أكد ممتاز السعيد - وزير المالية - أن نتائج الحوار المجتمعي حول حزمة الإصلاحات الإقتصادية التي اعدتها الحكومة وأعلنتها مؤخرًا، هى ما ستقرر موعد تنفيذ التعديلات الضريبية المجمدة. وقال: "إن الحكومة ترحب بكل وجهات النظر والآراء والمقترحات التي تقدم بها ممثلو المجتمع المدني مثل اتحادات الغرف التجارية والمستثمرين والصناعات حول حزمة الإصلاحات الضريبية، مؤكدًا أن وزارة المالية ستراعيها عند وضع اللائحة التنفيذية للقوانين التي تم تعديلها، جاء ذلك خلال بيان الوزارة عن لقاء الوزير مساء أمس مع مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية برئاسة أحمد الوكيل. وأعلن الوزير عن استمرار مشاورات مصر مع صندوق النقد الدولي بخصوص قرض ال 4.8 مليار دولار، مشيرًا إلي أن بعثة للصندوق ستحضر لمصر قريبًا لهذا الغرض، معربًا عن أمله في عرض تقريرها والاتفاق مع مصر علي مجلس المديرين التنفيذيين للصندوق خلال يناير للتصديق علي الاتفاق، بما يتيح لمصر بجانب الحصول على هذا التسهيل الائتماني، الحصول على شهادة ثقة في قدرة الإقتصاد المصري علي التعافي والنهوض من الأزمة الراهنة وأيضًا منح المستثمرين داخليًا وخارجيًا الضوء الأخضر لبدء ضخ استثمارات جديدة في مصر وهو الهدف الأساسي الذي تسعي له الحكومة. وأضاف أن مصر وقعت من قبل 4 اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي للحصول على تسهيلات ائتمانية لم تسحب منها سوي 263 مليون وحدة حقوق سحب خاصة فقط، رغم أن قيمة التسهيلات الائتمانية كانت أضعاف هذا الرقم، وذلك لأنها في كل مرة كانت تبحث عن شهادة الثقة في إقتصادها ووسيلة لجذب الاستثمارات. وقال الوزير أن مصر تواجه مخاطر إقتصادية وصعوبات مالية، ولكنها أبدًا لا تواجه مخاطر الأفلاس، وذلك بفضل ما تمتلكه من إمكانيات وقدرات إقتصادية وبنية أساسية حمت الإقتصاد الوطني من الانهيار طوال العامين الماضيين. وبالنسبة للازمة الإقتصادية أوضح الوزير أن مصر عانت لسنوات طويلة من إختلال واضح في الموازنة العامة يتمثل في أن إجمالي الايرادات العامة لا تغطي سوي 60% من حجم الانفاق العام بالموازنة العامة ، وبالتالي فان هناك فجوة تبلغ 40% يتم تغطيتها بالاقتراض داخليًا أو من الخارج، وهو ما أدي إلي تراكم دين محلي بلغ حجمه في نهاية أكتوبر الماضي 1.3 تريليون جنيه، كما أن عجز الموازنة العامة الحالية قد يصل إلي 200 مليار جنيه إذا استمرت الأوضاع الراهنة دون اتخاذ أي إجراء. وأشار إلى أن الحكومة حريصة على علاج هذا المرض المزمن للموازنة والذي لا يؤثر علي الجيل الحالي إنما الأجيال المقبلة، مؤكدًا أن العلاج يتطلب أما زيادة الايرادات العامة بنسبة تغطي هذه الفجوة وإما ترشيد الانفاق العام بنفس النسبة، وهو ما يصعب تنفيذه حيث إن معظم بنود الموازنة العامة تعد انفاق حتمي، فمثلًا نسبة 25% من الموازنة العامة تذهب للأجور، و25% أخري تذهب لسداد الفوائد لخدمة الدين العام، ونحو 27% يوجه للانفاق علي الدعم و10%لتمويل الاستثمارات الحكومية، ونحو 13% فقط هي التي نتحرك فيها للانفاق علي دولاب العمل اليومي للحكومة. وأضاف أن البرنامج الإصلاحي الإقتصادي والاجتماعي الذي