رحل عن عالمنا اليوم " شاعر القصة أو الرواية القصيرة " الأديب محمد البساطي بعد أيام قليلة من فوزه بجائزة الدولة التقديرية, والتي لم يحصل عليها قبل الثورة بسبب هجومه علي وزير الثقافة السابق فاروق حسني , الذي وصفه بأنه جعل وزارة الثقافة حظيرة لتدجين المثقفين. قال البساطي " أنه يتحقق عندما يكتب ما يريد كتابته وهذا ما فعله, ولا يهمه التقدير لأنه رد فعل لموقف اتخذه ضد السياسة الثقافية الراهنة, كما ان جوائز الدولة بها طابع المجاملة والتوصيات , و لم يقدم أي تنازلات , ولم يتهافت وراء الفتات" البساطي أحد أبرز الحكائين المصريين الذين ينتمون لجيل الستينات, استطاع أن يخط لنفسه أسلوباً يحمل بصمته، بحيث تتسم أعماله بإنسانيتها البسيطة وعرضها بتكثيف وشاعرية. وكانت القرية مسرحاً لأحداث رواياته مثل "بيوت وراء الأشجار"، "صخب البحيرة" و"يأتي القطار" و"فردوس حيث الطبيعة الممتدة والأفق الرحب والناس البسيطة الذين يكتب عنهم بلغة تصويرية تفيض عذوبة ورقة., رفض البساطي أن يكتب سيرته الذاتية لأن السيرة الذاتية في المجتمعات الشرقية لا تكتب بأمانة ولكن يجب لإضافة الكثير من عمليات التجميل والترقيع لتظهر الصور كما يريدها الناس. كتب البساطي رواية " اسوار" عن حادثة حقيقية في سجن طنطا عندما كان يعمل مفتشا في الجهاز المركزي للمحاسبات والتفتيش علي السجون, روي البساطي اسرار الشذوذ بين المساجين تحت رعاية الشرطة في السجون المصرية, الى جانب تأمل دقيق لعوالم السجن وما تطرحه من تساؤلات عن معنى الحرية وقيمتها وما تفعله الأسوار فى الأرواح. أما رواية دق الطبول تعد تحولا فى المسار الكتابى للبساطى، حيث جرت عادة أن تدور رواياته فى مجتمع الريف بحيث ينتقل بنا إلي بلاد الخليج التي يعمل بها جنسيات مختلفة ويتحول الانسان لآلة انتزعت منه روحه, بلد يستلب روح الإنسان مقابل أجرته، دق الطبول عالم مقلق يثير الفزع، أشبه بعالم اللامعقول، رغم أنه شديد الواقعية , قصص حدثت للمصريين المغتربين في بلاد النفط. كذلك يضع المترجم هارتموت فندرش رواية جوع للبساطي في سياق الاعمال الادبية العالمية المعروفة التي عالجت الموضوع ذاته والتي حملت العنوان نفسه وقد يكون "جوع" البساطي أشد قسوة من جوع هامبسون لأنه يسرد قصة جوع عائلات كاملة لا تجد لقمة عيش تسد رمقها أما الجوع في الدول المتقدمة جوع متحضر يسبب الانهيارات النفسية للأبطال ويمكن أن يتغير الوضع إذا حصل البطل علي فرصة. كتب البساطي الذي ولد 1937 أكثر من 25 مؤلفاً موزعة بين القصة القصيرة والرواية ابرزها صخب البحيرة, الخالدية,فردوس, دق الطبول, اسوار, المقهي الزجاجي. وتحولت روايته خريف آدم لفيلم سينمائي يحمل نفس الاسم كما تحولت روايته بيوت ما وراء الاشجار إلي فيلم يحمل عنوان" الشرف" .و حاز البساطي على بعض الجوائز منها جائزة أحسن رواية لعام 1994م بمعرض القاهرة الدولي للكتاب عن روايته الموسومة صخب البحيرة. جائزة "سلطان العويس" في الرواية والقصة لعام 2001م مناصفة مع السوري زكريا تامر. وجائزة ساويرس عن رواية دق الطبول ، ووصلت رواية "جوع" عام 2009 إلى اللائحة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية وهي النسخة العربية لجائزة بوكر الأدبية. تُرجمت له في فرنسا خمس روايات حتى الآن، وصدرت روايته "بيوت وراء الأشجار" بالألمانية عام 2005 عن دار لينوس Lenos للنشر. البساطي لم يحصل علي جوائز لأنه هاجم السياسة الثقافية التي جعلت الجوائز مجاملات وتوصيات البساطي لم يكتب سيرته الذاتية لان السيرة الذاتية في المجتمعات الشرقية تخضع لعمليات التجميل والترقيع