أحبه كثيرون وبغضه أيضا كثيرون ولكن نتفق معهم أو نختلف يظل أنيس منصور من أشهر الكتاب في عالم الصحافة المصرية، حيث كانت بالأمس الذكرى الأولى لرحيل الكاتب والصحفي أنيس منصور، الذي فارق عالمنا عن عمر 87 عاما، وكانت حياته مليئة وزاخرة بتجارب ورحلات حول العالم، وهي ما دونها منصور عبر كتاباته الصحفية والأدبية والإنسانية، والتي أسفرت عن 200 كتاب تنوعت موضوعاتها ما بين الفلسفة وأدب الرحلات والخيال فضلاً عن عموده اليومي بجريدة الأهرام. والجدير بالذكر أن أنيس منصور ولد 1942، في احدي قري محافظة الدقهلية، وقد التحق بالكتاب في طفولته، وحفظ القرآن الكريم، وتفوق في دراسته الثانوية، حتى كان ترتيبه الأول على مستوي مصر، ودرس الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتفوق حتى عمل أستاذاً في القسم نفسه،أحبه واحتفى به أهل المنصورة مسقط رأسه، وقاموا بعمل تمثال له بصالة الاستقبال لأشهر فندق "مارشال "، وتجد ذكريات منصور في كتابه " عاشوا في حياتي. " وكثير من النساء قد يأخذن موقفا سلبيا من أنيس منصور نتيجة كتابته الساخرة دوما عنهن،فمن أقواله "لكي تكوني سعيدة معه يجب أن تفهميه كثيرا وتحبيه قليلا، ولكي تكون سعيدا معها يجب أن تحبها كثيرا ولا تحاول فهمها أبدا" ، ورغم ذلك نجده يتحدث كثيرا عن علاقته العميقة بوالدته. وكان الغالبية العظمى للشباب من قراء منصور، فهو من داعب خيالهم وطبيعته المستكشفة واليقظة، في كتبه عن الرحلات وطاف بهم حول العالم في كتبه"أعجب الرحلات في التاريخ"، " اللهم أني سائح "، " حول العالم في 200 يوم " ، وأيضا انطلق منصور ليكتب عن ما وراء الطبيعة والخيال ومن أشهر كتبه " أرواح وأشباح "، و " الذين هبطوا من السماء" ، و"الذين عادوا إلى السماء "، و"لعنة الفراعنة"، وغيرها من الكتب الكثير. وتحولت الكثير من كتابات أنيس منصور إلى أعمال درامية منها " هي وغيرها "، و"من الذي لا يحب فاطمة "، و" غاضبون وغاضبات ". وعاصر أنيس منصور الملكية وشهد حكم عبد الناصر وعاصر السادات وكان مقرباً جدًا منه ، ولم يمت إلا بعد أن رأى سقوط نظام مبارك، وكانت له مواقفه السياسية الشهيرة والتي أنتقده الكثير بسببها . وقال الروائي محمود الورداني " بداية تعارفي بأنيس منصور بعد 1967 وعندها نشرت مجموعة مقالاته " الذين هبطوا من السماء " والتي أرى أنها كانت محاولة لإلهاء الناس بعد67 ، ومن تلك اللحظة وأنا أعتبر منصور صحفي شاطر رشيق العبارة، يوظف قلمه في خدمة الحاكم أياً يكن وليست صدفة انه عاصر واستمر مع الأنظمة المختلفة ، وظل نجمه ساطعاً لا يشق له غبار، وكان دوره في التطبيع يضاعف من عدم محبتي له . ويضيف الورداني " من يتأمل في كتب أنيس منصور باستثناء " في صالون العقاد كانت لنا أيام " يلاحظ انه لم يصمد له كتاب، ربما كانت كتابات صحفية رشيقة وجذابة ولكنها غير مؤثرة، غير أن كاتبها أخذ حجما أكبر من حجمه وربما جاء اهتمام الشباب وقتها أي بعد الهزيمة لأن الناس كانت " كافرة بكل شئ "، وكانت هذه الكتابات مليئة باللطف واللين. و يذكر الكاتب والمناضل السياسي عبد القادر ياسين عن مواقف أنيس منصور، حيث يقول أن هذا الرجل" أنيس" ابن مدرسة أخبار اليوم ، الجريدة التي أنشأتها المخابرات المركزية الأمريكية 1944 في سياق تعزيز القوة الأمريكية في الشرق الأوسط، لمحاولة وراثة الاستعمارين البريطاني والفرنسي هناك، وكان منصور مخلصا للمدرسة المذكورة، ولم يعرف عنه أنه اتخذ موقف سياسياً في قضايا الشعب والوطن، وفي أواخر خمسينيات القرن العشرين خرج لنا منصور ببدعة استخراج الأرواح عبر السلة ، وحين غاب عبد الناصر، كتب منصور أحلى رثاء في الزعيم الراحل ، ولكن سرعان ما انقلب السادات على عبد الناصر، فخرج منصور كل ما في جوفه ضد القومية العربية والاشتراكية عكس موقفه السابق في الرثاء. Comment *