اعدته الحكومة يتضمن أكثر من اتجاه لعلاج الأزمة المالية والإقتصادية الأول حزمة من الاجراءات والتعديلات التشريعية التي تستهدف بجانب تعزيز الايرادات العامة للدولة مواجهة حالات التهرب وسد الثغرات التي كشف عنها التطبيق العملي للمنظومة الضريبية ، ولهذا فان معظم التعديلات بقوانين الضرائب إنما تتعلق بنظم المحاسبة الضريبية وليس زيادة الضريبة ، مؤكدًا أن ضريبة المبيعات علي سبيل المثال شهدت تغيير المعاملة الضريبية لنحو 20 سلعة وخدمة نصفها تم نقلها من جدول ضريبي إلي أخر وبذات السعر الضريبي المفروض عليها، وهو ما يؤكد عدم صحة التحليلات التي تناولت ارتفاع ضرائب 50 سلعة وخدمة. وأشار الوزير إلي أن المحور الثاني ، ركز علي ترشيد الانفاق العام من خلال ترشيد الدعم والقضاء علي مصادر تسربه لغير مستحقيه ، حيث أكدت الدراسات أن نسبة 40% من إجمالي الانفاق علي برامج الدعم المختلفة تتسرب ولا تذهب لمستحقيها، مؤكدًا أن كل خطط وبرامج ترشيد الدعم لن تمس بأي حال من الأحوال محدودي الدخل ، وإنما سنضمن وصول الدعم لهم من خلال آليات اكثر أحكامًا من الناحية الرقابية. وقال أن ترشيد الدعم عملت عليه الحكومة منذ يناير 2012 حيث حركنا أسعار الغاز الطبيعي للمصانع من 3 دولار إلي 4 دولار أي بزيادة 33% ، أيضًا اتخذنا حزمة من الاجراءات لبدء تنفيذ نظام البطاقات لصرف اسطوانات البوتاجاز ، كما ندرس اجراءات أخري خاصة بالبنزين والسولار. وبالنسبة للمحور الثالث أشار الوزير أنه يتعلق بتوفير مصادر جديدة لسد فجوة التمويل بالموازنة العامة ، والتي نقدرها بنحو 14.5 مليار دولار حتي 30 يوليو 2014، ومن هذه المصادر قرض صندوق النقد الدولي بخلاف منح وتمويل ميسر نخطط للحصول عليها من المؤسسات والجهات المانحة ، لكن هذه المنح والتسهيلات الائتمانية متوقفة انتظارًا لاتمام اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي وطالب الوزير قوى المجتمع بالتكاتف ودعم جهود الحكومة في هذا المسار خاصة في ضوء أن مستويات السيولة المتاحة بالأسواق المحلية لا تغطي هذه الفجوة. وبالنسبة للضريبة العقارية قال الوزير أن قانون الضريبة العقارية عطل 4 سنوات حتى الآن، رغم أن الأزمة التي نعاني منها تتطلب تفعيل القانون ، فقد تم إجراء بعض التعديلات عليه مثل زيادة حد الأعفاء من 6 آلاف جنيه الي 24 الفا، ورفع قيمة العقارات الخاضعة للضريبة من نصف مليون جنيه إلي مليوني جنيه ، بجانب النص علي تخصيص 25% من الحصيلة سنويًا لتطوير العشوائيات ومثلها للمحليات. وقال الوزير أن من التعديلات الأخري أيضًا وضع أسس تقيم المنشات العقارية المستغلة في غير أغراض السكن ، يتم بالتنسيق بين وزارة المالية والوزراء المختصين مع أخذ رأي ممثلي الأنشطة الإقتصادية سواء السياحة أو الصناعة أو التجارة، مشيرًا إلي أن هذا التعديل أجرته وزارة المالية من أجل ضمان وضع قواعد أكثر عدالة وتراعي ظروف الأنشطة الإقتصادية المختلفة داعيًا اتحاد الغرف التجارية إلي المشاركة في وضع تلك المعايير. وردًا علي تساؤل حول تعديلات ضريبة الدمغة النسبية، أكد الوزير أن سعر الضريبة علي التسهيلات البنكية والقروض كما هو 4 في الألف ، وما