كنت أجلس في مكتبي في مبني الأهرام القديم ، في الطابع السابع والذي يطل على ظهر محكمة الجلاء ، سمعت إطلاق نار وصراخ نساء على أثره. نظرت من الشباك وجدت البعض يجرى بإتجاه مبنى الأهرام ، اتصلت بالأمن فقال لي أن الأمر بسيط بعدها بربع ساعة حاولت النزول إلى الطابق الرابع فوجدت هرج كبير على السلم وكان مدير أمن الأهرام وعضو مجلس إدارة وبعض الشرطة .. يمسكون بخناق شخص لم أتبينه . عندما نزلت إلى بهو الأهرام كان مغلقا " البعض يحاول اقتحام الأهرام" قيل لي فخرجت لأعرف ما الأمر ... مجموعة نساء في ملابس سوداء ومجموعة كبيرة من الشباب الغاضب كان يلقى طوب على المبني ، كانت ضمن النساء سيدة رأيتها من النافذة منذ قليل. هذا ما علمته من أسرة القتيل: "تامر الصعيدي ، سرقت منه أحد سيارته أمس وذهب اليوم للإبلاغ عنها في القسم( قسم الزاوية الحمراء)، فقام رئيس المباحث بعمل محضر له اتهمه فيه بالنصب، واستدعى شريكه والسائق، وحولهم لنيابة الجلاء، وكيل النيابة أفرج عنهم، وقتها تعقبه أمين شرطة أمام النيابة ورفض له السماح بالمغادرة وأصر على إعادته إلى قسم الزاوية الحمراء، ولكن " تامر" رفض الذهاب مع أمين الشرطة بعد أن أفرجت عنه النيابة، وكانت في هذه اللحظة كل أسرة تامر أمام النيابة تنتظره ، أمه وزوجته وشقيقه وشقيقه التوأم وأصدقاءه. وعندما أصر أمين الشرطة حاول تامر الهرب ، فأطلق عليه النار أمين الشرطة من الظهر فأرداه قتيلا أمام الجميع، وعندما أمسك بخناقه أهل وأصدقاء تامر هرب لمبنى الأهرام ، حاول زميل من الأمن - هو عبد الناصر صادق - منعه فأطلق عليه النار عند ركبته - هذا ما قاله لي الزميل نفسه - لاحق أهل تامر أمين الشرطة للمبني ولكن أمن الأهرام منعهم ، وأغلق الباب ، فتجمهروا أمام المبني وبدؤا في إطلاق الطوب على زجاج المبنى والسباب . حاولت تسجيل شهادات شقيقته وشقيقه التوأم وأصدقائه عما حدث أمام النيابة ، وحاولت تهدئة الغاضبين حتى لا يتم تصعيد الموقف أكثر وكنت أفعل ذلك كمواطنة مصرية وصحفية من الأهرام . أغضب لمقتل مواطن مصري وأخاف على مكان عملي. جاءت الشرطة العسكرية وأرسل الجيش دبابتين وجاءت تعزيزات من الأمن المركزي ، أشهد ... أن الشرطة العسكرية تعاملت باحترام وإنسانية مع الحشود الغاضبة - على غير العادة - من أهل وأصدقاء ، وهو ذكاء ، والحمد لله لأنه لو كان حدث غير ذلك لحدثت كارثة مروعة يعلم الله كم كانت ستحصد من الأرواح ، الحمد لله. كلما كنت أقول لأهل القتيل أن " حقه هيجي" كان الرد أن حق من مات من قبل لم يرجع، كانوا مصرين على الحصول على أمين الشرطة القاتل ، وكانت وجهة نظرهم - التي عززتها رسالة الأهرام - أن " أنه يحتمي بالأهرام" ، ولكن لأن القاتل أطلق الرصاص أيضا على زميل الأمن رفضت إدارة الأهرام تسليمه إلا للجيش ( هذا الأمر علمته لاحقا من الزملاء في الأمن) - معلومة أن زميل لنا أصيب علمتها لاحقا وليس في البداية - الذي "قتل" أهل "تامر" أكثر أن تظهر التقارير الإعلامية تقول أن تامر " بلطجي" وأن أهله كانوا يحاولون تهريبه ، وهي ليست الحقيقة ، لأنه لو كان هاربا من العدالة لما ذهب لقسم الشرطة للإبلاغ عن سيارته المسروقة. ذهبت مع أسرة تامر لمنزلهم لأحصل علي صورة له ، حملت إلى الطابق الرابع ابنته ذات التسع سنوات وهي تقول " منهم لله" .... "شروق" اسمها .. تيمت اليوم ... !! الأهالي غاضبوك جدا ويريدون حقهم ، وضابط المباحث الذي أصر على عودة تامر للقسم - قسم الزاوية الحمرا - والذي تسبب في الكارثة طلب تعزيزات من الجيش وهناك الآن دباباتان أمام القسم. ------ ملحوظة على الهامش : جاء حمدي بدين رئيس الشرطة العسكرية للأهرام ، وكان باسما ، ويقول لزميل صحفي وهو يصافحه ، "أنا باخاف من اللي أنتم بتكتبوه" ، كان ردي عليه أن "مصر كلها تخاف منه" وأعقبت أن "ربنا كبير" ، قاومت بشدة أن أذكره في وجهة أن لا يجب عليه أن يحسب أن "الله غافل عما يفعل الظالمون وإنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار" ، رغم ذلك وصلتني معلومة أن بعض الزملاء في الأهرام يقدمون مذكرة للتبرئة مما فعلت ! أهل القتيل: ذهب للإبلاغ عن سرقة سيارته فلفقوا له محضرا وبعد إفراج النيابة عنه حاولوا القبض عليه حاولت تهدئة أهل القتيل أن "حقه هيجي" فكان الرد أن حق من مات من قبل لم يرجع وأصروا على تسلم أمين الشرطة ما "قتل" أهل تامر أكثر ظهور التقارير الإعلامية لتقول أنه " بلطجي" وأن أهله كانوا يحاولون تهريبه