شهدت دراما هذا العام تقديم مجموعة من النجوم الشباب اللذين تكشفت موهبتهم تدريجيا خلال الاعوام القليلة الماضية في اعمال قدموها معاً في بطولات جماعية، ثم انفرط هذا العقد ليسلك كل فنان منهم الطريق بمفرده ويتحمل علي عاتقة تقديم عمل درامي متكامل ، وعلي رأسهم الفنان يوسف الشريف،الذي تميز هذا العام من خلال دوره في عملين يقوم ببطولتهم أهمهم مسلسل "رقم مجهول" الذي حصد نجاح جماهيري و نقدي بسبب تميز السيناريو الذي كتبه عمرو سمير عاطف، واخرجه أحمد جلال والذي يضع فريق عمل المسلسل وأولهم الفنان يوسف الشريف علي اولي سلالم النجومية. ويقدم يوسف في المسلسل دور المحامي الشاب "علي" الذي يقوم مجهول بتهديده وابتزازه عبر مكالمة تليفونية مجهولة المصدر، ويدخل "علي" في حالة من الشك في كل من حوله لاكتشاف من هو صاحب الرقم المجهول ،ويقدم يوسف الشريف اداء مختلف عن جميع الادوار الذي قدمها من قبل، خصوصا وان العمل يقدم دراما الاثارة والتشويق الذي قدمها الشريف العام الماضي في مسلسل المواطن اكس، رغم ان العمل لا يحمل تفاصيل كثيرة ولا يقدم انتاج ضخم مقارنة بباقي المسلسلات الا ان الفكرة التي اتقن المؤلف حبكها وابدع المخرج احمد جلال في تقديمها واكتملت ببساطة الاداء وعمقه الذي قدمه يوسف الشريف استطاعت ان تلفت الانظار الي المسلسل وسط هذا الزحام الكبير من الاعمال الدرامية . ورغم الانتقادات التي لاحقت مسلسل "الزوجة الرابعة" بسبب تطابق قصة المسلسل مع مسلسل الحاج متولي ، الا ان العمل لاقي قبول جماهيري واسع بسبب كوميديا الموقف التي يقدمها و التي تجمع زوجات الحاج فواز الثلاث بالزوجة الرابعة. ولم يقدم مصطفي شعبان نسخة مكررة من شخصية الحاج متولي في مسلسل الزوجة الرابعة وحسب، بل نقل كل تفاصيل الشخصيات دون بذل اي مجهود في التفرد باداء مميز او باحداث يخرج منها المشاهد بجديد، الا ان الزوجات الثلاثة حاولن الخروج علي هذا النص وفرضت كل منهن شخصية مختلفة عن شخصيات الزوجات في الجزء الاول من العمل اذا اعتبرنا ان الزوجة الرابعة هو جزء ثاني من متولي ، فمن شابه اباه ظلم نفسه بسقوط شخصية فواز في اسوء اداء قدمه مصطفي شعبان خلال مشواره الفني. و دائماً يهتم الفنان برأي الجمهور أكثر من اهتمامه باراء النقاد، ولعل النجاح الجماهيري الذي يحققه اي عمل فني، يكون الاهم عند صناع العمل بل والدافع لهم للاستمرار ، ولا شك ان هذه المعادلة التجارية هي التي سيطرت علي صناعة السينما في السنوات الاخيرة وعملت علي انحدار الصناعة بسبب تفاوت الذوق العام للجمهور، ثم انتقلت الي الاعمال التليفزيونية التي اصبحت هي الاخري دراما استهلاكية ، just for fun ، لا يحمل معظمها اي رسالة، والفن بحد ذاته رسالة حتي وان كان للترفيه، لكن حتي هذا الترفيه اصبح يقدم في شكل فني مبتذل ، وللاسف هذه الاعمال تترك تأثيرها السلبي علي الاجيال الصغيرة اكثر من تأثيرها علي الكبار، لا نستطيع مثلا نسيان التأثير الذي تركته شخصية اللمبي والافيهات التي اطلقها، علي الاطفال والمراهقين، حتي اتخذوها مثل اعلي في سلوكياتهم اليومية، وحرصوا علي التشبه بها. كذلك تداوالت عدد من المسلسلات ألفاظاً مبتذلة في سياقها الدرامي ، والكثير من التلميحات الجنسية التي وصلت الي حد التصريحات ،واستخدام بعض الأحكام الدينية في السياق الدرامي لتبرير الحدث ، واوضحها هو استخدام شخصية فواز في الزوجدة الرابعة لحق الرجل في الزواج اكثر من مرة، تحت ستار احكام الشريعة التي لا يخالفها فواز من وجهة نظره، وعلي الجانب الاخر يرتكب فواز جريمة اخلاقية ودينية وهي منع زوجتة الرابعة من الانجاب دون ان تعرف حتي يسهل عليه تطليقها وتغييرها باخري، مقتنعا ان هذا الفعل لا يخالف احكام الشريعة، فهل الزواج بغرض الطلاق فيما بعد لا يخالف الشريعة الذي يدعي فواز تطبيقها في ادق تفاصيل حياته ، العمل يكشف عن جوانب متناقضة في شخصية الرجل الشرقي بشكل عام اهمها اعطاء الحق لنفسه وحرمان الاخرين من حقوقهم. مسلسل "الصفعة" برغم تراجع مستواه الفني وخصوصاً اداء الشخصيات النسائية وعلي راسهم الفنانة شيرين رضا التي عادت الي الدراما في اسوء حالاتها، بالاضافة الي ضعف اداء شريف منير الذي صعد نجمة السنوات الماضية بعدما قدم مسلسل قلب ميت، حيث اختار لنفسه ان يتواجد كل عام في سوق الدراما حتي وان لم يقدم اي جديد وحتي ان خسر بما قدمه الكثير من رصيده عند الجمهور، لكن المسلسل كشف عن موهبة اخري حاولت ان تجتهد للخروج من قالب الاداء الذي تقمصه الفنان هيثم احمد ذكي من والده في اعماله السابقة ، وحاول ان يرسم لنفسه طريقاً منفصلاً يعبر عن شخصيته، من خلال دوره في هذا المسلسل والذي يقدم فيه شخصية ظابط مخابرات، يقدم لاول مرة في دراما الجاسوسية الحياة الشخصية لظباط المخابرات والتي همشتها الكثير من الاعمال السابقة، بسبب حساسية عملهم في هذا الجهاز الأمني، وللمرة الثانية يؤكد هيثم علي موهبته التي خرجت من تحت عباءة فنان كبير مثل احمد ذكي، بعد ان اثبتها العام الماضي في مسلسل دوران شبرا يؤكدها هذا العام مرة اخري في "الصفعة"، وهو المكسب الوحيد الذي نخرج به من المسلسل. منذر رياحنة هذا الفنان الاردني الذي صدمنا باتقانه اللهجة الصعيدية في مسلسل "خطوط حمراء" ، بعدما افقدنا الفنان جمال سليمان هذا الامل في اعماله السابقة، هذا الفنان الشاب امسك بيده ميزان الاحداث التي دمرها اصرار الفنان احمد السقا علي استنساخ شخصية الظابط التي قدمها في اعمال كثيرة سابقة، لذا يجب ان نضع غضبنا علي اصرار السقا وتشابه احداث المسلسل مع احداث فيلم المصلحة جانباً، ولا نظلم باقي فريق عمل المسلسل وخصوصا الفنان منذر رياحنه الذي خطف نجومية السقا كما فعل من قبل عمرو واكد في فيلم "ابراهيم الابيض" وكما فعل الفنان خالد النبوي في فيلم "الديلر" وكما فعل احمد عز في فيلم "المصلحة" ، وربما يراود السقا دائما احساس بالتنافس ولكنه دائما ينقلب عليه لصالح البطل الاخر، والفنان الأردني ينتظرة مستقبل مفتوح في الدراما والسينما المصرية لكنه لابد ان يدين بالفضل الي هبوط اداء السقا في المسلسل والذي جعله يصعد بادائه في منافسة حسمها استنساخ السقا لنفسه. ويأتي محمد سعد مرة اخري ليدخل بورصة الدراما في عمل درامي عوض به غياب شخصية اللمبي عن السينما عدة سنوات بعد سقوط اخر اعماله تجاريا ونقديا، طبيعي ان يستثمر اي فنان نجاحه في اي شخصية طالما حققت قبول لدي المشاهد لكن الاغرب ان يصر اي فنان علي الفشل المتكرر ، وهذا ما وقع فيه سعد عند تكرارة لشخصية اللمبي التي اعجبت الجمهور في اول فيلم قدمه " الناظر صلاح الدين" وقام بتقديمها في فيلم يحمل اسمه ثم استثمرها بعد ذلك في اللي بالي بالك ولم يشبع منها فاخترع شخصية نسائية جديدة في فيلم عوكل ثم عاد مع شخصية جديدة هي بوحة وتبعها بكتكوت وكركر وبوشكاش وعاد من جديد الي اللمبي 8 جيجا وانتهي بتك تاك بوم، وجميعها يصدمنا سعد بحركاته الهزيلة التي تدفن موهبته الفنية، اما في شمس الانصاري الذي كنا نامل ان يقطع فيه سعد اي صله له باللمبي، لكنه لم يفعل والبس الشخصية رداء الكوميديا بالعافية، ووقع من جديد في فخ الابتذال في تقديم الكوميديا من خلال حركاته الجسدية، ولا يعتب علي سعد قدر ما يعتب علي مخرج المسلسل جمال عبد الحميد الذي انصاع الي رغبات سعد في اقحام حركات اللمبي، وهز كل تاريخه في الدراما الذي جعل منه واحدا من كبار المخرجين في الوطن العربي. يوسف الشريف يخطف الاضواء في رقم مجهول و زي الورد مصطفي شعبان من شابه اباه "الحاج متولي " ظلم في "الزوجة الرابعة" هيثم احمد زكي ينزع رداء والده في "الصفعة" منذر رياحنه يسطو علي نجومية السقا في "خطوط حمراء" محمد سعد لمبي جديد في "شمس الانصاري"