رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    ارتفاع كبير ب400 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (محليًا وعالميًا)    الحكومة تصدر بيانا بشأن "البنزين المغشوش" في محطات الوقود    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    تشكيل إنتر ميلان المتوقع أمام برشلونة في موقعة الإياب بدوري أبطال أوروبا    إحالة سيدة احترفت سرقة متعلقات المواطنين بمدينة الشروق إلى المحاكمة    البرلمان: لا إخلاء لمستأجري الإيجار القديم قبل ضمان بدائل سكنية    موجة حارة.. بيان مهم ل الأرصاد يكشف طقس اليوم الثلاثاء 6 مايو (احذروا الشبورة)    تامر حسني ومصطفى حجاج يشعلان حفل زفاف رنا رئيس    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء.. واستعدادات شاملة لعيد الأضحى    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025    مصر للطيران تلغي رحلاتها اليوم إلي بورتسودان وتوجه نداء لعملائها    هجوم عنيف بمسيرات أوكرانية يستهدف موسكو ووقف الرحلات في 3 مطارات    هل يشارك ترامب في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؟    إسرائيل تستعد لغزة ب«عربات جدعون»    العالم بعد منتصف الليل.. سلسلة انفجارات تهز حلب.. وقصف خان يونس (فيديو)    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    الحوثيون يتوعدون تل أبيب برد قوي على القصف الإسرائيلي لليمن    تشمل السعودية والإمارات وقطر.. جولة لترامب بدول الخليج منتصف مايو    جوتيريش يحث الهند وباكستان على "التراجع عن حافة الهاوية" ويحذر من التصعيد العسكرى    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    الصراع يحتدم، رد حاسم من الأزهر بشأن تشكيل لجان فتوى مشتركة مع الأوقاف    وكيل كولر يتحدث لمصراوي عن: حقيقة التقدم بشكوى ضد الأهلي.. والشرط الجزائي بالعقد    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    قابيل حكما لمباراة سموحة والطلائع.. ومصطفى عثمان ل زد والاتحاد    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    رابط النماذج الاسترشادية لامتحان الرياضيات التطبيقية لطلاب الثانوية العامة 2025    مصرع طالب في حادث مروري بقنا    اليوم.. محاكمة نقاش متهم بقتل زوجته في العمرانية    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    أصل الحكاية| ديانة المصريين القدماء.. حتحور والبقرة المقدسة بين الرمز والواقع    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    تعرف على.. جدول الشهادة الاعدادية التيرم الثاني بمحافظة القاهرة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو في الصاغة    ضبط طفل تحرش بكلب في الشارع بالهرم    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد محفوظ: ربيع الفيلد مارشال .. المشير رئيساً
نشر في البديل يوم 17 - 03 - 2012


الحب يعمي البصر .. والسلطة تعمي البصيرة
( قول مأثور )
يحرض غياب خارطة الطريق خلال الفترة الانتقالية فى مصر ما بعد الثورة ؛ على التنجيم السياسى .
وقد يبدو التنجيم السياسى نوع من الفانتازيا السياسية ؛ التى وإن تقيدت بمجموعة من المعطيات ؛ وحاولت الالتزام بقدر من المنهج ؛ إلا أن نتائجها دائماً تُصنف فى باب الرجم بالغيب ؛ والقفز إلى المستقبل الذى هو بطبيعته مجهول ومحجوب ومخفى ومستتر .
ولكن ؛ هكذا يريد العسكر ؛ الذين يديرون الفترة الانتقالية بأسلوب الخطط العسكرية التى لا يعلمها إلا القادة ؛ بينما ( الأنفار ) أمثالنا ليس لهم إلا تنفيذ الأمر وقت صدوره ؛ دون العلم أبداً بالخطة الكلية . فهم يلخموننا بالتكتيك ويطرمخون على الإستراتيجية.
وبالتالى ؛ سنمارس التنجيم السياسى ؛ فإن أصبنا فلنا الأجر ؛ وإن أخطأنا فعلى العسكر الذنب والإثم ؛ طالما هم مصرون على إخفاء الحفر والمطبات تحت مياه المجارى والمستنقعات .