تم تغييره فقط أن حساب الضريبة بالنسبة للتسهيلات البنكية علي أساس متوسط قيمة التسهيلات الممنوحة علي مدار الثلاثة أشهر وليس رصيد أخر المدة وذلك تحقيقًا للعدالة الضريبية. وردًا علي طلب منح حافز لسداد المتاخرات الضريبة قال الوزير أن هناك قانون ساري بالفعل يمنح حافزًا لسداد المتاخرات الضريبة وتم مد فترته في التعديلات الضريبة الأخيرة إلي مارس المقبل بحيث يمنح من يسدد المتاخرات كلها أو جزء منها خصم بنسبة 15% من أصل المتاخرات الضريبية المستحقة ، وليس من الفائدة وغرامات التاخير. وأضاف أن التعديلات تشمل أيضًا أسقاط كل الضرائب والرسوم المستحقة عن منشات القطاع غير الرسمي عن السنوات الماضية كلها إذا تم تسجيلها خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة في مصلحة الضرائب ، وذلك تشجيعًا لها علي الدخول تحت مظلة الشرعية وبما يضمن حقوق العاملين في هذه المنشات في كافة المزايا والخدمات التي تقدمها الدولة. من ناحيته أكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إن أمام مصر ثلاث طرق للخروج من الأزمة الإقتصادية الحالية ، وهي أما الاقتراض الخارجى أو الداخلى، أو طبع المزيد من أوراق النقد، إلا أن هذا الخيار الأخير سيؤدى إلى كارثة تتمثل فى ارتفاع التضخم بشكل غير مسبوق وسريع ويطول كل السلع والخدمات. وقال أن الاتحاد العام للغرف التجارية ناقش خلال اجتماعه مع وزير المالية علي مدي جلستين الأولي منذ عدة أيام واستمرت 6 ساعات والثانية اليوم،رؤية شاملة للإصلاح المالي والسياسة المالية التي وضعتها الحكومة ، مؤكدًا تفهم الاتحاد تمامًا للموقف الراهن ولاهمية الاجراءات الإصلاحية بما فيها التعديلات الضريبية الأخيرة. وردًا علي ذلك أكد وزير المالية أن الحكومة ترفض تمامًا هذا الخيار ، نظرًا لتبعاته الاجتماعية وأثره الواضح علي شرائح عريضة من المجتمع خاصة الطبقتين المتوسطة والأقل دخلًا مؤكدًا أن مصر لم تطبع جنيه واحد منذ عام 2003 ، في غير أغراض استبدال أوراق النقد التالفة. وقال أحمد الوكيل ، إن مصر تمر بظروف إقتصادية بالغة الدقة، ولابد من تكاتف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، بهدف الخروج من المأزق الإقتصادى بصرف النظر عن أسبابه، مشيرًا إلي ضرورة أن نضع الملف الإقتصادى فى الأولوية الأولى بعيدًا عن الخلافات السياسية ، وذلك حتي نحقق شعار ثورة25 يناير عيش حرية عدالة اجتماعية، ، لافتًا إلى أن اتحاد الغرف لديه 4 ملايين تاجر من المنتسبين للاتحاد، وإذا حسبنا أسرهم وأسر العاملين في القطاع التجاري فان العدد يرتفع لأكثر من 42 مليون نسمة ، كلهم يحذرون من خطورة الموقف الإقتصادي وعدم اتخاذ اجراءات لعلاج الأزمة. وأشار إلى أن استمرار الوضع الراهن سيضعف من قدرة الدولة للخروج من الأزمة الحالية، داعيًا إلي إجراء جراحة عاجلة للإقتصاد أطلق عليها جراحة زراعة جذور الأمل، وهي تتطلب إجراءات تحضيرية عاجلة ومؤلمة، وهو ما قامت به الحكومة من إجراء حزمة من التقشف المالى، منها القوانين الخاصة بالضرائب المباشرة وغير المباشرة، وتعد مقدمة لتغيير هيكلى فى سياسة الإقتصاد المصرى. أخبار مصر – اقتصاد - البديل Comment *