ما زال المشهد السياسي المصري يسيطر عليه حالة من الاضطراب الذي ساعد على اضطراب الحالة الاقتصادية؛ مما تسبب في تخبط في كافة المجالات، خاصة مع غياب الدولة في القيام بدورها، ومن ثم غياب المشروع النهضوي عن المشهد، كل هذه القضايا وغيرها تناولها هذا الحوار الذي أجريناه مع الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعضو جبهة إنقاذ الوطن.. * كيف ترى المشهد في مصر الآن مع وضع الأحداث المتوالية عليه في الاعتبار؟ ** المشهد الآن في مصر كارثي وينذر بكوارث لا حصر لها، وتجلت مصادر الكوارث التي أراها في المشهد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في صورة النظام الذى يحكم مصر الآن؛ لذلك فمصر مقبلة على فترة مظلمة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والحريات في ظل دولة فاشية يحكمها نظام قمعي يستخدم المليشيات بديلاً عن الأجهزة الأمنية لتحقيق أهدافه وأغراضه. ** ما هي هذه الأهداف التي يستخدم المليشيات من أجلها، والتي من ثم تخل بكونه رئيسًا منتخبًا بأغلبية؟ * أهدافه واضحة تتمثل في دولة إخوانية تسيطر على كافة مجريات الحياة السياسية.. تقصي كافة معارضيه ولا تؤمن بالرأى الآخر.. يعين المسئول عن طريق أهل الثقة لا أهل الخبرة.. ويسيطر عليه التشدد في شئون الدين، ويستخدمه ليمرر مصالحه وأغراضه، والدليل على ذلك هو استخدام الدين في جميع الانتخابات الماضية، سواء كانت استفتاءات أو مجلس نيابية. أما بالنسبة للرئيس المنتخب فنحن نعلم أنه منتخب، لكن هل هو من يحكم البلاد؟ * إذن أنت مع الرأي الذي يرى أن مرشد الإخوان هو الذي يحكم؟ ** بالتأكيد مرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع ومكتب شورى الإخوان يحكمان مصر.. ويستميتان ويتكالبان على السلطة. وهناك العديد من الآراء والطروحات والمبادرات التي صدرت من أشخاص بأعينهم داخل جبهة الإنقاذ.. على سبيل المثال مبادرة السيد عمرو موسي لحل الأزمة الحالية والتي تتصاعد كل يوم بين المعارضة والرئيس. الآراء كلها متفقة داخل جبهة الإنقاذ فهناك اتفاق على ثوابت يعلمها الجميع.. هي مصلحة الوطن والوقوف في وجه من يريد العودة بمصر وشعبها إلى عصور الاستبداد والجهل. * ولكن الرئيس التقى بالمعارضة والمتمثلة في جبهة الإنقاذ، ودار حوار بينه وبينهم؟ ** لعلك تعلم أننا ذهبنا في السابق جماعات وأفرادًا للجلوس مع الرئيس.. 6 أحزاب سياسية بالإضافة إلى مرشحي الرئاسة السابقين الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى، وطالبنا بدستور لدولة مدنية ديمقراطية، وهو ما أكد عليه الرئيس، وقال: "لن أسمح بغير ذلك"، ثم فوجئنا جميعًا بسلق الدستور في 48 ساعة، والغريب في الأمر أثناء حوارنا مع الرئيس أنه طلب اقتراحاتنا، ثم خرج علينا بالدستور المعيب الذى يرسخ لدولة متخلفة. * هل يمكن أن نعرف بعض هذه المواد التي جعلت الدستور معيبًا؟ ** المادة 219 والتي تفسر معنى "الشرعية الإسلامية المصدر الرئيسي للدولة" تفسرها بالمذاهب المختلفة للأمور التشريعية والأمور الدنيوية، وبمعنى أوضح لدينا مثال حي وحيوي، وهو أن الحكومة المصرية تطلب الآن قرضًا من صندوق النقد الدولي، هناك من يرى من مشايخ هذا العصر أن القروض وفوائدها حرام، وهناك من يرى أنها حلال؛ لذلك وَضْع هذه المادة يجعلنا نحكم بقوانين وفتاوى مختلف عليها مضى عليها أكثر من 1000 عام. مادة أخرى كارثية لا يمكن لمجتمع متحضر قبولها، وهي ما يخص الطفل في الدستور وهو عدم الاعتراف بسن الطفل حتى 18 سنة، وهذا يفتح الباب أمام زواج القاصرات في سن 9 سنوات ويفتح الباب أيضًا لبيع البنات الصغيرات لمشايخ العرب. * ننتقل من الكوارث الحالية إلى تطلعات مستقبلية لمحاولة إنقاذ مصر.. الانتخابات البرلمانية القادمة، هل سيخوضها الحزب المصرى الديمقراطي الاجتماعي؟ وهل ستكون هناك تحالفات أمام تكتلات التيارات الإسلامية بأحزابها؟ ** الحزب يستعد الآن لانتخابات مجلس الشعب القادمة من خلال التحالف مع جبهة الإنقاذ الوطني، وفي حالة التوافق معها ستكون هناك قائمة واحدة لمواجهة قوائم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وحزب النور السلفي؛ لأن هذا التحالف هو الأمل الوحيد لإحداث توازن في الشارع. * هل هناك اتفاق معين، أم سيكون الهدف عمل جبهة مضادة للتيارات الإسلامية المتكتلة؟ ** لن يكون الأمر مجرد تجميع أفراد.. بالتأكيد هناك شروط ومواصفات خاصة لكل مرشح، وسيرشح كل حزب بعض الشخصيات بناء على هذه المواصفات، وستتم المفاضلة بينهم؛ لاختيار أفضل العناصر التي تمثل قائمة المعارضة، وأتمنى ألا يكون هناك خلاف بين التحالف؛ لأن ذلك سيضعف المعارضة أمام الإخوان. فالمعركة الحقيقية للجبهة هي موجهة للتيارات الدينية في انتخابات مجلس الشعب القادمة، ولا بد من خوضها بكل ثقل دون أي خلافات؛ لأنها ستصب في صالح التيارات الدينية. * وهل اتخذتم خطوات عملية في هذا الأمر؟ ** الجبهة شكلت بالفعل لجنة لفحص المرشحين من مختلف الأحزاب، وسوف تنافس على 100% من المقاعد، وهذه اللجنة يرأسها الدكتور عبد الجليل مصطفى والدكتور محمد غنيم، وستقوم اللجنة بفحص وتحديد مرشحي كل الأحزاب، وسيتم وضع قواعد مشتركة لكل المرشحين. * أثارت تصريحات الدكتور عصام العريان حول عودة اليهود المصريين إلى الوطن ردود أفعال واسعة، فكيف تلقيت هذه التصريحات؟ ** أي عودة وأي يهود يتحدث عنهم الدكتور عصام العريان؟!! هذا كلام للاستهلاك عالميًّا وتحسين وجهة جماعة الإخوان المسلمين الذى ظهر على حقيقته في الآونة الأخيرة، وهو كلام فارغ، وأؤكد أن اليهود لا يريدون العودة لمصر لأسباب عديدة، منها عدم الاستقرار في ظل نظام الإخوان، بالإضافة إلى انعدام تواجد الأمن والأمان والحالة الاقتصادية المتدهورة والفساد والاستبداد.. كل هذا يجعل تفكير اليهود في الرجوع إلى مصر أمرًا مستحيلاً. * لكن هذا المستحيل سيفتح علينا ملفات عديدة على رأسها ممتلكاتهم؟ ** تعالَ نرجع إلى التاريخ؛ لنعرف من طرد اليهود من مصر.. جماعة الإخوان المسلمين هم من شارك مع حزب مصر الفتاة عام 1948 في طردهم من مصر عن طريق حرق محلاتهم. أما الحديث عن ممتلكات اليهود، فلا يوجد ممتلكات لهم؛ لأن التاريخ يؤكد أنهم باعوا جميع ممتلكاتهم. * بوصفك أستاذًا جامعيًّا تعمل في مجال الطب، كيف تتعامل مع ملفات التعليم والبحث العالمي والصحة في ظل الدستور الجديد، خاصة أنها قضايا تهم كل مواطن بالدرجة الأولى؟ ** أولاً ليس لدينا بحث علمي، لكن لدينا بعض أشخاص يعدون على الأصابع هم من يشغلون بالهم بالبحث العالمي، والدولة لا توفر مبالغ كافية؛ لذلك نجد أن ميزانية البحث العالمي من الإنتاج القومي 3 من 10 %، أى أقل من نصف من واحد في المائة، وحتى هذه المخصصات الزهيدة تذهب إلى مرتبات للعاملين في البحث العالمي. أما التعليم فلا بد من تخصيص نسبة كبيرة من الموازنة العام للدولة، وكذلك الصحة، لا بد من تخصيص من 12 إلى 15% من الموازنة العامة للدولة لها. * في الختام، كيف ترى المستقبل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وما ينبغي أن يحدث من أجل صالح مصر؟ ** أظن أن الكرة الآن في ملعب الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وعليهما أن يقوما بعمل مبادرة لجمع الشمل والعودة إلى ما كانت عليه المعارضة وقت الثورة، حيث كان الجميع في مواجهة نظام مستبد قمعي. لكن ما تقوم به الجماعة الآن يعيدنا إلى نقطة الصفر ويرسخ دولة استبدادية. نعلم أن الرئيس منتخب، لكن هل هو من يحكم البلاد؟ ذهبنا للجلوس مع الرئيس، وأكد أنه لن يسمح بغير دستور مدني ديمقراطي، ثم فوجئنا بسلق الدستور في 48 ساعة! جبهة الإنقاذ شكلت لجنة لفحص المرشحين من الأحزاب، وستنافس على 100% من المقاعد