شهد العام 2012 وضعاً اقتصادياً صعباً حيث مرت البلاد بسلسلة متتالية من التطورات السياسية ترتبط بإعادة مؤسسات الدولة والتى تؤثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية، حيث لم تكن الظروف مواتية بالشكل الكافى لزيادة معدلات النمو وتحسين مناخ الاستثمار وإعادة ثقة المستثمرين مرة أخرى. فالاقتصاد خلال العام المالى 2011/2012 حقق نمواً بنحو 2.2% وهو معدل أعلى من معدلات نموه فى العام السابق عليه (1.8%) إلا أنه يظل أقل من المطلوب لإعادة الاقتصاد إلى وضعه القوى. كما امتد أثر ذلك إلى الاستثمارات الأجنبية التى دارت حول مستويات 2.6 مليار دولار فى التسعة أشهر الأولى من 2012. ومع تلك الصعوبات الاقتصادية فقد تأثرت أوضاع الموازنة العامة للدولة ليرتفع مستوي العجز بها إلى 10.8% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى 2011/2012 مقارنة بنحو 9.8% فى العام السابق عليه، وتزامن ذلك مع انخفاض صافى الاحتياطيات الأجنبية خلال عام 2012 ليصل إلى 15 مليار دولار في نهاية نوفمبر 2012 مقارنة بنحو 18 مليار دولار فى ديسمبر 2011، وشكل ذلك ضغوطاً متزايدة على قيمة الجنيه المصرى التى انخفضت ليصل سعر الصرف إلى 6.32جنيه/دولار فى نهاية 2012 مقابل 6.032 جنيه/دولار فى نهاية ديسمبر 2011. فى وسط تلك الأحداث فتبدو البورصة المصرية تغرد خارج السرب بنمو يقترب من 51% خلال العام وهو نمو لم تحققه البورصة منذ عام 2007، وتعتبر تقريباً هى القطاع الوحيد فى الاقتصاد الذى تمكن من النمو بهذا المستوى فى وسط تلك الأحداث وذلك على الرغم من التقلبات الملحوظة التى شهدتها البورصة خلال العام، إلا أنه على مستوى العام ككل سجلت البورصة المصرية نمواً قياسياً يعتبر الأعلى على مستوى كل البورصات الناشئة والمتقدمة (بعد تركيا) فى 2012. وعلى مستوى أحجام التداول في عام 2012 فإن أداء البورصة قد تحسن مقارنة بالعام السابق عليه، فعلى مستوى أحجام التداول فقد ارتفعت إلى نحو 34 مليار ورقة مالية وهو رقم لم يتحقق حتى فى السنوات الأخيرة في مرحلة ما قبل الثورة، بينما سجلت قيمة التداول نحو 185 مليار جنيه مقارنة بنحو 148 مليار جنيه فى عام 2011، وارتفع عدد العمليات المنفذة إلى ما يزيد عن 6 مليون عملية مقارنة بنحو 5.6 مليون عملية فى 2011. بينما ارتفع رأس المال السوقى للأسهم المقيدة فى السوق الرئيسى ليصل إلى 376 مليار جنيه فى نهاية عام 2012 مقارنة بنحو 294 مليار جنيه فى نهاية العام الماضى. وتنتظر البورصة تحقيق مزيداً من الاستقرار على المستوى الاقتصادى والسياسى حتى يمكن للسوق أن يحقق المزيد من النمو خلال الفترة القادمة. السوق المصرى يحافظ على مستويات ربحية مرتفعة ويعتمد هذا النمو بشكل كبير على نظرة المستثمرين المستقبلية للسوق المصرى، فبالرغم من الظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى إلا أن ربحية الشركات مازالت الأعلى مقارنة بكل الأسواق الناشئة حيث بلغ معدل العائد على الكوبون للسوق المصري نحو 8.3% وذلك مقارنة بنحو 2.6% لأسواق الناشئة و3.2% لأفريقيا والشرق الأوسط وفقاً لمؤسسة ستاندرد آند بورز. ليس فقط ارتفاع فى المؤشرات ولكن أيضاً مساهمة دعم الاقتصاد المصرى والواقع أن البورصة قد واصلت تأكيد دورها فى خدمة