لم تكد البنوك تنتهي من الفترة الصعبة التي تمر بها في تاريخها في أعقاب تراجع الاقتصاد على إثر الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد في أعقاب الثورة حتى بدأت في استكمال ملفات التعثر التي زادت في أعقاب ثورة 25 يناير. وأكد خبراء مصرفيون أن البنوك تجرى حاليا استعدادات مكثفة للانتهاء من أزمة الديون المتعثرة ومحاولة تسويتها بما يمكنها من توفير أموال تعيد ضخها فى محافظها لإعادة إقراضها، لحين عودة النشاط إلى الاقتصاد المصري بشكل عام، ويقدر البنك المركزي حجم الديون المتعثرة بنحو 10.7% من إجمالي قروض الجهاز المصرفي، إلا أن الخبراء يعتبرونها لا تزال آمنه حتى الآن. وأكد حسام ناصر الخبير المصرفي ونائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصري، أن عددًا كبيرًا من البنوك المصرية تعمل بشكل جيد وتسير في مسار صحيح بالنسبة تسوية الديون المتعثرة أو الغير منتظمة بها، كما كانت تقوم بتكوين المخصصات لهذه الديون، ولكن نتيجة للتوترات السياسية والأمنية، يتوقع زيادة حجم الديون المتعثرة، والتي أثرت على عدد من القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى أن الصورة الخاصة بعمليات تسوية الديون المتعثرة قد تبدو ضبابية وغير واضحة. وأضاف أن البنوك تلجأ إلى طرق متنوعة متعددة لتسوية هذه المديونيات غير المنتظمة، وهى إما جدولة الديون أو مد مهلة جديدة للسداد، بالإضافة إلى إمكانية تعويم الدين والتي تعنى إعطاء قروض جديدة لإعادة التشغيل أو أن يتم تحويل قيمة المديونية إلى مساهمة من جانب البنك في المشروع، مشيرا إلى وجود أساليب كثيرة تقوم بها البنوك عند التسوية أو معالجة الديون المتعثرة. من جانبه أشار محمد سليمان، مدير معالجة وإعادة هيكلة الديون المتعثرة بأحد البنوك الخاصة، إلى أن الديون المتعثرة تعد مسألة طبيعية في الحياة المصرفية التي تتعامل مع الواقع والذي يختلف من رواج إلى كساد وأحيانا تعثر، مشيرا إلى أن التعثر شيء عارض وأحيانا يكون موسمي، مشيرا إلى أن أسباب تعثر أي عميل قد ترجع إلى بعض قرارات الحكومة المترددة أو بسبب ظروف السوق، أو سوء الإدارة الخاصة بالمشروع، مشددا على وجوب مساندة البنوك للعملاء للتغلب على مشكلات التعثر، وعدم إهمال المشكلة، التي سيؤدي إنكارها الى تزايد التعثر بشكل كبير. وتوقع أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من حالات التعثر داخل الجهاز المصرفي وذلك بسب الإحداث الأخيرة وتأثر عدد من القطاعات الاقتصادية بهذه الأحداث بشكل كبير ولكن يجب على البنوك أن تقوم بمعالجة هذا التعثر بشكل جيد ورعاية عملائها خلال هذه المرحلة الحرجة التى يمر بها الاقتصاد المصري. وأضاف سليمان أن السبب الرئيسي في عدم إنهاء ملفات التعثر القديمة، يرجع إلى عدم الفهم الجيد لعملية التعثر، حيث أنه من المفترض أن يكون البنك شريكا أساسيا مع العميل فى المكسب والخسارة، ولا يجب إلزام العميل برد المبالغ المقترضة، بالإضافة إلى فوائدها، مهما كانت الأسباب، حيث يجب دراسة حالة كل عميل بشكل جيد والتأكد من إذا كان هذا العميل قد هرب أمواله أم أنفقها في نشاط غير المخصص لها ، وبناءا على هذه الدراسة يتم التعامل مع العملاء المتعثرين، كما يجب مراعاة الظروف الخاصة بهم في حالة تعرضهم للتعثر نتيجة ظروف قهرية. وأكد الدكتور عبد المجيد السيد، مسئول علميات مصرفية ببنك الإسكندرية، أن عمليات تسوية الديون المتعثرة هي عبارة عن الاتفاق على السداد وفقا لمدة معينة ولا يعنى توقيع اتفاقية بالتسوية أن يتم إسقاط المديونية أو دفعها بالكامل حيث انه يتم الاتفاق على السداد خلال مدة معينة وقد يقوم العميل بسداد جزء من المديونية ويتبقى جزء آخر، مشيرا إلى أن عدم التزام العميل بالمدة المحددة في عقد التسوية قد تؤدى إلى إلغائها. وأضاف السيد أن الديون المتعثرة أو غير المنتظمة هي عملية مستمرة ولا يمكن القضاء عليها بشكل نهائي ولكن يمكن تحديدها عن طريق متابعة كل عميل على حدة، مشيرا إلى أن بعض البنوك تتجمل ولا تظهر حجم مديونياتها ويساعدها في ذلك مراقبي الحسابات، وتعلن هذه البنوك أنه تم الانتهاء من الديون المتعثرة بها وهى في حقيقة الأمر قد يكون تم تسويتها وليس سدادها حيث لا يعلم الحقيقة كاملة إلا البنك المركزي. Comment *