ولعله من المهازل والمساخر فى مصر ما بعد الثورة ؛ أن يتم فتح باب الترشح للرئاسة ؛ دون أن يعلم المرشحون سلطات الرئيس ؛ مما يجعل أى برنامج يطرحونه على الناس يدخل رغماً عنهم فى باب النصب الانتخابى والدجل السياسى . إذ كيف لمن لا يعرف سلطاته أن يروج لبرنامج سياسى ؛ فلا برنامج لمن لا صلاحيات معلومة له ؛ ولا رأى لمن لا طاعة له .
وبالتالى ؛ فالأمر صار أشبه بأن مصر ستتزوج ؛ ويتم البحث لها عن عريس ؛ وليس عن رئيس . وهو عريس صالونات غير مطلوب من مصر أن تعرفه قبل الزواج ؛ بل عليها أن تشربه وتأربعه بعد الزواج .
ولكن ؛ لماذا يلعب العسكر ( الاستغماية ) مع الشعب المصرى ؟ يخفون تفاصيل الإستراتيجية ويطلبون منا البحث عنها فى الظلام فنتعثر فى التكتيكات !! هل هذا ناتج عن عدم وجود إستراتيجية أصلاً ؟ أم ناتج عن وجود إستراتيجية لا يمكن الإعلان عنها لأنها صادمة وجارحة وقبيحة الوجه وكريهة الرائحة ؟
وما يؤكد ولع العسكر بالاستغماية ؛ إنه بينما كانت كافة النخب التى تجلس مع أعضاء المجلس العسكرى تؤكد بأن المجلس صادق فى وعده بتسليم السلطة ؛ إلا أن كافة ممارسات المجلس على طول وعرض الفترة الانتقالية ؛ كانت تؤكد على العكس بأنه متشبث بالسلطة ؛ ولكنه يريد تغليف هذه السلطة بقناع جديد ؛ بما يعنى الاكتفاء بتغيير رأس النظام وهيئته ؛ مع الحفاظ على نفس مناهجه وسياساته .
ولهذا ؛ يبدو أن الخيار الثانى وهو وجود إستراتيجية غير معلنة هو الأرجح . لأن كافة ممارسات العسكر الصادمة المتوالية ؛ تؤكد بأن مسرح الأحداث يتم تجهيزه لأمر معين ؛ يُراد له أن يكون هو سطر الختام فى ( مسيرة تهديد استمرار النظام ) التى بدأت منذ أكثر من عام فى 25 يناير 2011م .
وتبدو الإستراتيجية غير المعلنة بمثابة التفسير الأوحد لإبعاد تهمة ( الغباء ) السياسى عن المجلس العسكرى ؛ ولكنها فى نفس الوقت تلصق به تهمة ( الإجرام ) السياسى باعتبارها التوصيف الأنسب لتفسير إدارته المشئومة للفترة الانتقالية .
إذن ؛ نحن أمام إستراتيجية غير معلنة ؛ تتضح أبعادها بمرور الوقت ؛ وستتكشف كل أوزارها خلال فترة فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة ؛ باعتبارها الفصل قبل النهائى فى ( الفترة الانتقالية ) التى سنعرف عند انتهاءها بأن الاسم الأوفق لها هو ( الفترة الالتفافية ) ؛ لوصف الالتفاف على الثورة وتطويقها وتفكيكها ؛ وإعادة إنتاج النظام القديم ولكن بقناع جديد .
ولكن لن يمكننا الإلمام بأهداف هذه الإستراتيجية غير المعلنة ؛ إلا إذا حاولنا توصيف ممارسات المجلس العسكرى منذ 11 فبراير 2011 وحتى الآن . باعتبار أن هذا التوصيف سيكشف لنا أبعاد مسرح الأحداث الذى يتم ترتيبه استعداداً لهذه الأهداف . وبالتالى علينا محاولة توصيف هذه الممارسات ؛ لمعرفة مراميها البعيدة التى تشير إلى اتجاه ما يقود إلى وجهة معينة .