الاقتصاد المصرى ليس كمنصة للتداول وتحرك رأس المال فقط ولكن الأهم هو دورها الرائد فى دعم الشركات وتوفير التمويل لها، فبالرغم الظروف الصعبة خلال 2012 إلا أن البورصة ساعدت نحو 22 شركة مصرية فى توفير تمويل يقترب من 1.3 مليار جنيه للشركات المصرية لمساعدتها فى النمو والازدهار علماً بأن بنية التداول فى البورصة تسمح بتوفير تمويل بمستويات أعلى بكثير إذا كان هناك خطط توسع أكبر للشركات. مزيداً من التسهيلات للشركات المقيدة لمساعدتها على النمو والتوسع ولتشجيع الشركات على النمو والتوسع ودعم الاقتصاد المصرى فقد قدمت البورصة عدداً من التسهيلات تستهدف تشجيع الشركات على القيد وطرح أسهمها للتداول، حيث تم إعفاء الشركات التى تقوم بقيد أسهمها وطرحها للتداول من رسوم القيد، بالرغم من الظروف المالية الصعبة التى تمر بها مؤسسة البورصة. ولمزيداً من التسهيل فقد وافقت إدارة السوق على قيام عدد من الشركات بطرح حصص من أسهمها عبر سوق الصفقات الخاصة (OPR) لكافة المتعاملين داخل السوق مع اشتراط استيفائها كامل متطلبات تقرير الإفصاح بغرض الطرح. تحول جذرى فى سياسات البورصة لمواجهة التحديات ونظراً لأن طبيعة تلك التحديات خارجة عن إرادة البورصة فقد قامت إدارة البورصة بتعديل إستراتيجيتها للتحول من الترويج المباشر الذى قد لا يكون أفضل الخيارات فى الوقت الحالى، إلى التركيز بصورة أكبر على تدعيم واستعادة ثقة المستثمرين، حيث تم التركيز على تدعيم وتحسين مستويات الرقابة على التداول فى البورصة المصرية من خلال إطلاق نظام جديد للرقابة على التداول من تصميم مؤسسة ملينيوم آي تي المملوكة لبورصة لندن وهذا النظام يطبق فى عدد كبير من الأسواق المتقدمة والناشئة ويصنف أنه الأفضل عالمياً فى الرقابة على التداول ويزيد بقوة من قدرات البورصة على الرقابة على حركة التداولات اليومية والكشف عن كافة أشكال إساءة الاستخدام أو أية تداولات غير طبيعية أو مريبة وذلك في أسرع وقت ممكن. كما كان التركيز ملحاً على تحسين مستويات الإفصاح لدى الشركات من أجل تحقيق حماية أكثر للشركات المقيدة فتم عقد عدة لقاءات مع مسئولى الشركات لرفع درجة الوعى بمستوى الإفصاح والتنسيق من أجل التغلب على المشاكل التى تواجه الشركات فى عملية الإفصاح، وقد نتج عن ذلك قيام البورصة بإطلاق أول نموذج معيارى موحد للإفصاح لدى الشركات وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من التزام الشركات بنموذج موحد للإفصاح. ويساعد على سهولة إتاحة كافة المعلومات التي من شأنها التأثير على تسعير الأسهم مثل آخر التطورات الجوهرية التي طرأت على نشاط الشركة فضلاً عن التغيرات الجوهرية التي طرأت على استثمارات الشركة. واستكمالاً لتلك المنظومة فقد شهد العام قرار الهيئة العامة للرقابة المالية الذى يلزم الشركات المقيدة بضرورة وجود موقع الكترونى على شبكة الانترنت تتيح من خلاله الشركة توفير القوائم المالية والبيانات والأخبار الخاصة بها مما يعد تدعيم لعملية الإفصاح والإتاحة المعلوماتية. إعادة البورصة إلى خريطة الاستثمار العالمى ومن جانب أخر فقد قامت البورصة المصرية بالعديد من المبادرات التى تستهدف جذب المزيد من الاستثمارات إلى السوق المحلى وكان من أبرز تلك الجهود إطلاق آلية FIX Hubوهى