ما أن سقط النظام "المخلوع" حتى بادر الشعب المصري للاحتفال في الشوارع والميادين، معلنين فرحتهم بالتخلص من قمع ثلاثين عامًا من القهر والهوان- هكذا أطلق عليها الثوار- غير أن هناك من ترك الشعب في أفراحه وآماله الطامحة إلى الحرية والرخاء الإقتصادي، وبدأ ينظر إلى ما لم ينظر إليه الشعب، كان النظر يا سادة ل"كرسي العرش" الذي خلا بسقوط "مبارك"، ومن ثم استغل التنظيم كافة إمكانياته للوصول إلى الكرسي، الذي لم يكن له هدفًا في هذه الفترة من عمر البلاد سواه. أتحدث بالطبع عن جماعة "الإخوان المسلمون" التى دفعت بالدكتور محمد مرسي، للمعركة الانتخابية الرئاسية، رغم أنه لا يمتلك الخبرة التي تؤهله لذلك، لتثبت الجماعة للشعب المصري أحد أمرين لا ثالث لهما: أولهما هو أن الجماعة عاجزة عن تقديم شخص قادر على حكم البلاد، وهنا أسترجع حديث لأحد المرشحين السابقين لمنصب الرئيس، الذي رد على المذيع في برنامج ترويجي للمرشحين الرئاسيين، عندما سأله المذيع عن رأيه في دفع الجماعة لمرشح للرئاسة، فكان رده "إنت عايز تجيب جماعة فضلت محبوسة 80 سنة علشان تحكم البلاد". الأمر الثاني هو أن الجماعة تقود البلاد بمبدأ السمع والطاعة، وهو المبدأ الذي يستحيل تطبيقه في حكم الدول. حقيقة أرجح الخيار الثاني الخاص ب"السمع والطاعة"، دليلي في ذلك هو حديث أجريته قبل أيام مع أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين السابقين، هو المهندس هيثم أبوخليل، الذي أكد أن الجماعة دفعت بالرئيس محمد مرسي للانتخابات رغم إمتلاكها كوادر أخرى قادرة على الحكم وإتخاذ القرارات، "علشان يبقى على قد إيديهم"، وهو نفس المبدأ الذي أبقت بسببه الجماعة على الدكتور هشام قنديل، في رئاسة الوزراء، رغم إخفاقه بل "فشله" في إدارة أكثر من أزمة، وأدخل البلاد بفضل سياسته في سلسلة من الأزمات "الكارثية" إلا أن الرجل –كما يقول أبوخليل- على "قد إيديهم". "أبوخليل" أكد صحة روايته التي قال فيها إن المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة، هو من يصدر القرارات ويدير البلاد مع مجموعة من المقربين منه، وأن دور الرئيس مرسي هو التنفيذ طبقًا لمبدأ السمع والطاعة، حتى أن الرجل حين أراد "الفكاك" من هذا القيد، وطلب صلاحيات تمكنه من إدارة البلاد، كان رد الشاطر "إنت عارف إحنا صارفين عليك كام.. إحنا صارفين عليك 600 مليون جنيه"، وهي العبارة التي سدت جميع الطرق، ولم يكن يجدي معها الكلام. الدول لا يمكن أن تدار بمبدأ السمع والطاعة، كما أنها لا تحكم ب"الهواة"، فالشعب الذي أسقط حسني مبارك ونظامه، وأودعه السجون، من أجل حريته، قادر على الإطاحة بأي "طاغية" للحصول عليها، وستكشف الأيام القادمة "الصالح من الطالح"، وسيقبع "الفاشلون" في النهاية في غيابات السجون، الأمر الذي يدعونا للتساؤل، هل ينجح "الهواة" في صنع تاريخ؟ في رأيي الدول لا يحكمها "الهواة". Comment *