رأت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقريرها، أمس الجمعة، أن الحقيقة المرة هي أن ممارسة الأعمال العدائية من جانب "إسرائيل" وفلسطين، حتى وإن كانت على مستوى منخفض نسبيًّا هو أمر غير مقبول، ولا يفيد سياسيًّا، خاصة في ضوء الانتخابات "الإسرائيلية" المقبلة. وأرجعت الصحيفة البريطانية على موقعها الإلكتروني قرار "إسرائيل" بالعدوان والتصعيد وعواقب أفعالها في غزة؛ لتستعرض أمام العالم تفوقها العسكري على الصعيد الدولي. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما وقف فى صف أحد الجانبين، قائلاً إنه يتفهم تمامًا لماذا يقدم "الإسرائيليون" على ضرب غزة، وأملهم في تجنب سقوط ضحايا من المدنيين، كما أكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج بوضوح إلى أي جانب تقف بلاده، معلنًا أن حماس تتحمل المسئولية الرئيسية عن الأزمة الراهنة. وأضافت الصحيفة أن نتيجة العدوان الحقيقية رأيناها بالأمس، عندما قتل ثلاثة "إسرائيليين" في وابل أكثر من 70 صاروخًا تم إطلاقها من قطاع غزة، في مشهد قد يتناسب مع أغراض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يخوض انتخابات عامة في غضون شهرين، فكلما تصاعد الصراع وتنامى شعور "إسرائيل" بأنها دولة مُعتدًى عليها، كان ردها أكثر قسوة. وأشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى أن الأكثر من ذلك هو أن إسرائيل تمضي قدمًا على نفس نهجها خلال الفترة اللاحقة لتخلِّيها عن احتلال قطاع غزة في عام 2005 حتى الآن، وهكذا فإنه لا شك في أن هذا النهج سيستمر لفترة طويلة لاحقة. ولفتت الصحيفة إلى أنها تستمر في شن تلك الحملات العسكرية الهجومية رغم الآلام التي تنطوى عليها، إلا أنه يعد مستوى منخفضًا نسبيًّا من الأعمال العدائية (حيث إن عدد الوفيات في الجانب "الإسرائيلي" صغير جدًّا مع هذه الجولة الجديدة من العنف) ومقبولة ومفيدة سياسيًّا لكلا الجانبين. وتناولت الصحيفة فرضي الحرب والسلام، مشيرة إلى أنه بافتراض إحلال السلام، فإن التأييد الذي تحظى به حماس سيتراجع بالنسبة للفلسطينيين المتطلعين بشدة لمستقبل أفضل، وبافتراض شن الحرب، فإن الفلسطينيين سيلتفون حول حماس باعتبارها المنظمة الوحيدة القادرة على الوقوف في وجه "إسرائيل" وإلحاق الضرر بها مرة أخرى. واستطردت الصحيفة أن افتراض إحلال السلام لا يصب أيضًا في صالح إسرائيل، حيث إن "إسرائيل" لم تتنازل عن احتلال غزة لأنها تريد دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، بل لأنها تدرك أنه لا يمكنها الاستمرار في احتلال مباشر لشعب ربما يفوق تعداده تعداد شعبها كله. وأوضحت الصحيفة أن السيطرة على الحدود وتعطيل التجارة واغتيال القادة هو شكل من أشكال الاحتلال بوسائل أخرى، وأن الصراع المستمر في غزة يساعد على ضمان زيادة عمق الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحماس ويجعل أي احتمال لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرًا بعيد المنال. وتابعت الإندبندنت البريطانية أنه من ناحية أخرى، فإن الحرب قد تقدم أصواتًا انتخابية إضافية لصالح نتنياهو، وأن تصعيد الأعمال العدائية في هذه المرحلة يضع حدًّا لأي ضغط حول إجراء مفاوضات بشأن فلسطين، وربما يميل الرئيس أوباما لفكرة استئناف المفاوضات، لكنه لن يتدخل إلا عندما يكون هناك إمكانية لنجاح تلك المفاوضات. ولن تكون هناك فرصة للسلام إلا إذا رغبت "إسرائيل" في ذلك، وأن يتحد الفلسطينيون بصورة تمكنهم من التفاوض. مشيرة إلى أنه لم تكن هناك فرصة كبيرة للسلام في السابق، ولا تزال فرص السلام ضعيفة إلى الآن، كما أنه لا يوجد احتمالات كبيرة حول قدرة الفلسطينين على تشكيل جبهة قادرة على التفاوض. واختتمت الصحيفة أن الشيء الوحيد الذي يتغير هو الصعيد الدولي، وأنه عندما يتوجه الفلسطينيون إلى الأممالمتحدة في نهاية هذا الشهر لطلب صفة مراقب، فإن "إسرائيل" ستصطدم بواقع عدم امتلاكها سوى لعدد قليل من الأصدقاء، وعدد أقل منهم على استعداد لتأييدها بحماس، كما ستكتشف أيضا أن ضرب غزة لن يساعدها في محاولاتها لوقف المسعى الفلسطيني. أ ش أ Comment *