أمامك عزيزي الناخب خياران.. إما أن تترك مفتاح بيتك لشخص سوف يغير كالون الباب ويطردك لتبات في الشارع حتى يبان لك صاحب، وإما أن تترك المفتاح لشخص سوف يغير كل ما في البيت على ذوقه ويقيد حركتك في مساحة متر في متر لأن بالبيت "حريم" ويفرض عليك ألا تضحك بصوت عال لأنه "لا يصح" فتضطر أن تخرج بنفسك للبيات في الشارع وعلى الرصيف قبل أن تختنق.. الخيار لك عزيزي الناخب فضعه في عينك.. لا تفرط فيه.. هو أمانة كصوتك تماما فلا تضيعه.. أبطل صوتك يا عزيزي قبل أن يبطله لك الآخرون.. صدقني يا عزيزي البيات في الشارع وعلى الرصيف أرحم بكثير، على الأقل سوف يمكنك التفكير بهدوء في الطريقة التي سوف تستعيد بها بيتك. لا تصدق الذين سوف يذكرونك بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. هذا صحيح إن كان الحق أمامك وأنت تسكت عنه.. أما في حالتنا.. حين يكون أمامك الاختيار بين أحد الباطليْن.. حين يكون أمامك الاختيار بين القاتل وبين المتستر عليه.. بين القاتل وشريكه.. بين النظام وظله.. فليس عليك إلا أن تسكت. أقول لك.. إن كنت مُصرّا.. إن كان عليك أن تختار ولا ترى ما أراه.. اختر إذا شريكه في الجريمة.. على الأقل ذلك لم يقتل بنفسه.. لم يرفع مسدسا.. لم يؤجر قناصا.. ولكن حين تمنحه صوتك ذكّره أن يده ملوثه بالدماء نفسها.. أنه سكت عن الحق حين كان الحق بيّنا والباطل بيّنا.. أنه أخذ جانب القاتل حين كانت الضحية غارقة في دمائها.. أنه زايد على القاتل باتهام المقتول بأنه بلطجي وأناركي وفوضوي وعميل.. أنه صفّق للقاتل حين قَتل وشمت في المقتول حين قُتل.. أنه فضّل مصلحته ومصلحة جماعته على مصلحة الوطن. ذكّره قبل أن تعطيه صوتك أنك لست مضطرا لذلك.. أنك لن تعطيه صوتك اضطرارا.. بل إنك سوف تعطيه له زكاة عن نفسك وعن صحتك وعن ثورتك.. سوف تعطيه له مكرمة.. لا تكسر عينه.. حاشا لله.. فليس عليك أن تجبره على الانحناء ليأخذ صوتك.. ولكن على الأقل اقنعه أن يبدي امتنانا.. ذكّره أنك تفعل ذلك لأنها من شيم الأكرمين.. أنك تقف جواره رغم أنه باعك لعدوك عدة مرات لأن المسامح كريم.. لعله يتعظ.. لعله يعرف أن الله حق.. وأن قوتنا في اتحادنا.. وأنه حقا وصدقا أنا وابن عمي على الغريب.. لكن قل له لا تضربني في ظهري يا ابن عمي مرة أخرى وإلا لاقيت مني الأمرين. اختر المتستر على القاتل حتى لا يشمت القاتل فيك وفيه. ولكن قبل أن تفعل ذلك قل له هذا حقي يا ابن عمي فلا تأكل الحق حتى ولو كنت تأكل مال النبي.. اسأله أن يقسم بلاش بشرفه ولا بشرف أمه أن يقسم على كتاب الله.. لا ولا كتاب الله.. قالوا لابن عمي احلف.. اسأله أن يوقع لك عقدا.. عهدا.. فليس أفضل سيادته من الفاروق عمر.. من كان أحفظ للعهد من عمر؟.. ومع هذا كتب تعهدا وميثاقا وكتابا بلغة هذا الزمان.. اسأله أن يوقع لك كتابا.. يحفظ حقوقك ويصون كرامتك ويحمي حريتك.. اختره واعطه صوتك ولكن بعد أن يكون تعهده في جيبك موقعا منه وممهورا ببصمة إصبعه.. بل أصابعه العشرة.. هذا أضمن يا مولاي.. فقد جربت وعوده ولو أنها صدقت لما كنت الآن مضطرا لأن تعد صوابعك كلها وراءه.. وصدق من قال "اللي تلدغه الحية يحرّص من الحبل" فما بالك إن كانت الحية نفسها! اختره واعطه صوتك ولكن ذكّره أولا أنكما الآن بعدما حصل على صوتك صرتما شريكين.. لديه من الأتباع ما يكفيه.. وأنت لست بتابع ولا بعبد للمأمور.. أنت شريكه الآن.. عليه ألا يُفسد البئر الذي منه تشربان.. وألا يغيّر ذوق البيت على هواه.. وألا يبيع السفرة.. فإن كان في شريعته أن يأكل طعامه بيده مقرفصا على الأرض لأنه ابن البداوة فإنك لا تأكل إلا جالسا على السفرة وشوكتك وسكينك في يديك لأنك ابن هذا الزمان.. له أن يأكل كما يريد شرط أن يكون لك أن تأكل كما تريد.. أن يلبس كما يريد شرط أن يكون لك أن تلبس كما تريد.. أن يصلي كما يريد شرط أن يكون لك أن تصلي كما تريد.. ليس عليه أن يجبرك على دخول الجنة إن كنت لا ترغب.. أو إن كنت ترغب في دخولها بطريقتك.. أو حتى إن كنت لا تصدق أن الجنة الموعودة.. موجودة. اعطه صوتك ولكن ذكّره أنكما صرتما شريكين.. ليس له حق أكبر من حقك.. وليس عليك بمسيطر.. أنتما أمام الله سواسية.. يمكنك أن تكون مكانه المرة القادمة.. ذكّره أن الكرسي مناولة لا مقاولة.. عليه أن يبصم على هذه بالذات.. أن يبصم على أن الكرسي ليس ملكا لأحد.. ليس ملكه ولا ملك جماعته ولا أنصاره.. أن يبصم أنه لن يلتزم بفتاوى تقول إن الكرسي ملك للمسلم فقط.. لأننا لسنا في دار إسلام ولا دار حرب.. نحن في دولة.. والدولة يسكنها مواطنون لا رعايا.. يسكنها شعب لا شعب مختار.. تسكنها أمة لا خير أمة. عزيزي الناخب.. أما أنا فسوف أذهب لإبطال صوتي. لأن ضميري يمنعني أن أعطي صوتي لقاتل ويمنعني أن أعطي صوتي لمتستر عليه.. أن أعطي صوتي لخائن أو لانتهازي.. أن أعطي صوتي لمن حاول ويحاول قتل ثورتي أو لمن يمكنه بيعها بكرسي هنا أو هناك.. سوف أبطل صوتي لأني أعتقد في الطريق الثالث.. طريق الثورة.. أما أنت فليس عليك أن تفعل مثلي.. أنت تصدق أنها انتخابات.. وأنها نزيهة بنت نزيهة.. وأنها نتائج.. وأنها لجنة قضائية.. وأنها.. وأنها.. لهذا أقول لك لو كنت مضطرا للاختيار فلا تعطي صوتك مجانا.. أما إن قررت اعطاء صوتك مجانا ف "الخيار لك".. الخيار لك. Comment *