«قصور الثقافة»: «ليالينا في العلمين» يُعيد الفنون لقلب المجتمعات العمرانية الجديدة    أسعار الخضروات اليوم الأحد 27 يوليو في سوق العبور للجملة    الري: منظومة متكاملة لمنع انتشار ورد النيل بين المصارف والترع ومجرى نهر النيل    الهلال الأحمر المصري ينسق قوافل الغذاء لقطاع غزة    «يونيسف» تطلق خطة أممية لتوسيع المساعدات لغزة    كل ما تريد معرفته عن قرعة الدوري 2025-2026 بمشاركة 21 ناديًا    ضبط أكثر من 119 ألف مخالفة مرورية.. والكشف عن 262 حالة تعاطي مخدرات بين السائقين    القبض على عامل أشعل النار في مطعم لسرقته بالقاهرة    الداخلية: ضبط أكثر من 3 آلاف قضية في حملات أمنية موسعة خلال 24 ساعة    تموين سوهاج: توريد 184 ألف طن قمح للصوامع والشون منذ بدء الموسم    بالتعاون بين وزارة التعليم العالي وسفارة اليابان.. انتهاء مقابلات المرشحين لمنحة «MEXT» الحكومية    تنسيق الجامعات.. البرنامج المكثف في التمريض بجامعة حلوان    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    تنسيق 2025.. طريقة حصول طلاب الثانوية العامة على الرقم السري اللازم لتسجيل الرغبات بالصور    موعد مباراة إنجلترا وإسبانيا في نهائي كاس أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    الأهلي يوافق على رحيل «كوكا» إلى الدوري التركي بشرط (خاص)    تجهيز 190 لجنة استعدادا لانتخابات مجلس الشيوخ في أسوان    وزيرة التخطيط تلتقي نظيرتها بجنوب أفريقيا خلال اجتماعات وزراء التنمية بمجموعة العشرين    توجيهات رئاسية مهمة للحكومة اليوم.. تعرف عليها    وزير التعليم يعتمد جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. الدور الثاني    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    كاظم الساهر ناعيا زياد الرحباني: خسارة لا تعوض للفن العربى    وفاء الحكيم: نور الشريف وأحمد زكي شكّلا ملامح تجربتي الفنية    بعد اشتداد موجة الحر.. تحذيرات من هيئة الأرصاد للمواطنين    إطلاق حملة توعوية من «القومي للبحوث» للتعريف بالأمراض الوراثية وأهمية الكشف المبكر    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    الأحزاب فى اختبار الشعبية بالشارع    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    العودة إلى الجذور.. البابا تواضروس يفتتح ملتقى لوجوس الخامس للشباب    بجهود مصرية.. آلاف الأطنان من المساعدات تعبر رفح باتجاه كرم أبو سالم    وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    شوبير: الزمالك يعلن عن 3 صفقات خلال ساعات.. وحسام عبد المجيد يغلق صفحة الرحيل    بورسعيد تودع "السمعة".. أشهر مشجع للنادى المصرى فى كأس مصر 1998    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    مقتل 6 أشخاص جراء تدافع في معبد هندوسي شمالي الهند    محافظ أسيوط يتفقد أعمال إنشاء أول مصنع متكامل لمنتجات الرمان بالبداري - صور    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    حياة كريمة.. افتتاح جزئى لمستشفى دار السلام المركزى بسوهاج اليوم    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    إصابة 3 أشخاص إثر انهيار جزئى بعقار في الرمل شرق الإسكندرية    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم الشهيد كريم ضحية مذبحة بورسعيد: هاجرى وراء حقك حتى آخر نفس في عمري
نشر في البديل يوم 21 - 03 - 2013

رغم صغر سنها وبراءة وجهها بشكل لا تتوقع أنها تحتمل كل هذه الصدمات التى مرت بها فى حياتها التى روتها ل "البديل" أثناء حوارنا معها، هى سماح سيد والدة الشهيد كريم أحمد عبد الله أحد ضحايا ألتراس أهلاوى فى مجزرة استاد بورسعبد، وعلى الرغم أيضًا من هذا الوجه الصغير، إلا أن كلامها يلهمك القوة والثقة وتجبرك على الانحناء لهذه السيدة؛ لتحترم فيها شجاعتها وتماسكها ولباقة عبارتها وترتيب أفكارها، فهى قطعت عهدًا على نفسها أنها لن تتنازل عن حق ابنها، ومهما مرت الأيام فلن يضيع حقه.
* ما الذى كان يمثله لك الشهيد كريم أحمد عبد الله؟
هو كان عمرى كله وسندى ورجلى فى هذه الدنيا بعد أن ترملت لمرتين، فكريم عندما استشهد فى مذبحة بورسعيد كان عمره 18 عامًا ونصفًا، وكان فى السنة الرابعة بمدرسة السياحة والفنادق، وكان شابًّا رياضيًّا حصل على بطولة أول جمهورية تحت سن 16 عامًا كمال أجسام، ولكنه تربى طفلاً يتيمًا وهو عنده عامان، واستطعت أن أتماسك وأتغلب على أحزانى من أجل تربيته، وبالفعل مرت أيام بها شقاء كبير، ولكن كان من أجله ومن أجل أن أوفر له كل ما يطلبه.