ودعونا نحاول معاً اختيار توصيف مناسب لممارسات المجلس العسكرى المتراكمة .. :
فما هو الوصف المناسب لقيام المجلس العسكرى باستلهام نفس تجربة الرئيس الراحل السادات عندما استخدم فى السبعينات التيارات الدينية لضرب القوى الناصرية واليسارية والشيوعية . أليس الوصف المناسب أن العسكر أرادوا ضرب قوى الثورة باستخدام التيار الدينى اعتماداً على شعبيته القائمة سلفاً فى الشارع والوجدان المصرى . ولهذا اقتربوا كثيرا منذ اليوم الأول للفترة الانتقالية ومازالوا من التيار الدينى ؛ بينما ابتعدوا كثيراً عن قوى الثورة ؛ ومن ثم عن الثورة ذاتها .
ما هو الوصف المناسب لتبنى المجلس العسكرى لخارطة طريق معكوسة ؛ تمت صياغتها فى صورة تعديلات دستورية تؤدى إلى البدء بالانتخابات قبل كتابة الدستور ؛ مع توظيف التيار الدينى لتمرير تلك التعديلات . أليس الوصف المناسب هو أن المجلس العسكرى كان يريد بالاستفتاء ومن بعده الانتخابات ؛ شق صفوف القوى الوطنية التى توحدت أثناء الثورة ؛ وتمزيقها على أسس أيدلوجية ؛ ومن ثم تنطفأ الشعلة الثورية ؛ وتتم كتابة الدستور بعيداً عن المناخ النضالى الحماسى الذى أفرزته الثورة ؛ ومن ثم تتم إعادة إنتاج النظام القديم إلا قليلا .
ما هو الوصف المناسب لإصدار مراسيم بقوانين تدعو إلى الريبة ؛ مثل المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011م ( الصادر فى 10 مايو سنة 2011 م ) ؛ الذى يجعل القضاء العسكرى مختصاً بنظر جرائم الكسب غير المشروع للعسكريين المتقاعدين !! والمرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2011م ( الصادر فى 11 يونية سنة 2011 م ) الذى يجعل القضاء العسكرى هيئة قضائية مستقلة . أليس الوصف المناسب هو أن المجلس العسكرى يخاف من شئ ما تلوثت به يداه ؛ ويخطط لشئ ما ؛ ومن ثم يقيم درعاً يحميه من الملاحقة والعقاب ؛ وإلا لماذا يخاف العسكريون المتقاعدون من المثول أمام القضاء المدنى فى جرائم الكسب غير المشروع !!!
ما هو الوصف المناسب لاتفاق جميع المحاكم على عدم الحبس الاحتياطى لضباط وأفراد الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة ؛ بينما يستمر فى ذات الوقت الحبس الاحتياطى لنجلى مبارك وعدد من رموز نظامه ؛ رغم اتهامهم فقط بقضايا فساد مالى . أليس الوصف المناسب أن هناك دور للمجلس العسكرى فى ذلك ؛ انطلاقاً من نظرته لهيبة الدولة وأمن النظام باعتبارهما أكثر قدسية من حرمة أرواح المواطنين ومن استقلالية القضاء ؛ وبالتالى يرسل لقوى الثورة رسالة مفادها : أن كل من سيقترب من مؤسسات الدولة فى أى مواجهات قادمة ليس له دية ؛ ولن يتم حبس القتلة يوم واحد ؛ والبراءة ستكون جزاءهم بموجب المرسوم بقانون 34 لسنة 2011 الذى أصدره المجلس العسكرى بشأن تجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت ( قانون تجريم الاعتصامات ) .
ما هو الوصف المناسب لصدور وثيقة السلمى التى كانت تعطى امتيازات للقوات المسلحة ؛ بما يجعلها حامية للشرعية الدستورية ؛ ويجعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره هو المختص بالنظر فى كل ما يتعلق بالشئون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقماً واحداً فى موازنة الدولة ؛ كما يختص دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره . أليس الوصف المناسب أن المجلس كان يطلق بالونات اختبار لجس النبض تجاه إستراتيجيته التى يتبناها للمستقبل لتقنين الدور السياسى للمؤسسة العسكرية بدلاً من دورها العرفى الذى كانت تلعبه فى ظل النظام السابق . وبالتالى طالما لم يتمكن العسكر من تمرير تلك الوثيقة ؛ فعليهم أن يبحثوا عن طريق آخر لتمريرها بنفس الامتيازات ؛ وبنفس ضمانات الحماية والسرية لخلطة الاقتصاد العسكرى المطبوخة على أفران الفساد والعمولات .
