عندما ذهبت المخرجة صوفى بيترو إلى بلجيكا لعمل دراسات عليا في السينما، لم تكن تتصور أن طموحاتها سوف تحيل حياتها إلى كابوس، وأن الكابوس سوف يحفزها على النجاح، وأن النجاح سوف يثير عاصفة من الجدل الساخن في أوروبا. تقول صوفى إنها واجهت حياة عصيبة في بلجيكا ومشاكل لم تكن تخطر لها على بال، ففى كل مرة كانت تغادر فيها منزلها وتسير في الطرقات، كانت تواجه بوابل من الأصوات القبيحة، والإيماءات الإباحية من الطبقات العمالية في حى "أننيسنس" المجاور لمنزلها. وهكذا وجدت صوفى موضوعا لفيلمها في نهاية العام، الذى صورت معظم مشاهده وهى تخبئ كاميرا، تقوم بها بتسجيل المضايقات والمعاكسات التى تتعرض لها، والمخاوف التى تتعرض لها المرأة في الطريق والمترو، والدروس الغريزية التى تعلمتها أثناء سيرها، مثل عدم النظر وجها لوجه مباشرة في أعين الغرباء، أو السير في طرقات معينة، أو حتى ركوب الدراجات! وهكذا ظهر فيلم "امرأة الطريق" إلى الوجود، ليظهر مشاكل المرأة اليومية، والإهانات التى تتعرض لها في الطريق، ويصبح مثار جدل سياسى واجتماعي كبير في بلجيكا وعبر الحدود، بعد عرضه في التليفزيون وعلى شبكة الانترنت. ولمس الفيلم وترا حساسا في المجتمع الاوروبى، حفز السياسيين للإعلان عن أنهم يخططون لإصدار تشريع للقضاء على الإهانات التى تتعرض لها المرأة في الطريق وتوقيع عقوبات على مرتكبيها. وفى فرنسا صعدت الجمعيات النسائية من حملاتها ضد الانتهاكات التى تتعرض لها المرأة في الطريق العام بعد عرض الفيلم، الذى ألقى الضوء على نفس المشاكل التى تعانى منها المرأة الفرنسية، وكسر التعتيم المفروض على الإهانات التى تتعرض لها السيدات في الطريق. ولكن مخرجة الفيلم تعرضت أيضا لانتقادات واتهامات بالعنصرية بسبب إلقائها الضوء - في الفيلم -على المعاكسات والمضايقات الصادرة من المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا، وهى تهم أنكرتها جميعا. وتظهر صوفى في الفيلم وهى ترتدى بنطال من الجينز وبلوز بأزرار، وتسير في الحى الذى تقطنه، ثم تظهر في مشهد آخر وهى ترتدى "جيب" يصل الى ركبتيها وحذاء برقبة، وتظهر الكاميرا الخفية رجال في مجموعات في سن الشباب، وفوقها، وهم يوجهون إليها أصواتا وإيماءات وكلمات إباحية، وحتى قام أحدهم بتتبعها والسير خلفها، وتقول إنها تواجه مثل هذه المواقف 8 أو 10 مرات يومياً. Comment *