صدرت هذا الشهر للشاعر سليم العبدلي مجموعة شعرية بعنوان "الأمكنة مقابر الوقت "عن دار الأدهم المصرية للنشر والتوزيع، وهذه هي المجموعة العربية الأولى للكاتب الدنماركي، العراقي الاصل، والذي يعيش في الدنمارك منذ ثلاثة عقود، وقد عرف الكاتب ايضا بترجماته من وإلى اللغة العربية، كذلك بعمله كسكرتير للتحرير في مجلة "ديوان" الدنماركية التي تهتم بشؤون الثقافة والادب العربي و "السنونو" العربية التي تعني بشؤون الثقافة والادب الدنماركي، ومن خلالهما استطاع ان يقدم العديد من الكتاب العرب ولدنماركيين إلى قراء المجلتين. وأمتد مشروع العبدلي الأدبي إلى بداياته الأدبية في نهاية الثمانينات، حيث سعى إلى تجريد قصيدة النثر مما يمكن أن تتضمنه من جناس وتضاد وعناصر بلاغية قديمة، ومنذ عقد من الزمن بدأت كتاباته تأخذ شكلا منفردا في الابتعاد عن أي حشو او تقنية محشورة أو تعويض موسيقى، بل وعلى العكس، سعى هنا لإبراز القصيدة في شكل فني، وكأنها لوحة فنية تتجرد من أي زائدة يمكن لها أن تؤثر على الشكل والمحتوى الذي ترمي إليه ،وفي الوقت ذاته ابتعد عن استعمال لغة المجاز والدارج، محاولا عدم التكلف وتحميل القصيدة أي ثقل سوى المعنى الوجودي الذي تهدف في رسمه في كلماتها بدلا من الألوان. ويتلخص مشروع العبدلي بعكس الحالات الوجودية الشخصية والالتقاطات الحياتية التي تؤثر فيه في صورة دقيقة تصف اللحظة والمكان في آن واحد، وتؤكد على تلازمهما، وفي الحديث عن المكان فان العبدلي يفضح علاقته مع الأمكنة، حيث تتسع حينا لتشمل مدنا مر بها وتعامل معها في أوقات زمنية مختلفة تتمثل في الطفولة والصبا والشباب، أو تجدها تنحسر لتضم البيت أو الغرفة أو السرير. كذلك يحاول ان يتعامل مع المكان والوقت وكأنهما توأمان متلازمان. Comment *