ما هو الوصف المناسب لعدم هيكلة وزارة الداخلية أو تطهيرها من القيادات الفاسدة ؛ واستمرار الانفلات الأمنى لشهور ؛ ثم تحسن الحالة الأمنية فجأة بمجرد بداية الانتخابات البرلمانية فى نوفمبر 2011م ؛ ثم انحدارها مرة أخرى بعد نهاية الانتخابات وحتى الآن . أليس الوصف المناسب أن المجلس العسكرى يريد أن يرسخ الانطباع لدى المواطنين ؛ بأن حالة الفوضى والانفلات التى تعيشها مصر ؛ لا يصلح لمواجهتها إلا رئيس ذو خلفية عسكرية . وأليست واقعة القبض على ضابط أمن الدولة المندس وسط المتظاهرين أمام مجلس الشعب بمثابة حلقة سقطت سهواً من هذا السيناريو !!
ما هو الوصف المناسب لملاحقة رموز قوى الثورة باتهامات جنائية خطيرة أمام القضاء العسكرى والقضاء المدنى ؛ تتعلق بإسقاط الدولة وقلب نظام الحكم والتحريض على اقتحام وتخريب وحرق المنشآت . أليس الوصف المناسب بأن المجلس العسكرى لا يمكن أن يكون موالياً للثورة بينما هو فى نفس الوقت معادياً لمن أشعلوا شرارتها ؛ وإنه يريد إبعاد رموز الثورة عن المشهد وإرباكهم وتشتيتهم ؛ حتى يتم تنفيذ سيناريو الالتفاف على الثورة بأقل قدر من المقاومة والممانعة .
ما هو الوصف المناسب لإصرار وزارة الداخلية على الإنكار التام لإطلاق أى خرطوش على المتظاهرين ؛ رغم التقارير الطبية الموثقة بالأحراز التى تفيد إصابة المئات بالخرطوش فى العديد من المواجهات . أليس الوصف المناسب بأن ذلك يتم لتسويق نظرية الطرف الثالث الوهمية لإبعاد التهمة عن المجلس العسكرى ووزرائه ؛ كى لا يلقوا نفس مصير مبارك والعادلى ورجالهما .
ما هو الوصف المناسب للإصرار على إصدار قانون انتخابات الرئاسة بتاريخ 19 يناير 2012 م ؛ قبل 3 أيام من انعقاد مجلس الشعب بتاريخ 23 يناير ؛ والإصرار على عدم تعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى التى تجعل قرارات لجنة انتخابات الرئاسة لا يجوز الطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة ؛ وذلك رغم قيام المجلس العسكرى بتعديل الإعلان الدستورى 3 مرات قبل ذلك ؛ ورغم قيامه بتصديع دماغنا أثناء إعداد قانون انتخابات البرلمان بأن اقتصار الانتخابات على القائمة فقط دون تخصيص نسبة للفردى يتناقض مع المبادئ الدستورية ؛ فأين ذهبت تلك المبادئ الدستورية مع المادة 28 التى تمثل استمراراً للوجه القبيح للمادة 76 من دستور 71 . أليس الوصف المناسب بأن المجلس منشغل جداً بمنصب الرئاسة ؛ باعتباره الموقع المناسب والحصن الأخير للحفاظ على استمرار النظام .
