اسمى وصفتى وحالى مسروق بن مسروق .. انتمى الى أعرق عائلات مصر وأكثرها ثبات على الحال فأبى وجدى وجدود جدى كلهم مسروقون.. أروى لكم وقائع يومياتى التى اعيشها حاملاً خبرة مئات السنين من صبر مسروق على ما يراه مكتوب . استيقظت على صوت زغرودة من أم العيال وهى تهلل امام التلفزيون قوم يامسروق اتفرج الجيش نزل الشارع والريس هرب الشرطة أختفت .. انتفضت مفزوعاً فزوجتى الملهمة لاتعرف هذه المصطلحات إلا إذا كانت قد حدثت امامها .. فأيقنت انها الثورة الشعبية التى كان يتحدث عليها أحد جدودى المسروقين ودون أفكاره عنها فى لفافات ورقية تركها فى صندرة خشبية .. وهى الافكار التى تسببت فى شلحة من رحمة سلسال المسروقين الذين رأوا فى افكاره هدما لاستقرارهم ومخالفة لروح الرضاء التى ترفرف عليهم .. ولكنى طالماً ماقرأت منها فقرات طويلة سراً . نزلت الشارع متلبساً روح جدى مسروق الثورى ومتذكراً نصائحه حول هذه اللحظة الحاسمة فأسرعت الى أولاد عمى المساريق واتفقت معهم على الاصطفاف وراء القيادة المخلصة الجديدة ، وطلبت منهم التسلح بأى أدوات سواء سكاكين أو عصى لحماية الثورة . قسمنا انفسنا الى مجموعات لحماية المنشأت من اعداء الثورة .. على المقهى جلسنا نكتب أهداف الثورة وكنت قد أعديت مشروعاً مسبقاً بدأته بالقضاء على الفساد وسيطرة رجال الاعمال المنحرفين ومصادرة كل ما نهبوه من الشعب ومحاكمة المسئولين عن بيع اقتصاد البلاد والمسئولين عن افساد الحياة الاجتماعية والثقافية وتحرير كل المؤسسات الصحفية من قيادتها المنحرفة التى طالما ضللت الجماهير ومهدت الطريق أمام الطغاة ، وهدم كل المنشأت المشوهة التى اقامها الصفوة الطغاه لعزل انفسهم عن المجتمع .. مثل قلاع المدن الجديدة ونوادى وكازينوهات النيل التى بسببها حرمنا من نسمه الهواء . فى العريضة بدأنا وضع خطوات البناء فى انشاء جيش قوى مسلح بأحدث الأسلحة لحماية البلاد وتحرير اراضى الأشقاء .. وإلغاء كل المعاهدات مع العدو وإقامة اقتصاد وطنى حر يعتمد على التنمية المستدامة والنهوض بموارد البلاد وتطوير ووضع كل أهداف الملكيات الاقتصادية خاصة وعامة فى صالح البلاد والتنمية .. والنهوض بالتعليم والمناهج وعودته اجباريا وحق تكوين الاحزاب طبقا لإرادة الجماهير دون تدخل الدولة وإنشاء جهاز شرطة شعبى لحماية الثورة واهدافها .. وجعل تولى المناصب القيادية لأصحاب الكفاءات .. وتفعيل ترسانة القوانين المواجهة للفساد والوساطة والانحراف .. وإعلان حرية العمل النقابى وحماية الارض الزراعية والنهوض بمشروعات الزراعة .. وإقامة مشروعات صناعية تعتمد على الموارد الذاتية وفتح أسواق خارجية لمنتجاتها ... اشياء كثيرة تضمنتها العريضة ومطالب واسماء منحرفين طالبنا بمحاكمتهم . أخذنا العريضة وتوجهنا نبحث عن مجلس القيادة الثورة لنضعها امامهم .. وفى الطريق مررنا على القسم فوجدت المأمور وحوله ضباط وبجانبهم الصول بلال وهم واقفون يتحدثون فى هدؤ .. فترجمت هذا الهدؤ الى انه محاولة لأمتصاص غضب الجماهير .. ولكن ولو .. فلم أنسى بعد آلام الصفعات على قفايا .. وتوجهت للصول بلال وهو واقف بجانب المأمور وبصقت على وجهه قائلا خلاص يابلال جه اليوم اللى اخدنا فيه حقنا وخلى الضباط والمأمور ينفعوك كلكم بكرة حتتحاكموا .. نظر المأمور لى بإندهاش غير مسبوق وصرخ فى الصول بلال اسحب ابن المجانين ده على مكتبى .. فصرخت فى زملائى المسروقين ... هجووووم .. فبدأوا فى الاندفاع جرياً ولكنه جرى اللئام فى الاتجاه المعاكس . جلس المأمور وراء مكتبه وفى يده عريضة الثورة والمطالب التى كتبناها وحوله الضباط والصول بلال فى موقعه المعتاد ورائى .. وسألنى المأمور “ايه اللى أنتى عملته ده يا متخلف ؟ ” رديت بقوة ” لست متخلفاً ولن اسمح لك أن تقول لى يا متخلف بعد الآن .. اننا ولدنا احراراً وسنستمر احراراً .. الثورة قامت والجيش نزل الشارع وعهدكم خلص خلاص ” فسألنى ” جبت الكلام ده منين يلا ” رديت ” أم العيال سمعته فى الجزيرة ” ضحك اللئيم وقال ” اه وانت بقى رايح تقدم مطالب المساريق لثورة انتم ما قمتوش بيها وغيركم عملوها .. على العموم ياسررق ياحبيبى ام العيال نسيت انها تقول لك إن اللى سمعته ده كان فى تونس مش هنا ” وامر اللئيم بتحريز ورقة المطالب وإحالتى الى نيابة أمن الدولة بتهمة التحريض وتعريض أمن البلاد للخطر ابتسمت وقلت كعادتى ” قضا أحسن من قضا” وبدأت رحلة يوم جديد.