تجددت المواجهات بين قوات الأمن وعاطلين احتجوا على نتائج مسابقة توظيف في “شركة فوسفات قفصة” الحكومية أمس في مدينة أم العرايس التابعة لمحافظة قفصة، جنوب غرب تونس. بينما أعلن عدد من شباب وأهالي ولاية سيدي بوزيد اليوم عن دخولهم في عصيان مدني مفتوح لحين الاستجابة لمطالبهم المتعلقة بالتوظيف والتنمية، في تطور جديد لمشكلة المعطلين عن العمل بتونس والتي تتفاقم كل يوم وتنذر بوقوع أزمة أكبر بعد التظاهرات ودعاوى العصيان المدني المتعددة. كانت شركة فوسفات قفصة قد أعلنت عن نتائج مسابقة للتوظيف، حيث تم توظيف 605 من شبان المدينة للعمل بشركة فوسفات قفصة من أصل 3000 شاب شاركوا في المسابقة. وفرضت السلطات خلال اليوم نفسه حظر تجوال ليلي في المدينة. الأمر الذي أدى إلى اندلاع أعمال العنف في أم العرايس السبت الماضي بمجرد الإعلان عن النتائج. واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات من المحتجين الذين رشقوا رجال الأمن بالحجارة، وطاردتهم داخل أحياء المدينة حسبما ذكرت وكالة فرانس برس. فيما قالت وكالة الأنباء التونسية إن المحتجين أضرموا النار في مقر وحدة أمنية متنقلة تابعة للحرس الوطني وأحرقوا سيارة بعد “انسحاب” قوات الأمن من المدينة. وذكرت بان رجال الأمن انسحبوا 9 كيلومترات إلى خارج المدينة بعد أن طالبهم المحتجون بالانسحاب “الفوري” من أم العرايس، “تفاديا لمزيد من توتير الأوضاع ولخفض حدة الاحتقان”. يذكر أن 28 ألف شاب بمنطقة الحوض المنجمي شاركوا في مناظرة لتوظيف 4 آلاف عامل بشركة فوسفات قفصة. واختارت الشركة الإعلان عن نتائج المناظرة على مراحل تحسبا من احتجاجات وأعمال عنف مماثلة لتلك التي اندلعت في نوفمبر الماضي عند الإعلان عن نتائج مناظرة التوظيف. ودعت “نقابة قوات الأمن الداخلي” في قفصة إلى إرسال تعزيزات من الشرطة والجيش لحماية المنشآت العامة في مدن الحوض المنجمي. وتعتبر “شركة فوسفات قفصة” الحكومية المشغل الرئيسي في محافظة قفصة التي ترتفع فيها نسب البطالة. اندلعت أيضا الأسبوع الماضي أعمال عنف في مدينة القطار إثر الإعلان عن نتائج مناظرة التوظيف في المدينة. وينتظر أن يتم الإعلان يوم السبت القادم عن نتائج مناظرة التوظيف في مدينة الرديف. هذا غير الدعوة الجديدة للعصيان المدني التي تبدأ اليوم في ولاية سيدي بوزيد تهدف إلى ضمان “تحاور السلطة معهم” من أجل الاستجابة لمطالب التنمية وحل مشاكل المعطلين عن العمل والتوظيف. وأكد مصدر نقابي لوكالة تونس أفريقيا للأنباء “وات” أن هذه الحركة جاءت بعد اقتناع العديد من الأطراف التي تحاورت أمس الثلاثاء مع الوالي بعدم جدوى الوعود التي قدمها لهم. وأضاف المصدر أن المحتجين ينتقدون “الإمعان في تهميش المنطقة وحرمانها من حقوقها في التشغيل والتنمية”. يأتي هذا التصعيد بعد أقل من أسبوعين من المواجهات العنيفة في ولاية المستنير وسيدي بوزيد وشارع بورقيبة وولاية بسوسة وصفاقس وقفصة. حيث انطلق الآلاف في مظاهرات حاشدة لإحياء “عيد الشهداء” في التاسع من أبريل كل عام تخليدا للشهداء الاحتلال الفرنسي، وتحديا لوزارة الداخلية بعد منعها التظاهر في شارع بورقيبة، رمز الثورة التونسية. وبعدما قامت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، هتف المتظاهرون “وزارة الداخلية، وزارة إرهابية – الشعب يريد إسقاط النظام – لا خوف لا رعب، الشارع ملك الشعب”. انطلقت أيضا المظاهرات تجاه مقرات حركة النهضة صاحبة الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي، وحاول البعض اقتحامها تنديدا بسياسة المماطلة والتسويف التي تنتهجها معهم السلطات، غير نهج وزارة الداخلية الذي أعاد إلى الأذهان الزمن الغابر لحكم بن على. حيث تعاملت قوات الأمن بعنف شديد ضد المتظاهرين، وأمطروهم بالغاز المسيل للدموع وطاردوهم بالهراوات، غير مشاركة آخرين بالزى المدني في المطاردة. الأمر الذي أدى إلى إصابة العشرات بالاختناق والإصابات الناتجة عن الضرب بالهراوات. في النهاية، يرى الكثير من المحللين وناشطين المجتمع المدني أن الوضع غير مطمأن. وكما عبر الرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، مختار الطريفي: “أشعر بالاستياء.. فالناس الذين جاءت بهم الثورة إلى الحكم هم الذين يمنعوننا من التظاهر الآن!.. “.