ما هو الوصف المناسب لإثارة قضية التمويل الاجنبى لمنظمات المجتمع المدنى الاجنبية غير المرخصة ؛ والربط بينها وبين مؤامرات مزعومة تسعى لإسقاط الدولة . أليس الوصف المناسب بأن المجلس يريد تنمية العداء لأمريكا لتدعيم نظرية أن مصر مستهدفة ومعرضة للتقسيم ؛ وبالتالى يصبح كل من : تعظيم دور القوات المسلحة فى الحياة السياسية ؛ وقبول الرئيس ذو الخلفية العسكرية ؛ لهما الأفضلية عند المواطنين فى ظل الإحساس المتصاعد بالخطر . وذلك رداً على التململ والقلق الأمريكى من الغموض الذى تُدار به الفترة الانتقالية فى منطقة حساسة من العالم ؛ بما يؤسس لحالة مزمنة من عدم الاستقرار تؤدى إلى انفجار أزمات وصراعات على السلطة ؛ ترى واشنطن بأن لا مكان لها فى عام انتخابات الرئاسة الامريكية وفى ظل أزمة اقتصادية عالمية .
ما هو الوصف المناسب للدفع بشخصيات بعينها لمهرجان الترشح لانتخابات الرئاسة ؛ منها من بلغ من العمر أرذله ؛ ومنها المحسوب على النظام السابق ؛ ومنها شخصيات بخلفية عسكرية . أليس الوصف المناسب بأن المجلس العسكرى يريد ترسيخ الانطباع لدى الناخبين بأن تقدم السن أو الانتماء للنظام السابق أو الخلفية العسكرية ؛ كلها أمور طبيعية لا تخصم من رصيد المرشح للرئاسة ؛ وذلك تمهيداً لترشيح شخصية تنطبق عليها كل تلك الصفات .
... إذن ؛ كل هذه الممارسات الصادمة للمجلس العسكرى تدفع نحو اتجاه ما ؛ وتتطلع لهدف ما ؛ مفاده أن الاستمرار فى السلطة مطلب حياة أو موت . وأن مقعد الرئيس هو الركن الكفيل فى حال الاستحواذ عليه بالحفاظ على موطأ قدم فى بلاط هذه السلطة ؛ بما يكفل الحماية للعسكر من جرائم ستظل تلاحقهم ؛ ومن سجون قد تستقبلهم فى حال دانت الرئاسة لرئيس مدني ؛ قد يريد تلميع نفسه بمداعبة مطالب الثوار ؛ فيتجرأ على التنكيل بمن تراه الثورة خصماً لها .
ونأتى هنا الى السؤال المحورى ؛ وهو : إذا كانت كل ممارسات المجلس العسكرى تؤكد بأنه يتطلع لمنصب الرئاسة ؛ فمن هو المرشح الذى سيحقق له ما يريد ؟
فى تقديرى ؛ فإن المواصفات التى ينبغى توافرها فى مرشح المجلس العسكرى ؛ ينبغى أن تتمثل فى الآتى :
الحفاظ على امتيازات المؤسسة العسكرية .
السيطرة على ملفات الدفاع والأمن والخارجية بعيداً عن يد التيارات الدينية .
عدم فتح ملف فساد وجرائم المجلس العسكرى فى ظل النظام السابق أو خلال الفترة الانتقالية .
فمن هو إذن الذى سيثق فيه المجلس العسكرى ؛ ويستطيع إئتمانه على ملفات بهذا القدر من الخطورة والحساسية ؟
من الواضح أن أى رئيس مدنى حتى لو كان من رجال النظام السابق لن يحظى بأى قدر من الثقة لدى المجلس العسكرى ؛ لأن العسكر بطبيعتهم لا يثقون فى المدنيين؛ بل وربما يحتقرونهم ولا يعترفون بقدراتهم .
كما أنه من الواضح أن أى شخص متقاعد ذا خلفية عسكرية ؛ لن يستطيع العسكر ائتمانه على حريتهم وأرواحهم وثرواتهم وعائلاتهم ؛ خوفاً من أن يتكرر معهم ما فعلوه بمبارك ؛ فيصبح مصيرهم فى طرة أو المركزالطبى العالمى .
كما أنه من الأوضح أن العسكر لن يأمنوا على أنفسهم فى يد رئيس ذو مرجعية دينية ؛ قد يورط المؤسسة العسكرية فى حروب عبثية من أجل تعصبات مذهبية ؛ أو يقلص نفوذها بنعومة كما فعل أردوغان فى تركيا .
