"شر البلية ما يضحك" تلك هي الضحكة السوداء التي نطلقها برثاء على دارماتيكة الكوارث والحوادث، والأرواح المزهوقة بلا ثمن، وانهمار الضحايا بلا دية.. كان للفترة السالفة نصيب الأسد في حصد أرواح المصريين بل ربما عجزنا عن الحصر بشكل كامل دقيق؛ لكثرة أعداد الضحايا والإصابات في حوادث حققنا خلالها أرقامًا قياسية فاقت الآحاد والعشرات، واستقرت في خانة المئات متطلعة إلى الآلاف، ومع تنوع الكوارث والحوادث في مصر بشكل عديم المثال، كان فيها المصريون ملاحقين من الموت غرقًا وحرقًا وتحت عجلات القطار أو على الطرق أو تحت انقاض عقار، ولو بقيت حيًّا، فأنت رهين الموت في مظاهرة أو موقعة أمام الاتحادية أو في التحرير أو داخل أحد المحافظات، ويكتب في شهادة وفاتك "بلطجي"، ففي عهد جديد ومع بداية نهضة جديدة "حتمًا ستموت" مهما اختلفت الطريقة؛ فالهدف واحد!! كان حادث قطار "البدرشين" في 17 يوليو 2012 أول حادثة قطار في عهد الرئيس محمد مرسي، عندما اصطدم القطار رقم 990 الإسباني المتجه من القاهرة إلى سوهاج مع القطار 162 الفيوم الذي كان يقف بالمحطة البدرشين لحظة التصادم، وأسفر الحادث عن إصابة 15 مواطنًا. وإذا كانت "العياط" بطل الحوادث في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، فإن "قليوب" حصدت دور البطولة في عهد مرسي؛ ففي 3 نوفمبر اصطدم قطار الركاب رقم 14 القادم من الإسكندرية، بسيارة نقل أثناء عبورها شريط السكة الحديد، في "قها" الواقعة بين قليوب وطوخ، وأدى هذا الحادث لتوقف حركة القطارات بين القاهرةوالإسكندرية من الاتجاهين لأكثر من 7 ساعات. وفي حادثة أخري لقي 4 أشخاص مصرعهم علي قضبان السكك الحديدية بجوار مزلقان "ميت حلفا" أثناء عبورهم القضبان لشراء مياه لحظة قدوم القطار رقم 534 القادم من مدينة منوف في طريقه للقاهرة. وانطلق القطاررقم 974 في 20 أكتوبر الماضي أثناء مروره بقرية "كفر رمادة" بقليوب، فى طريقه من شبين القناطر إلى القاهرة، بسرعة زائدة متوخيًا المنافسة على تسيد الحوادث، وعندما فوجئ سائق القطار بالتحويل أمامه، توقف فجأة فتدافعت عربات القطار، مما أدى إلى سقوط عدد من الركاب أسفل العجلات، نتج عنه مصرع 6 أشخاص، وإصابة 12 آخرين. أما حادث تصادم القطار المطور رقم 523 بسيارة نقل ثقيل "تريلا" أثناء عبورها مزلقان "ميت حلفا" الواقع بين شبرا الخيمة وقليوب، قبل 10 أيام من حادث قطار "رمادا" خلف قتيلين و12 مصابًا. ووقع حادث قطار الفيوم وبعد شهر واحد، إثر تصادم بين قطارين، أحدهما متجه من القاهرة إلى الفيوم والآخر من محطة الواسطى إلى الفيوم؛ تسبب في مصرع 3 أشخاص بينهم سائق قطار الواسطى، وإصابة 46 آخرين.. أما حادثة قطار أسيوط الأليمة في الشهر نفسه، وقعت عندما اصطدم القطار رقم 165 "أسيوط – القاهرة" بأتوبيس معهد أزهري، مما أودى بحياة 48 تلميذًا، فضلًا عن وفاة سائق الأتوبيس والمعلمة، وإصابة 17 آخرين؛ نتيجة الإهمال حيث لم يقم عامل المزلقان بغلقه عند مرور القطار فلم يكن مزلقان منفلوط من المزلقانات المطورة التي تعمل آليًّا بل تعتمد على العنصر االبشري الذي يقوم بغلق المزلقان يدويًّا، وتقدم وزير النقل باستقالته عقب الحادث وتم التحقيق معه. والحادثة الخامسة للقطارات في عهد الرئيس محمد مرسي وقعت في يناير الماضي، حيث لقى 19 مجندًا مصرعهم وأصيب 117 آخرين إثر انفصال العربة الأخيرة من قطار حربي محملا بنحو 1300 شاب من حملة المؤهلات المتوسطة تقدموا لأداء الخدمة العسكرية، كانوا في طريقهم إلى معسكر للأمن المركزي بالقاهرة بعد توزيعهم على وزارة الداخلية. ووصلت حصيلة ضحايا ركاب القطارات في أول سبعة أشهر من حكم الرئيس محمد مرسي إلى 89 قتيلًا و240 مصابًا. أما العقارات أبت أن تقف ساكنة دون أن يكون لها دور فعال في رسم