كفاني الزميل يوسف الحسيني مشقة الرد على وزير التنمية المحلية، حين وجه له التقريع قائلاً: أنت خادم الشعب المصري، تتقاضى راتبك من الضرائب التي يسددها، ومضى يكيل له ما يستحق، جزاءً وفاقاً على تطاوله على الزميلة ريم ماجد، وأحسب أن الوزير الآن، يعض أصابع الندم، على ما بدر منه من طيش ورعونة، ويفهم أن الإعلام لن يكون لقمة طرية يبتلعها كل مسئول، يحسب أنه كائن منزه. على أن موقف خادم الشعب، وزير التنمية المحلية، مازال يستحق شيئاً من التدقيق والتفكير، والواضح أن عبارته لريم ماجد: "يجب أن تتعلمي كيفية توجيه السؤال، والعيب ليس عليك، وإنما على الذي وظفكِ" توحي بمنهج الذين ارتقوا سدة الحكم، ورؤيتهم لدور الإعلام، الذين بدت البغضاء من أفواههم في غير مرة، والمؤكد أن ما تخفي صدورهم أشر وأخطر. يبدو أن الوزير خادم، أو بالأحرى خدّام الشعب، كان يتوقع من الإعلامية اللامعة والمهذبة، أن تغني له أغنية شادية لإسماعيل ياسين "يا حلاوتك يا جمالك"، فيما هو يتخذ قراره بإغلاق المحلات في العاشرة، ويسد أبواب رزق في وجه آلاف الكادحين، ويغرق مصر مع العاشرة مساءً، في ظلمات فوق ظلمات، فهكذا يكون الكلام لطيفاً والسؤال ظريفاً، ليس كأسئلة زينة يازجي مذيعة العربية الحسناء، التي طالبها وزير الإعلام "لا فض فوه" هو الآخر، بألا تكون أسئلتها ساخنة مثلها، في زلة لسان أضحكت الملايين ضحكاً يشبهه البكاء، على حد قول المتنبي. هذا هو الإعلام الذي يريدونه، مستأنساً ليس ساخناً في أسئلته، ولا في نقده، وليست له مخالب، ولا يزأر في وجه الباطل.. ينشدون إعلاماً يموء كهرة جائعة حولهم، ويتمسح في أرجلهم، أو في ذيول جلاليبهم، حتى يحظى بشرف رضاهم ونعيم قربهم. موقف الوزير، خدّام الشعب المصري، لا ينفصل أو لا يجوز أن نفصله، عن مواقف مسئولين آخرين، من رجالات الدولة، ومن قياديي حزب الحرية والعدالة، على غرار الدكتور عصام العريان، نائب رئيس الحزب، الذي قذف الإعلامية جيهان منصور، من دون بينة، بتهمة تلقي أموال من الخارج، لتشويه جماعة الإخوان، أو على غرار صبحي صالح، محامي الجماعة، الذي يستحق دخول موسوعة الأرقام القياسية، كونه أكثر سياسي في مجموعتنا الشمسية بأسرها، ينفي اليوم ما أكده بالأمس، ثم يلقي باللائمة على الإعلام! ومع الهجوم اللفظي، والانقضاض على الإعلاميين، واتهام كل ذي رأي بالعمالة والفلولية وبأنه "فئة مندسة"، يُجمّد أو يُقال "فالموقف ليس واضحاً" جمال عبد الرحيم، رئيس تحرير الجمهورية، وتُمنع مقالات صحفية لقامات ورواد، مثل يوسف القعيد، ويبدأ الحديث عن أن الصحفيين ليست على رأسهم ريشة، وما من مانع يحول دون حبسهم في قضايا النشر، ويطبخ الطباخون، المادة العاشرة من الدستور، بحيث تتيح إمكانية غلق الصحف ووقفها "بحكم قضائي"، بما يرسخ مبدأ العقاب الجماعي، لكل العاملين في حال ارتكب صحفي خطأً فردياً. إنه العقل والتفكير إذن.. عدوهم الأول والأخطر، فمن كان لا يؤمن بالسمع والطاعة، فله الويل والثبور وعظائم الأمور، وطالما أن التفكير هو العدو، فلا بأس من ممارسة ضغط على الأزهر، لمنع الكتب التي تنتقد أفكار تنظيم الإخوان، ومنها: دراسات علمية حصدت الدكتوراه، ولا عجب أن يشهد سور الأزبكية، هذا المعلم الحضاري العريق، هجمة تترية شرسة لتهجير نحو مائة وثلاثين بائع كتب، إلى مكان غير معلوم، تهجيراً قسرياً، لأن المسجد المتاخم للسور، في حاجة إلى مساحة أكبر لإقامة الصلاة، كما لو كان فعل الأمر "اقرأ" ليس أول ما خاطب الله، عز وجل به عباده، في محكم التنزيل. إنه نظام وتنظيم يخشى الكلمة، وترتدع فرائصه خوفاً من الرأي، ما يكشف مدى هشاشته، وضعف حجته، وتهافت منطقه، مهما حاول أن يبدو قوياً ومهما استوحش، والمؤكد أن العيب ليس على ريم ماجد، وليس على الذي وظفها. [email protected] Comment *