نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية مقالا للكاتب مجدي عبد الهادي يعلق فيه على اختيار الدكتور مرسى لهشام قنديل من الحكومة القديمة المنتهية ولايتها ليكون رئيسا لوزراء الحكومة الجديدة , معتبرا أن هذا الاختيار يؤكد بشكل مرير أن الثورة المصرية لم تكتمل حتى الآن . وقال الكاتب أن الرئيس مرسى كأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا ارتقى إلى مستوى أسوأ التوقعات، فعلى الرغم من كونه أحد الكوادر ذات الخبرة في جماعة الإخوان المسلمين وبرلماني كبير، إلا أن اختياره لهشام قنديل ليكون رئيسا لحكومته الجديدة يؤكد مخاوف وشكوك الكثيرين بشأن انه يفتقر إلى الخيال الواسع والتوهج الذي يتطلع إليه المصريون . وأضاف الكاتب أن الأسوأ من ذلك هو أن مرسى لم يبدو أنه يمتلك الشجاعة والقوة ليحقق فصلا حاسما مع المؤسسة القديمة التي كانت تحكم البلاد، فهو اختار رئيسا للحكومة من الحكومة المنتهية ولايتها, التي هو نفسه وحزبه الحرية والعدالة قادوا حملة ضدها لعدة أشهر من أجل إقالتها ولكنهم فشلوا في ذلك من خلال تصويت بحجب الثقة عنها. وأشار الكاتب إلى أنه إذا كان تعيين قنديل هو أفضل ما يمكن أن يأتي به الرئيس بعد أسابيع من المشاورات، فليس هناك سبب وجيه ليبقى المتابعون متحمسون لمعرفة من الذين سيختارهم رئيس الوزراء الجديد ليكونوا أعضاء حكومته الجديدة التي كان من المفترض أن تكون أول "حكومة ثورية" لمصر. وأوضح أنه بالنسبة لتاريخ مصر , فان أهم ما يميز هشام قنديل هو كونه أصغر رجل يشغل منصب رئيس الوزراء ، كما أن التاريخ سوف يذكر أيضا أنه أول رئيس وزراء ملتحي, وهو الأمر الذي أثار تكهنات حول عما إذا كان في الواقع ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، لكن هؤلاء الذين يثيرون مثل هذه التكهنات والمخاوف قد نسوا أن أيديولوجية الإخوان " المحافظة " ، جنبا إلى جنب مع اللحية ، قد أصبحت هي الاتجاه السائد في مصر منذ فترة طويلة قبل الثورة . وتعليقا على تصريحات قنديل التي قال فيها أنه سيبقى على بعض الوزراء من الحكومة المنتهية ولايتها , قال الكاتب أن معظم المصريين يعرفون أنه لن يكون في الواقع صاحب الكلمة العليا في هذا الشأن، فعلى سبيل المثال , انه من غير الوارد انه سيكون لديه أي كلمة في مسألة اختيار وزير دفاع جديد لأن هذا المنصب من المرجح انه سيتم الاحتفاظ به للمشير محمد حسين طنطاوي ، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، الذي كثيرا من وراء الكواليس هو الحاكم الفعلي للبلاد منذ الإطاحة بمبارك العام الماضي . بينما سيتابع الكثيرون من الذي سيتولى قيادة الفرع الثاني للماكينة الأمنية للدولة، وزارة الداخلية . ويشير الكاتب أنه إذا قنديل قام بإعادة تدوير أحد الجنرالات القديمة للشرطة، فستكون مصر تسير بثبات على طريق إعادة إنتاج السياسات القديمة التي فشلت في حل مشاكلها الكثيرة . كما أشار الكاتب إلى أن تصريحات قنديل بأنه سوف يقوم بتعيين حكومة تكنوقراط تمثل مواصلة للتقليد المصري القديم من خلال اختيار مجموعة من الأكاديميين المتخصصين ليكونوا وزراء، بحيث يتم اختيار أستاذ في الهندسة لوزارة الصناعة, وأستاذ طب لوزارة الصحة .. الخ . ويصف الكاتب هذا الأسلوب بأنه ممارسة قديمة فقدت مصداقيتها منذ عهد جمال عبد الناصر، الذي لم يكن يريد سياسيين ولكنه أراد "تكنوقراطيين" يستطيعون فقط تنفيذ الأوامر . وتناول الكاتب في مقاله الحياة المهنية لهشام قنديل قائلا أن رئيس الوزراء الشاب قضى حياته المهنية في القطاع العام المتهالك في مصر – الذي بالكاد يوفر أوراق اعتماد وتوقعات موثوقة بأن أي شخص يخرج منه يمكنه أن يضع البلاد على طريق " النهضة " التي كانت الكلمة الرنانة لمرسي وتعهده الانتخابي، لأن الأشخاص الذين يصعدون من خلال بيروقراطية الدولة هي بطبيعتهم رجال موظفين مطيعين ومتحفظين للغاية وبعيدين عن الديناميكية المتوهجة، وبالطبع ما تحتاجه مصر الآن هو عكس ذلك تماما . ومن ناحية أخرى قال الكاتب أن اختيار مرسى لرجل من الحكومة المنتهية ولايتها ليكون بمثابة رئيس وزرائه الجديد يثير مرة أخرى مسألة عما إذا كان مرسي في الواقع يحكم البلاد بحرية كاملة في ظل المؤسسة العسكرية التي عينت نفسها كحارس لمصر منذ ما يقرب من ستين عاما . وأكد الكاتب في نهاية مقاله أن اختيار قنديل لمنصب رئيس الوزراء هو مرة أخرى تذكير مرير بالنسبة لأولئك الذين أيدوا الثورة بأن الثورة المصرية لا تزال بعيدة عن الاكتمال ، وسوف تظل ناقصة ما دام رجال الحرس القديم في الجيش والشرطة وكبار البيروقراطيين يحتفظون بمناصبهم، موضحا أن مرسى لا يمكن أن يكون الرئيس الثوري للبلاد إذا استمر في الاعتماد على الحرس القديم . اختياره هشام قنديل يؤكد مخاوف وشكوك الكثيرين بشأن أن الرئيس يفتقر للخيال الواسع والتوهج الذي يتطلع إليه المصريون إذا اختار قنديل أحد الجنرالات القدامى للشرطة فهذا يعني أن مصر تسير بثبات على طريق إعادة إنتاج السياسات القديمة الثورة المصرية ستظل ناقصة مادام رجال الحرس القديم بالجيش والشرطة وكبار البيروقراطيين يحتفظون بمناصبهم