المأساة والرقص على إيقاع المشهد الأسود، وليتها اكتفت بالرقص فقط على صلصلة الحوادث وصخبها بل تجاوزت ذلك وخرَّت ساجدة لتخلف مقابر جماعية.. حيث توالى انهيار العقارات في الإسكندرية لأكثر من مرة، وفي كل مرة يخلف ورائه ضحايا جددًا سواء كانوا قتلى أو مصابين، كما تبعه انهيار عقار في مصر القديمة ودمنهور، وكأن المصريين كتب عليهم أن يقتلوا حتى وهم في منازلهم، والعجيب هو أن يصرح المسؤلون بأن انهيار العقارات لا يسأل عنه محمد مرسي؛ لأنها بقايا فساد ثلاثين عامًا في عهد الرئيس السابق مبارك، ولا يهم سوى نصرة نظام جديد على حساب جسس أبناء هذا الوطن، ولا يهم ذووهم من المسئول عن قتلهم بقدر ما يوجعهم أنهم ضحية الإهمال، ومع ذلك يأتي دور الرئيس في صرف التعويضات، حتى انهيار عقار آخر. وعلى سبيل العد لا الحصر، كان الشهر الذي فاز فيه مرسي، شهر يوليو وصلت أعداد ضحايا التصادم وانقلاب السيارات إلى 89 مواطنًا لقوا مصرعهم على الطرق السريعة بمحافظات البحيرة والبحر الأحمر وبني سويف والشرقية وسوهاج، بينما وصلت أعداد ضحايا القطارات إلى 8 أشخاص بمحافظات سوهاجوأسيوط والشرقية، كما لقى 19 مواطنًا مصرعهم غرقًا في النيل، كما لقى ثلاثة أشخاص مصرعهم يوم 12 يوليو نتيجة انفجار أنبوبة بوتاجاز بالبدرشين، ولقى 3 عمال صرف صحى مصرعهم يوم 18 يوليو فى بلاعة بمنطقة بولاق الدكرور، وعندما حاول أحد المواطنين انقاذهم لاقى نفس مصيرهم، بينما لقى عامل نظافة مصرعه وأصيب عاملان آخران، وذلك لسقوط سور خاص بغرفة الكهرباء التابعة لحى مدينة العمرانية، حيث إنهما كانا متواجدين تحت السور لرفع القمامة. كما شهد هذا الشهر وقوع ضحايا على أيدى الأجهزة الشرطية في حادثتين مختلفتين، حيث لقى شاب مصرعه إثر تلقيه طلقًا ناريًّا بالرأس، فيما أصيب آخر بجرح قطعي بالساق في مشاجرة بين الثانى وأمين شرطة وشقيقه عريف شرطة بسبب خلافات الجيرة بقرية نجع سالم التابعة لمركز نجع حمادي. وعلى طريقة خالد سعيد لقى سامر محمد محمود مصرعه على أيدى رجال الشرطة بمدينة نصر، وهذا ما أكدته والدته التي قالت وقت الحادث: إن نجلها قتل على أيدى رجال الشرطة، حيث أطلقوا الرصاص عليه ولفقوا له محضرًا في قسم مدينة نصر بدعوى أنه حاول الهرب من الشرطة وأطلق الرصاص عليهم فاضطروا إلى مبادلته الأعيرة النارية حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وأنهم وجدوا بحوزته مواد مخدرة، وأكدت والدته أن الداخلية حاولت تشويه صورة ابنها الشهيد بعد وفاته لعدم معاقبة الضباط المتورطين بقتله. وكان لمجندي الأمن المركزي ورجال الجيش نصيب الأسد، فقتلوا على الحدود أثناء تناولهم للإفطار في رمضان، واستشهد 16 جنديًّا مصريًّا، خلال هجوم مسلح عليهم، وتوالت الحوادث من هذا النوع، فبين الحين والآخر يحدث هجوم مسلح على نقطة تفتيش أو كمين، يروح ضحيته شهيد أو أكثر، وبينما كان مجندو الأمن المركزي في إجازة، قتلوا في قطار البدرشين، أثناء عودتهم، بالإضافة إلى حادث انقلاب شاحنة الأمن المركزي، والذي أسفر عن وفاة 21 مجندًا، لمعاينة الشاحنة، وتحديد أسباب انحرافها عن الطريق، وسقوطها في جرف جبلي أسفل الطريق. وما أغرب أن تطول" لعنة الموت" السائحين، الذين جاءوا ليزورا دولة الأمن والأمان، فقد كانت آخر حادثة وفقا ل"كوارث ميتر" التي تقيس دور الرئيس في "النهوض" بالشعب، حيث شهدت مدينة الأقصر أمس، انفجارًا كبيرًا نتيجة سقوط بالون طائر فوق قرية ''حاجر الضبعية'' في البر الغربي، وعلى متنه 21 شخصًا، لقى 19 منهم مصرعهم، وتم نقل الشخصين الناجين اللذين أصيبا إصابات بالغة إلى مستشفى الأقصر العام، في كارثة هي الأسوأ في تاريخ السياحة منذ 26 عامًا ولم يسقط "منطاد"، ولكن هذه كرامات "النهضة". أخبار مصر - تحقيقات - البديل Comment *