آلية تسهل من دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرى من خلال ربط البورصة المصرية بنحو 175 سوق عالمى من خلال شبكة الربط العالمية Fidessaوالتى يتم تداول من خلالها ما يزيد عن 800 مليار دولار، وهى خطوة هامة ستسهم فى زيادة السيولة فى السوق بتكلفة اقتصادية. من جانب آخر فتوشك البورصة المصرية على الانتهاء من عملية الربط ببورصة اسطنبول والتى تعد أحد أكبرأسواق المنطقة، حيث تستهدف عملية الربط أيضاً تحقيق المزيد من التسهيل فى عملية دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرى وفى حال نجاح هذه التجربة فتخطط البورصة المصرية لإعادة تطبيقها مع عدد من مراكز المال العالمية والإقليمية. الترويج مازال موجوداً من أجل إثبات التواجد وتغيير الصورة الذهنية عن وضع مصر من جانب آخر فركزت البورصة على وجود حملة ترويجية تستهدف تحسين صورة مصر أمام الخارج، فاتجهت البورصة للتنافس على العديد من المناصب فى المؤسسات الدولية لإثبات التواجد، وفازت بمنصب نائب اتحاد البورصات اليورو اسيوى، كما فازت بشرف استضافة المؤتمر السنوى لاتحاد البورصات الأفريقية ومؤتمر اتحاد بورصات جنوب شرق آسيا ومؤتمر اتحاد اليورو آسيوي فى ديسمبر من العام 2012 وقد أسهم نجاح تلك المؤتمرات فى تغيير الصورة السلبية عن الوضع فى مصر إلى حد كبير حيث أكد الحضور أن الوضع أفضل كثيراً مما يظهر على شاشات الإعلام العالمية عن مصر. تطوير مستمر فى بيئة التداول كما شهد السوق عدد من التطورات الهامة التى تستهدف تحديث بنية التداول فى السوق المصرى ومواكباتها لأحدث المعايير الدولية، حيث تم إطلاق القواعد الخاصة بتداول حقوق الاكتتاب بشكل منفصل وهى الأداة التى تساعد المستثمرين على الاحتفاظ باستثماراتهم فى حالة قيام الشركة بإجراء اكتتاب لزيادة رأس المال حيث يتم تداول حق الاكتتاب فى الزيادة بشكل منفصل عن الورقة المالية ذاتها. كما استهدفت إدارة البورصة المصرية تفعيل آلية جديدة لاحتساب أسعار الإغلاق للأوراق المالية، والتى تسهم فى الحد من تذبذبات الأسهم نتيجة التعاملات المحدودة وتوفير أساليب أكثر تطوراً للتعبير عن أداء السوق. ومن جانب آخر تخطط البورصة لإطلاق آلية تداول منفصلة لتنفيذ الصفقات ذات الحجم الكبير والتى تمثل ما لا يقل عن 2% من حقوق التصويت أو بقيمة تبلغ 2 مليون جنيه أيهما أقل. وتساعد هذه الآلية على تفعيل وتسهيل التداول خاصة للمؤسسات وتحقيق قدر أعلى من احتماليات التنفيذ لكامل الكمية المطلوبة، وتساهم أيضاً فى زيادة سرعة التنفيذ وتخفيض تكلفة التداول وزيادة أحجام التداول مما ينعكس بالإيجاب على زيادة كفاءة السوق. كما يستعد السوق لعودة نظام التداول فى ذات الجلسة T+0خلال الفترة القادمة بعد الانتهاء من الإجراءات الفنية الخاصة بعودته مرة أخرى، كما تم الانتهاء من إقرار القواعد الخاصة بمحددات الاعتداد بالسعر الاستكشافى كسعر فتح جديد وسيتم تطبيق تلك القواعد عند بدء التعامل بالجلسة الاستكشافية عند تحسن ظروف السوق. كما تدرس البورصة فى الوقت الحالى مجموعة من الإجراءات التى تستهدف تقليص الزمن المستغرق فى إقرار الصفقات بسوق خارج المقصورة دون الإخلال بالقواعد القانونية المنظمة لهذا الشأن. ومن جانب أخر ومراعاة للظروف التى تمر بها