أخيرا أصبح عندنا رئيس منتخب.. صحيح أنه رئيس إلا.. منزوع الصلاحيات يعني.. لدرجة أن القناة الأولى أذاعت أخباره في يومه الرئاسي الأول كالتالي: "المشير طنطاوي يلتقي الدكتور محمد مرسي"!!.. "حكومة الجنزوري تتقدم باستقالتها للمشير طنطاوي قبل عرضها على مرسي"!!.. كما لو أن المشير كان في حاجة لسكرتير. مسكين أنت يا مرسي.. جئت للرئاسة "ما تعرف ليه.. ليه.. ليه".. كممثل متوسط الموهبة يأتي في اللحظات الأخيرة ليحل محل ممثل كبير يعتذر عن الدور في آخر لحظة.. جيء به في اللحظة الأخيرة بديلا للشاطر.. ثم يجيء به في اللحظة الأخيرة ليكون بديلا لرئيس حقيقي لم يعلن عنه بعد. مسكين أنت يا سيدي الرئيس. سيدي الرئيس.. سمعت خطابك الأول.. ولعله يكون الأخير.. الأخير بالنسبة لي وليس لك. أهلي وعشيرتي؟ يا راجل!.. لسنا أهلك ولسنا عشيرتك.. اسمح لي أن أسر لك سرا.. لم يعد في مصر عشائر.. لحظك العثر انتهى هذا الأمر منذ قرون.. اسمح لي أن أسر لك سرا آخر.. أصبحنا مواطنين.. لا تتألم أرجوك.. فعلا صرنا مواطنين.. لا أهل ولا عشيرة.. يحزنني أن أخبرك أن لا أهل ولا عشيرة في مصر القرن الحادي والعشرين.. حتى أغنية محمد منير "تعالى نلضم أسامينا.. الفلة جنب الياسمينة" لم تعد من أغانينا المفضلة.. أصبحت باهتة ولا معنى لها.. فلم نعد أهل ولا عشيرة.. ولم يعد في الإمكان أن يقف رئيسنا يخطب فينا قائلا "إخواني.. تسمعوا الحكاية؟!" ولا أن يوجه حديثه إلينا ب "الإخوة المواطنون".. كان يقول لنا الإخوة المواطنون في كل مرة قبل يطلق علينا النار.. نعم صرنا مواطنين.. أو هكذا نتمنى أن نكون.. متساوين في الحقوق.. لا فضل لأبيض على أسود ولا لمسلم على مسيحي ولا لعسكري على مدني إلا بالتقوى إلا بالكفاية.. لسنا أهلك وعشيرتك ولا جماعتك.. نحن مواطنوك.. بني جلدتك حسب الترجمة.. أنا المواطن حاتم حافظ زكريا.. لا تبحث عن ديني أرجوك فاسمي مراوغ ولا يُعرف منه إن كنت مسلما أم إن كنت ممن يحق لك تحصيل الجزية منهم.. نعم والله العظيم ثلاثة صرنا مواطنين.. لا أهلك ولا عشيرتك.. ولا طاعة لك علينا.. سواء خنت الله فينا أم لم تخنه فينا فلا طاعة لك علينا.. فلسنا أعضاء في جماعتك ولا عشيرتك.. لا طاعة لك علينا ولا لغيرك.. نحن المواطنون لا نطيع إلا ضمائرنا.. بعضنا ضميره قال له امنح صوتك لمرسي فمنحه لك وبعضنا ضميره وزّه ليمنح صوته لشفيق فمنحه له وبعضنا ضميره اطمئن لأن يبطل صوته مثلما فعلت أنا ففعل. سيدي الرئيس.. لا لست سيدي.. لست سيد أحد.. وأنا لا سيد لي.. لم نقم بثورة لكي نقول سيدي الرئيس.. شف يا رئيسنا.. شف يا مواطن.. سوف نعينك لأنك صرت لنا رئيسا بانتخاب حر مباشر.. فهذه هي الديمقراطية لا غزوة الصناديق.. رئيس لنا لا رئيس علينا.. سوف نعينك سواء أطعت الله أو عصيته.. هذه مسألة تخصك وتخص رب العالمين.. لا تخصنا في شيء.. كما لا يجب أن يخصك في شيء كوننا طائعين لله أو عاصين له.. سوف يحاسبنا الله وسوف يحاسبك.. نحن أمام الله سواء.. وأمام القانون يجب أن نكون كذلك.. صلاتك للفجر مسألة تخصك لا تخصنا.. أنا شخصيا أصلي الفجر حاضرا ولم يعبأ أحد.. أحصل على راتبي نهاية كل شهر سواء عملت إخلاصا لله أو إخلاصا للقمة العيش.. هي مسألة ضمير وليست مسألة نوايا.. نيتي الخالصة لله بيني وبين الله.. لا تخص أحد غيري.. لا أتلقى راتبي لأني أخلص النية لله.. زميلي الإخواني يتلقى الراتب نفسه دون زيادة ولا نقصان. شف يا مواطن.. لك صلاحيات فانتزعها أو فلتقف على الحياد بيننا وبين المجلس العسكري، فالطريق طويل، وقد بدأناه عازمين على أن ننهيه كما أردنا.. نحن المواطنون قررنا منذ عام ونصف أن ننتقل للمستقبل.. المستقبل الذي هو حاضر بلاد كثيرة.. بلاد تسافرون إليها وتتعلمون فيها وتحصلون على جنسياتها ثم تعودون لتحذيرنا منها. نحن المواطنون نريدها دولة مدنية ديمقراطية حديثة.. نريدها دولة يعني.. دولة يتساوى فيها الجميع باختلاف عقائدهم وجنسهم ولونهم.. يتساوى فيها المؤمنون والملاحدة.. المسلمون والمسيحيون.. الإخوان والفلاليط.. يتساوى فيها محمد البرادعي ولا مؤاخذة صفوت حجازي.. دولة لا يفتتح فيها الرئيس كلامه معنا بأهلي وعشيرتي، وإلا انتهينا لرئيس يخرج علينا في التلفاز ليخاطبنا قائلا "ياااااا قوووووووم". Comment *