تعد قرية أبيس الأولى ضمن العشرات من القرى والمناطق التى تعتبر الوجه القبيح للإسكندرية، حيث يبلغ تعداد سكانها 30 ألف نسمة يعيشون فى مستنقعات الصرف الصحى ويشربون مياهًا ملوثة ويعيشون فى الظلام الدامس؛ لعدم وجود أعمدة إنارة، وتستوطن بأجسادهم الأمراض الخطيرة كالفشل الكلوى والسرطانات؛ نتيجة البرك والمستنقعات، التقى "البديل" بأهالى القرية ليسردوا معاناتهم بلسان تعتصره الحسرة والألم: عزت عبد الشفيع حسين (مدرس) أكد أن "القرية بها العديد من المشاكل، فقد أنشئت عام 1950 بقرار من الرئيس السابق جمال عبد الناصر؛ لكى تكون أول قرية نموذجية، وتبعد بمسافة نصف ساعة من طريق الإسكندرية - القاهرة الزراعى، ولكن للسف منذ أنشئت ونحن نعاني، فقد كنا نتبع محافظة البحيرة فى استخراج عدادات وفواتير الكهرباء من سيدى غازى (بحيرة) ونستخرج فواتير خدمات المياه من الإسكندرية، ومنذ تاريخ 27 مارس 2007 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 2007 بفصل قرية أبيس الأولى عن محافظة البحيرة وضمها لمحافظة الإسكندرية، ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية، ومنذ هذا التاريخ ونحن مجهولو الهوية وتائهون بين مسئولي البحيرة فى بعض الخدمات ومسئولي الإسكندرية فى خدمات أخرى". ويضيف أبو المكارم أحمد محمد أن "نقطة الشرطة الموجودة بالقرية كانت تتبع محافظة البحيرة، وبعد قرار ضم القرية لمحافظة الإسكندرية تم إغلاق قسم الشرطة وسحب القوات، وقالوا لنا أنتم الآن تتبعون قسم شرطة الرمل ثانٍ بالإسكندرية والذى يبعد عن القرية بمسافة ساعة كاملة بالمواصلات؛ مما شجع بعض النفوس الضعيفة على القيام بأعمال العنف والبلطجة، وأصبحت القرية يحكمها قانون الغابة والبقاء فيها أصبح للأقوى، وأصبحت النقطة عبارة عن لافتة تعلو مبنى مهجورًا مكونًا من حجرتين متصدعتين تسكنهما القطط والكلاب الضالة، وليلاً يصبح مأوى للمجرمين؛ ليتعاطوا فيه الموادالمخدرة. وعندما استنجدنا بمدير أمن الإسكندرية قال لنا: عليكم ترميم المبنى، ونحن نرسل لكم أفراد أمن"، ويعقب "ولكن الأرض المبنى عليها النقطة تابعة للإصلاح الزراعى الذى رفض ترميم المبنى". أما السيدة رضا رجب سردينة فتصرخ وتقول "أنا وبناتى الثلاثة نقيم فى منزل مكون من الطابق الأرضى فقط، ومنذ أكثر من أربع أعوام ونحن نعيش فى مستنقع من مياه الصرف الصحى، فكل يوم نرفع هذه المياه من المنزل ونستيقظ فى اليوم التالى على ارتفاع مياه الصرف؛ لتصل إلى السرير فى غرف النوم، وقد أرهقنا ماديًّا من دفع الأموال لعربات شفط مياه الصرف الصحى من داخل المنزل، ولا يوجد لدينا عائل بعد وفاة زوجى أو أى مصدر رزق لكى نستأجر منزلاً آخر ننتقل إليه لنعيش حياة آدمية". ويقول أحمد عيد أحد شباب القرية "إن الوحدة الصحية التى تخدم 30 ألف نسمة بحالة يرثى لها، فهى مبنى آيل للسقوط يفتقر إلى أقل الخدمات التى لا تسعف أى طفل يصاب بجرح بسيط أو سيدة تكون بحالة ولادة, وعندما أردنا أن نعيد بناء الوحدة الصحية بالجهود الذاتية الإصلاح الزراعى رفض إعادة البناء بحجة تبعية الأرض له". وتقول إحدى الممرضات بالوحدة الصحية "إن الوحدة لا تصلح للاستهلاك الآدمى، فدورات المياه تالفة وغارقة بالصرف الصحى وتنبعث منها روائح كريهة"، وتؤكد أنها تأتى من منزلها كل صباح ومعها أبسط احتياجتها من زجاجة مياه وكوب زجاجى حتى لا تضطر إلى الدخول إلى دورة المياه التى اختلطت بها مياه الصرف بمياه الشرب"، وتضيف أن مهمة الوحدة الصحية هى وقاية الأطفال من الأمراض وتقديم التطعيمات لهم، وتتسائل: "كيف لها أن تعطى التطعيمات والتحصينات في مكان تكثر به الأوبئة وتسكنه الحشرات؟!" بينما تضيف السيدة هاجر حسين أن "العملية التعليمية بها قصور، حيث إن المدرسين يأتون من أماكن بعيدة ويستاءون من المسافة الطويلة، وبذلك لا يعملون بكامل طاقتهم رغم وجود كوادر ومؤهلات مناسبة من أبناء القرية يستطيعون العمل بالمدرسة، بالإضافة إلى أن الأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة بالشتاء؛ نظرًا لعدم صلاحية الطريق غير مرصوف الذى يتحول لبرك من مياه الأمطار". وتؤكد صابرين أن 70%من الأهالى وأطفال القرية مصابون بالفشل الكلوى وفيرس سى؛ نتيجة المياه الملوثة بالصرف، مشيرة إلى أنهم لم يأخذوا من المسئولين سوى وعود، ولم يروا أعضاء مجلس الشعب سوى أيام الدعاية الانتخابية فقط. أخبار مصر – تحقيقات - البديل تائهون بين مسئولي البحيرة ومسئولي الإسكندرية فى الخدمات نتبع قسم شرطة الرمل ثانٍ الذى يبعد ساعة كاملة بالمواصلات كل يوم نرفع مياه الصرف من المنزل والتي تصل إلى السرير فى غرف النوم كيف أعطى التطعيمات في وحدة صحية تكثر بها الأوبئة وتسكنها الحشرات؟!