “ابق معنا وحارب بقوة معركة الحق فى الحياة” حتى تطمئن لأن الوطن يستعيد وعيه الوطنى ويتحرك نحوأفاق نهضته. لماذا تفشل أحيانا هذه الفكرة فى النفاذ لعقل وروح بعض أعظم عقولنا ومبدعينالشحن ارادتهم لمواصلة المقاومة..فيموتون مبكرا؟ هناك بالطبع الارادة الالهية واسرارها وحواراتها بين المرء وربه. وهناك بالطبع عوامل موضوعية مثل سوء النظام الطبى فى مصر. كما أن هناك غياب فلسفة صحية عميقة ومرهوبة وجاذبه للعقول النابهة جيلا بعد جيل. أما فيما يخص العوامل الذاتية فلا شك أن الصراع بين الرغبة فى الموت والأمل الدائم فى الحياة لا يتوقف أبدا ولا يبقى على حال. والأصل أن الانسان مجبول على الدفاع عن حياته. ولا يتحول الموت لأمنية الا عندما تتاكل ارادة المقاومة غالبا بعد أن تكون قد استنفدت. ولعلى أخاطر براى من تجربتى الشخصية مع المرض. يعتقد كثيرون أن الانسان يتمنى الموت بعد أن يغلبه الألم أو يسيطر عليه سيطرة تامة. ولا أعلم ماذا يعنى ذلك طبيا. ولكنى أعتقد أن المرء يفقد وعيه اصلا فى هذه الحالة. وذلك أعتقد أن الانسان يتمنى الموت فى حالة المرض العضال عندما تتعدد مصادر الألم أو أعراضة فلا يكاد يخف عرض حتى تظهر أو تشتد أعراض أخرى فيفقد المرء التركيز والأمل أيضا. ويبدو لى أن هذا هو سر “نزعة” التسليم للموت فى مصر. فكثرة أمراضنا ومصادر الألم فى الجسد المصرى كثيرة حتى أنها نالت من قوة الروح بل ويبدو شكلا أنها أخمدتها. ورغم أن الألام المصرية ليست بحد ذاتها شديدة وأن كل منها على انفراد قابل للعلاج ببساطة فكثرتها افقدتناالتركيز. من يريد حقا أن يدافع عن حق مصر فى النهوض..من يريد أن يشد مصر بعيدا عن “الرغبة فى الموت” ويدفع عنها أمراضها عليه أن يركز على جوهر المرض أو الأصل المولد لكل الأعراض والالام الفرعية. مرض مصر “نظامى” كما يقول الأطباء..وانقاذ مصر يتركز فى بناء نظام سياسى جديد يصلح لقيادتهانحو الشفاء والعافية. مواضيع ذات صلة 1. د.محمد السيد سعيد..الدين فى الضمير 2. د.محمد السيد سعيد..الدين فى الضمير 3. د.محمد السيد سعيد..رجل أمام الرئيس 4. د.محمد السيد سعيد..نذالة وعوامل أخرى 5. خالد البلشي: هل يموت الذي كان يحيا كأن الحياة أبد؟