* كيف كانت علاقتك به؟
ابنى بالرغم من صغير سنه إلا أنه كان راجل، تحمل المسئولية وكان يعمل أثناء الدراسة النظرية بالعمل فى المطاعم والفنادق من أجل أن يصقل خبراته ومهاراته فى العمل، حتى بعد ما تزوجت بعد 13 عامًا من وفاة والده، إلا أننى ترملت، وكان ابنى "نور" مجرد شهر فى أحشائى، كريم وقف بجانبى وساعدنى على تحمل هذه الصدمة، وكان أخًا وصديقًا وأبًا لأخيه الصغير "نور" الذى لا يتجاوز عمره الآن 3 سنوات.
* وماذا عن خطوبته رغم سنه؟
كريم كان شابًّا لا يريد أن يغضب الله، يتميز بحسن الخلق والتدين، كان لا يعرف أن يفعل مثل الآخرين من شباب جيله من صداقة الفتيات وغيرها من هذه العلاقات، وعندما تناقشت معه فى موضوع الخطوبة وأنه ما زال صغيرًا بعد، وطلبت منه أن يكمل دراسته أولاً،قال لى إن الخطوبة ستكون حافزًا له، وإنه يريد أن يكون هناك شكل رسمى وإطار اجتماعى تدخل تحته محبته للفتاة، خاصة أنه قال لى "ماما إحنا ما فرحناش فى حياتنا.. خلينا نفرح بقى"، وبالفعل وافقت على الخطوبة وأقمنا فرحًا كبيرًا وشعرت وقتها بمدى فرحته وبهجته بالخطوبة، واشترطت عليه أن يذاكر جيدًا وأن يعمل فى نفس الوقت؛ حتى يتحمل مسئوليته.
* متى انضم لألتراس أهلاوى، ولماذا لم تخافي من هذا الانضمام الذى قد يؤثر على دراسته؟
فى الحقيقة لمست عشق كريم للنادى الأهلى ومتابعته الدائمة لمبارياته، فحياته كلها لا يوجد بها سوى أنا وخطيبته ودراسته والنادى الأهلى قبلنا جميعًا، وكان مؤمنًا بكيان الألتراس وتشجيعهم للنادى سواء فى الخسارة أو المكسب، وانضم بالفعل للألتراس منذ 3 سنوات قبل وفاته، ولم تكن هناك أى عطلة لدراسته؛ لأننى لم أكن أريد حرمانه من شىء، خاصة أنهم ساعتان يحضر فيهما المباراة ويعود، أو اجتماع مع الألتراس، فلم أكن أتوقع أن الأمر سوف يصبح بهذه البشاعة، ويتم قتل الألتراس غدرًا فى بورسعيد.
* ألم تستشعرى القلق من مباراة الأهلى وكيما أسوان بالقاهرة؟
لم أكن أتصور أنه يرجع للبيت جثة هامدة، لقد عاد لى من مباراة كيما أسوان مصابًا فى قدمه وليس جثة، من الطبيعى أن يحدث تعصب ينتج عنه خطف بانر أو علم أو تى شيرت، لكن التعصب من المستحيل أن يصل بنا إلى القتل، فالرياضة نعرف دائمًا أنها تساعد على التخلص من هذه النوازع العنيفة ولا تكرسها.
* ماذا عن أحداث استاد بورسعيد؟
أنا لم أوافق على سفره إلى مباراة المصرى فى بورسعيد، وطلبت منه أن ينتبه إلى امتحانات منتصف العام وعمله وضرورة أن يحصل على مجموع جيد، ولكنه ألح عليَّ كثيرًا ووعدنى قائلاً "ده آخر ماتش هاروحه".
(وصمتت للحظات تتذكر تلك الكلمات، وتتأمل معناها بعمق، حتى اغرورقت عيناها بالدموع).
* كيف قضيتِ معه تلك الليلة التى سبقت السفر؟
حضر إلى منزلنا شباب المنطقة الذين يذهبون مع كريم لمباريات الأهلى، واجتمعوا وقام كريم بالرقص على أغانى الألتراس فى الشقة كلها، ضاحكًا فرحًا وكأنه يودع الشقة لآخر مرة، ثم استيقظ فى الصباح وسلم عليَّ، وكان التجمع أمام النادى الأهلى حتى يستقلوا الأوتوبيسات إلى بورسعيد فى الواحدة ظهرًا اتصلت به وقال لى لم نصل بعد؛ لأن القطار تأخر، وعندما سألته ولماذا لم تسافروا بالأوتوبيسات قال إنها رفضت أن تأتى لهم فاستخدموا القطار.
