أثار الفوز الذي حققته مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية “يمين متطرف” في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية بنسبة قاربت 20% مخاوف بشأن توغل اليمين المتطرف في المجتمع الفرنسي وتبني نسبة غير قليلة هذه الآراء المتطرفة ينعكس ذلك على المرشحين الذين يغازلون هذه النسبة ويزايدون عليها للوصول إلى قصر الأليزيه. استعرضت وكالة “الإيه إف بي” آراء الصحف الفرنسية التي علقت على نيل مرشحة اليمين المتطرف هذه النسبة، فصحيفة “لي زيكو” الاقتصادية كتبت أن فرنسا الجمهورية “تستيقظ على صدمة” مرة جديدة غداة جولة أولى من انتخابات رئاسية في فرنسا، ورأت الصحيفة أن هذه الصدمة “سيخيم ظلها على حملة الدورة الثانية”، بينما كتبت صحيفة “ليبراسيون” اليسارية تقول “جبهة اليسار حدست الخطر وكانت الوحيدة بين التشكيلات السياسية الكبرى التي حددت الجبهة الوطنية عدوا لها” رويترز نشرت تقريرا أعدته دينا عفيفي، حمل عنوان “ناخبو اليمين في فرنسا ربما يحددون الرئيس القادم”، ونشرت الوكالة استطلاعات للرأي أجرتها ثلاث مؤسسات أمس الأحد أن مابين 48 و 60 في المائة من ناخبي لوبان، يعتزمون تأييد ساركوزي في جولة الإعادة. واعتبر موقع فرانس24 أن الفائز الأبرز في الانتخابات هو اليمين المتطرف الذي حققت مرشحته مارين لوبن أفضل نتائج لعائلتها السياسية في تاريخ مشاركتها في الانتخابات الرئاسية، ونقل الموقع الإخباري الفرنسي عن المحامي جيلبير كولار رئيس لجنة دعم مارين لوبن أن رئيسة الجبهة الوطنية ستعلن في الأول من مايو “موقف الجبهة الوطنية ” بالنسبة إلى الدورة الثانية. ونقل موقع يورونيوز عن أحد أنصار لوبان “في الماضي كنا نصوت للجبهة الوطنية احتجاجا على الأحزاب الأخرى، اما الآن فنحن مقتنعون فعلا ببرنامج مارين لوبان الذي اعجب الكثير من الفرنسيين. وتقول لوبان في خطاب وجهته إلى جمهورها “ان الفرنسيين اليوم يحققون الشرف والشجاعة والكرامة، أنكم مدعوون إلى طاولة النخبة. الدور الأول ليس إلا بداية وليس نهاية وتجمع لليمين ولليسار ولكافة محبي فرنسا. لقد بدأت المعركة في فرنسا. اصدقائي الفرنسيين، لن يكون الوضع كما كان. لقد كسرنا حواجز احتكار المصارف والمال والتعددية. لقد رفعنا عاليا افكارنا الوطنية. نحن المعارضة الحقيقية في الساحة أمام قوى اليسار. ظهر الخطاب الديني المتطرف لليمين الذي استغلته لوبان بقوة بعد قضية محمد مراح، فالمجتمع الفرنسي يعاني من مشاكل اقتصادية، وليس لدى اليمين أي حلول تنحاز للأغلبية من الناس وهم يحتاجون إلى أصواتهم الانتخابية، هنا يجيء الاستغلال السياسي لمثل هذه القضايا، وهذا ما أكده باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستيراتيجية “اريس” في باريس، حيث نقل موقع فرانس24 الإخباري الفرنسي قوله “البعض يسعون إلى استغلال مخاوف الفرنسيين من الإسلام لأغراض سسياسية. وكانت استطلاعات للرأي أشارت إلى تفوق نسبة التصويت لصالح لوبان عن غيرها، فالمعهد الفرنسي للرأي العام أظهر استطلاع للفئة العمربية بين 18 و 22 عاما، حصدت 23 في المائة محتلة المركز الثاني بعد هولاند – 31 في المائة – . ورغم قيام حزب “الجبهة الوطنية” المتطرف، على مباديء شمولية واتخاذ مواقف متشددة حيال المهاجرين فما الذي يجعل هذه النسبة من الشباب تعطي صوتها لها. ومن جانبها، نقلت صحيفة الاتحاد الإماراتية عن جون إيف كامي، الخبير في شؤون اليمين المتطرف الفرنسي، أن نسبة البطالة العالية بين الشباب تدفعهم إلى تحميل المسؤولية كاملة على الهجرة والبحث عن السياسيين الذين يتبنون مواقف متشددة إزاءها، لا سيما في صفوف الشباب ذوي المؤهلات المتوسطة. ويؤكد بعض الخبراء أن الشباب من ذوي المستوى الدراسي المتدني هم أكثر الفئات تضررا من البطالة ويجدون صعوبة في إيجاد وظائف والحفاظ عليها، فاستطلاعات الرأي تظهر نسبة عالية من التأييد للوبان في أوساط الشباب المنحدرين من عائلات عمالية. على النقيض من شباب الجامعة الذين يميلون بشكل واضح إلى اليسار سواء هولاند من الحزب الاشتراكي، أو ميلونشون مرشح أقصى اليسار. ويمكن أن نوجز أهم أسباب توجه قطاعات من المجتمع الفرنسي نحو اليمين في عدة أسباب، يأتي على رأسها البطالة فالمهاجرون يفدون إلى فرنسا بنسبة 200 ألف سنويا ووعدت لوبان أن تخفف الرقم إلى 10 آلاف، ثانيا انتشار ما يعرف ب”أسلمة” مظاهر حياة الفرنسيين المسلمين، والتي يرى فيها الفرنسيون تهديدا لعلمانية دولتهم، ومظاهر الألسلمة منتشرة في ضواحي باريس الفقيرة وتقف خلفها دولا خليجية، وقد انتقدت لوبان في موقف سابق قطر لتدخلها في فرنسا بدعمها لمشاريع اقتصادية في ضواحي بارس، وقد جاء حادث اعتداء مراح في تلوز على اليهود ليزيد من شعبية لوبان ويجعل ساركوزي يتقرب من هذه القضية.