كانت لثوره 25 يناير الأثر المباشر في إقبال الفئة الغالبة من الشعب المصري علي الحياة السياسية سواء كان إقبالا فعليا علي الأرض - كالعمل الحزبي - أو إقبالا معرفيا وذلك بمتابعه الأخبار السياسية والاهتمام بها من وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة , ولكن بعد مرور الوقت وفي ظل هذا الجو المشجع للكافة علي دخول مجال العمل السياسي نجد أن العشوائية أصبحت هي الصفة الغالبة في المشهد السياسي الآني , من تفرق للقوي السياسية , إلي اتهامات متبادلة بين الجميع , إلي تخلل داخلي لبعض التيارات الثورية كحركة 6 ابريل . ويرجع السبب في وجود هذا المشهد الملتبس والمشوه إلي أمرين أولهما : هو صعود أشخاص لا يملكون الخبرة وألا الرؤيا السياسية إلي صدارة المشهد السياسي . ثانيهما: شخصنه العمل السياسي , وسعي البعض إلي الزعامة الشعبية حتى ولو كان علي حساب موضوعيه الطرح , فنجدهم يحاولون اكتساب هذه الشعبية الزائفة باستغلال ظروف اقتصاديه أو معيشية حاله , ويلقون بالمسئولية علي الجماعة الحاكمة الآن – جماعه الأخوان المسلمين – حتى يقللون من شعبيه هذا الأخير مقابل اكتسابهم هم شعبيه علي حساب الآخرين !! . وفي المقابل نجد انه في حاله وجود بادره لتحرك بعض الأحزاب السياسية المدنية علي الأرض ومنافسه تيارات الإسلام السياسي بقابل هذا التحرك بوابل من التسفيه والتشكيك والتخوين في بعض الأحيان من قبل أشخاص ينتمون إلي تيارات الإسلام السياسي . إذن نحن نعيش الآن في مرحله توارت فيه المصلحة الوطنية العامة خلف إغراض خاصة ومغانم شخصيه . بعد مرور أكثر من عام ونصف علي ثوره يناير وسقوط رؤوس النظام الحاكم السابق , إلا انه مازال الاهتمام بالشئون السياسية في المقدمة من قبل غالبيه المواطنين المصرين , وهذه من الأمور التي نشيد بها ولكننا نحتاج في هذه المرحلة إلي كثير من الترشيد في التعبير عن أرائنا السياسية , فكثره الخروج بتظاهرات عبثيه غير منظمه أفقدت الشارع كثير من هيبته وقوته الضاغطة , والتي كان يحب أن نحافظ عليها لتكون ورقه ضغط في حال وجود أي انحراف عن طريق الثورة في المستقبل. التظاهرات هي مظهر خارجي للثورات تستخدم بشكل مؤقت لإسقاط الانظمه الفاسدة , ولكن الثورة الحقيقة هي الثورة علي جميع مظاهر الفساد في المجتمع , فالتمسك بالظاهر وترك الأساس الذي من اجله قامت الثورات من شانه أن يقضي علي الحلم من قبل أن يبدأ تنفيذه علي ارض الواقع . نهضة أي دوله - مجتمع أنساني – ترتكز في الأساس علي مفاصل ثلاث - مثلث التنمية – وهما النهضة السياسية والاجتماعية والاقتصادية , وأي دوله حديثه تسعي لتنميه حقيقة تعمل علي إحداث نهضة في تلك المفاصل الثلاث بشكل متوازي , فالتركيز علي إحداث تنميه في إحداهما وترك الباقي في حاله تردي فسوف يؤدي هذا إلي إفشال التجربة التنموية بشكل عام والتجربة السياسية الديمقراطية بشكل خاص . فإذا كانت ثوره يناير قد أزاحت نظام ديكتاتوري قمعي واتت بنظام منتخب ديمقراطي - كما نأمل – فيجب أن يكون هذا التحول له اثر مباشر علي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الداخلية , وحتى تصل نتائج هذه الثورة المجيدة إلي المواطن العادي البسيط والذي نزل إلي الشارع في الثورة ليس بغرض ألا أن يجد حياه كريمه له ولأسرته . أن للاحراب السياسية دور محوري في المرحلة القادمة وهو التواصل مع المواطنين والنزول إليهم لمعرفه معاناتهم وشكواهم , وترك حديث الصالونات وبرامج " التوك شوز " والفيس بوك وتويتر .!! فالعمل الحزبي هو العمل وسط الناس , ومن هنا فعلي هذه الأحزاب بجانب السماع إلي المواطنين توعيتهم وحثهم علي المشاركة المجتمعية الفاعلة , وذلك بان كل فرد داخل الوطن يقوم بثوره بداخله وبداخل أسرته وبداخل منطقته السكنية , فبنهوض الأفراد تنهض الأمم , وبمكافحه المواطنون للفساد تذبل مؤسساته والتي تجزرت في جميع أركان البلاد علي مدار ما يزيد عن الثلاث عقود , ثم يسهل بعد ذلك علي الدولة ألحديثه اجتثاث تلك البؤر العفنة من أعماقها حتى نبني مؤسسات جديدة تحكمها شفافية القانون . أما القوي ألثوريه فهم يمثلون الحلم والأمل , فبنظرتهم المستقبلية وقناعتهم بقدرتهم علي فعل انتقال حقيقي علي الأرض استطاعوا أن يحطمون أغلال الظلم والقمع وأزالوا نظام ظل يرهب مواطنيه سنوات طويلة , نظام حطم أمال وروئي مواطنيه تحت أقدام السلطة القمعية البغيضة . فاللقوي الثورية الفضل بعد الله عز وجل في تغير الواقع ولمس الأحلام بالأرض والآمال بالفعل , فهم عليهم الآن تنظيم تحركاتهم وعدم تبديد مجهداتهم , فهم المانع لأي انحراف والسد لأي انجراف بالسلطة عن الطريق السوي . فانا أري أن تحركهم علي الأرض الآن محمود ولكن ليس بالكافي , وانغماس البعض منهم في أحزاب سياسيه شيء ايجابي ولكن ليس غاية الهدف , فحماسه الشباب عامه والقوي الثورية خاصة تجدد النظرات ويقرب المستقبل ويبدد المخاوف من الفشل , فنحن نريد أن نتحول من أمه شعارات وخطب رنانة إلي أمه أفعال وخطوات تقدميه مبهره . فقد سئمنا من حكومات الكلام , والأحلام البراقة المقطوعة الصلة بالأرض ألوحله والتي لوثتها الجهل والمرض والفساد . فعلي القوي الثورية رقابه الساسة والتقرب إلي العامة والسعي لإحداث نهضة فكريه حقوقيه تعرف كل مواطن حقوقه ووجباته حتى لا يكونوا اسري لحكم بولس قمعي مره أخري في المستقبل , وعليهم حث المواطنين علي اقتناص الدنيا بسواعد أياديهم وعدم انتظار هبه من حاكم أو مسئول . فالأوطان ملك لشعوبها , والنهضة فكره تزرع داخل عقول العامة , ويقطف ثمارها الأبناء والأحفاد . فلنسابق الزمن من اجل تحقيق أهداف ثورتنا قبل أن تغرق أحلامنا وأمالنا في بحر الفشل كما تغرق الأيام في بحر الحياة !! . #0000ff;"[email protected] Comment *