شركات الوساطة فى الأوراق المالية فقد أصدر السيد وزير الاستثمار قراراً بمد مهلة توفيق الأوضاع لشركات السمسرة لمدة 6 أشهر أخرى لإعطاء الشركات فرصة للتوافق مع القواعد الجديدة. إدراج البورصة المصرية فى عدد من المؤشرات الدولية الجديدة من جانب آخر فقد تم إدراج البورصة المصرية فى مؤشر مؤسسة Standard & Poorsلدول منظمة المؤتمر الإسلامي والذى يضم أنشط 50 شركة فى دول المنظمة ويستهدف الترويج لدول منظمة المؤتمر الإسلامي كأحد أكبر الكتل الاقتصادية فى العالم خلال الفترات القادمة. من ناحية أخرى فقد تم إدراج البورصة المصرية فى مؤشر مؤسسة FTSEللدول الأفريقية والذى أطلقته المؤسسة بنهاية العام تحت مسمى FTSE ASEA Pan Africa Indexويختص بمتابعة أداء شركات من 19 دولة أفريقية، وهو ما يعتبر خطوة هامة نظراً للاهتمام المتزايد على المستوى العالمى فى الأونة الأخيرة بالاستثمار فى القارة الأفريقية. تحسن نسبى فى أداء بورصة النيل سعت البورصة بقوة خلال العام لزيادة الشركات المقيدة فى بورصة النيل وتحسين معدلات السيولة فى بورصة النيل، ولكن التحسن الذى شهده السوق يظل أقل من المستوى المرجو حيث أن التطورات السياسية والاقتصادية لها تأثير أكثر قوة على بورصة النيل نظراً لحداثة السوق وانخفاض حجم الاستثمارات به، وقد تم تسجيل نحو 5 شركات جديدة فى بورصة النيل خلال العام، وارتفع حجم التعاملات فى بورصة النيل إلى 81 مليون ورقة مالية مقارنة بنحو 31 مليون ورقة مالية فى 2011 كما ارتفعت قيمة التداول إلى 247 مليون جنيه مقارنة بنحو 191 مليون جنيه فى 2011. وقد شهد العام عدد من التطورات الهامة التى تخص بورصة النيل، حيث أطلقت البورصة المصرية بالتعاون مع هيئة تنمية التكنولوجيا مبادرة لدعم الشركات الراغبة فى القيد فى بورصة النيل، حيث تتحمل هيئة تنمية التكنولوجيا تكاليف إعادة هيكلة شركات تكنولوجيا المعلومات الراغبة فى القيد فى بورصة النيل كما واصلت البورصة جهودها للترويج لبورصة النيل من خلال عقد عدد من ورش العمل فى العديد من المحافظات للتعريف بأهمية القيد والاستثمار فى بورصة النيل وذلك فى سوهاج و6 اكتوبر وبورسعيد كما تم عقد لقاء مماثل مع أعضاء غرفة تكنولوجيا المعلومات، ويعتبر تغيير ثقافة الشركات العائلية وإقناعها بأهمية القيد فى البورصة بصفة عامة هو أحد أهم التحديات التى تركز البورصة على تغييرها نظراً لوجود العديد من المفاهيم المغلوطة لدى الشركات عن البورصة. استمرار جهود التقارب مع مجتمع الاستثمار واصلت البورصة جهودها للتقارب مع مجتمع المستثمرين للتعرف على مقترحاتهم وشكواهم وتم الالتقاء بكافة جمعيات المستثمرين فى مصر لبحث تعزيز سبل التعاون والتنسيق فى كيفية تحسين أداء السوق والتغلب على المشكلات التى تواجهه. تطوير مستمر لمنظومة العمل الإداري والمالي داخل البورصة نجحت البورصة خلال العام 2012 فى إجراء العديد من الإصلاحات الهيكيلة والمالية داخلياً فى البورصة استهدفت توفير النفقات والسيطرة على العجز المالى المتحقق فى العام 2011 وبالفعل فتعد البورصة المصرية نموذجاً فى كيفية التحول من مؤسسة تحقق عجزاً مالياً إلى مؤسسة ليس لديها عجز مالى تقريباً وذلك بالرغم من عدم تحسن الظروف العامة المحيطة بنطاق عمل المؤسسة. Comment *