* متى كانت آخر مكالمة أو اتصال به؟
عند انتهاء الشوط الأول اتصلت به حولى الساعة 6.30 م وقال لى "فيه حاجات كتير بتحصل غريبة يا ماما، فنحن نرى وجوهًا غريبة لم نعتد على رؤيتها فى المباريات، كما نرى كابوهات النادى المصرى يقتربون من جماهير النادى الأهلى ويلقون عليهم شماريخ وحجارة ويسبوننا بأقذع الألفاظ؛ لذا طلبت منه أن يترك المباراة، وإذا لم يتمكن لا يترك أصدقاءه حتى يعودوا معًا، وأغلقت الخط، وكانت هذه آخر مكالمة للاتصال معه.
* متى عرفتِ بوفاته؟
أدركت أن ابنى مات منذ أول لحظة تم فيها الإعلان عن وقوع وفيات بالاستاد ، ولكن كان لديَّ اأمل وتكذيب لشعورى باستمرار، فلم أكن أتوقع أن القدر سيلعبها معى للمرة الثالثة، فقد استلمت جثتين من المشرحة قبل كريم لزوجيَّ الاثنين، فوالد كريم مات فى حادث قطار، ووالد نور الضابط مات فى حادث انقلاب سيارة وهو عائد من مأمورية من شرم الشيخ.
أما كريم فكانت قصمة الظهر كلها، ولد فى عز شبابه وفرحتنا كلها يذهب ويقتل غدرًا، وتساءلت ما هذا العدد الذى راح ضحية المباراة؟ ولا كأن ولادنا كانوا فى حرب أو معركة.
* هل كريم مات فى المدرج أم الممر؟
ابنى مات فى المدرج جرَّاء الضرب العنيف الذى تعرَّض له، لم يمت مخنوقًا كما يدعون بأن التدافع والازدحام سبب الاختناق، جسم ابنى كله به آثار ضربات وتورم فى الوجه. حسبى الله ونعم الوكيل، أنا لن أتمكن من رؤيته، وإخوتى قاموا بمنعى من رؤية ولادنا اللى ماتوا، بل الذى يحسر قلوبنا تلك المعاملة، ولادنا اترموا على الأرض فى المشرحة، لم يكن هناك تروللى يحمل أجسادهم التى قتلت غدرًا وظلمًا.
* هل الحكم الأخير بإعدام 21 متهمًا وحبس قيادات أمنية كافٍ لك؟
فى الحقيقة الحكم بالإعدام على هذا العدد أراح قلوبنا المحسورة على أبنائنا، أعاد لنا حقوقنا بعدما شاهدنا من ذل وشتائم وإشارات مخزية من أهالى المتهمين أثناء حضورنا المحاكمات، ولكني أتعجب من براءة عدد من كابوهات ألتراس جرين إيجلز رغم تورطهم فى التحريض على هذه المجزرة، مثل ميدو والحمامصى، بالإضافة إلى براءة عدد من القيادات الأمنية، هذه كلها أمور مستفزة لأهالى الشهداء وتثير علامات الاستفهام.
* ما رأيك فيما يوجه لاتهامات للألتراس تلك الأيام بأنهم بلطجية وقاموا بحرق اتحاد الكرة بعد محاكمة 9/3؟
هذا كلام عارٍ من الصحة،نريد من الإعلام أن يرحمنا كأهالى شهداء وألتراس؛ لأنهم لم يعرفوا الألتراس، لم يروا ماذا يفعلون مع أهالى الشهداء، وكيف يقدرونهم، لم يتذكر أحد فى هذه الدولة شهداء بورسعيد سوى الألتراس، الألتراس شباب متعلم ومثقف وواعٍ وكان معنا يوم المحاكمة داخل النادى الأهلى، وفوجئنا جميعًا باشتعال النيران فى مبنى الاتحاد، ولولا الألتراس لم يكن يأتي هذا الحكم ولا حق الشهداء.
* بمناسبة عيد الأم، كيف كان يحتفل كريم بك؟
آخر هدية عيد أم من كريم عبارة عن عباءة وساعة ما زلت أحتفظ بهما حتى الآن ولم أرتدِهما، فقط أقوم بالنظر إليهما لأتذكر كل دقيقة قضاها كريم معى، ولا أعرف كيف سأقضى هذا العيد بدونه، أريد أن أختفى من الدنيا كلها، لكن سوف أذهب إلى مقابر كريم وأقضي العيد معه.
* ماذا تقولين لهؤلاء الذين تلوثت أيديهم بدماء كريم؟
ردت بكل قوة: أنا لو شفتهم سوف أقتلهم، كيف أتحمل بعد 19 عامًا من تربية شاب فى مقتبل حياته أن أراه جثة هامدة،لقد انتهت حياتى مع كريم ودفنت وقتما دفنته بيدى.
* وماذا تقولين لكريم؟
باطمنك يا حبيبى حتى آخر نفس فى حياتى هاجرى وراء حقك حتى أرجعه لك، حتى لو كان حقك عند رئيس الجمهورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.