لكل هذا .. سيضطر التيار الدينى وعلى الأخص الإخوان إلى الرضوخ والتسليم بالابتعاد عن منصب الرئيس ؛ كى لا يضطروا العسكر للانقلاب على نتائج الانتخابات بدعوى الحفاظ على الديموقراطية .
ولعل هذا هو جوهر الصراع الدائر حالياً على اقتسام السلطة بين العسكر والإخوان . فكل طرف منهما يحاول تقوية مركزه على الأرض ؛ ليحصل على أكبر نصيب فى السلطة المقرر رسم خطوطها فى الدستور القادم . ولذلك تبدو التفاهمات بين الطرفين تتجه نحو النظام ( المختلط ) الذى تتولى فيه الحكومة الاخوانية ملفات الاقتصاد والمالية والتعليم والصحة والعدل .. إلخ ؛ بينما يتولى الرئيس ملفات الدفاع والأمن والخارجية .
وبالتالى ؛ فى ظل حكومة إخوانية ؛ ورئيس له سلطات على ملفات سيادية ؛ وقوى ثورية لها ثأر عند المجلس العسكرى ؛ فإن العسكر لن يأتمنوا على منصب الرئاسة إلا شخصاً من داخل المجلس العسكرى .
وبالطبع فإن الشخص الوحيد المؤهل لذلك ؛ هو رئيس المجلس العسكرى ذاته ؛ باعتباره الشخصية الموثوقة لديهم والتى لديها كل المصلحة فى عدم الإساءة إلى المجلس أو ممارساته أو سياساته أو أى من أعضائه .
وفى الواقع ؛ فإن المشير يرى نفسه ويحرضه على ذلك الذين من حوله باعتباره الأمين على مصالح مصر العليا ؛ والحفيظ على استمرار النظام بتقاليده ومؤسساته وعقيدته ومنع سقوطه فى مواجهة قوى الثورة التى تريد من وجهة نظره ونظر أعضاء مجلسه إسقاط الدولة المصرية بأجهزتها الأمنية ومؤسستها العسكرية وسلطتها المركزية .
ولكن كيف سيتم الترويج لذلك وتنفيذه ؟ وهل الأمر سيتطلب المزيد من الخرطوش والدم والمؤمرات والغدر ؟ ... الأسابيع الثلاثة القادمة هى التى ستجيب عن ذلك !!!
وهكذا ؛ سيرث المشير ربيع الثورة ؛ ليصبح ربيعه الشخصى ؛ بحيث يصبح الفيلد مارشال .. رئيساً ؛ بعد 20 عاماً من التقوقع فى منصب وزير الدفاع ؛ وبعد عام ونصف عاصف صاخب من الجلوس على برميل دم وبارود ؛ اسمه الفترة الانتقالية ؛ يرى المشير وأعضاء مجلسه أنهم أداروها باقتدار ومعلمة وأستاذية ؛ فنجحوا فى الالتفاف على الثورة وتفكيكها ؛ بما يرشحهم جميعاً بدون استثناء لجائزة نوبل فى : أساليب إجهاض الثورات الشعبية من خلال الانقلاب العسكرى الناعم بمساعدة القوى الانتهازية !!!!

كان ما سبق تمرين على التنجيم السياسى ؛ فإن أصبنا فلنا سجونهم ندخلها مرفوعى الرأس كما قال زياد العليمى ؛ وإن أخطأنا فلهم سجون الرئيس القادم يدخلونها مطأطئي الرأس خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة .
*****
دكتور / محمد محفوظ
[email protected]
ت : 01227508604
هوامش :
مرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري .
http://kenanaonline.com/users/lawing/topics/93809/posts/292711
مرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري .
http://kenanaonline.com/users/lawing/topics/93809/posts/292708
لقاء منصور حسن مع هالة سرحان فى برنامج ناس بوك ؛ وسألت فيه منصور قائلة : بأن المشير قال عن الترشح للرئاسة بأنه ( يمانع ولا يمتنع ) اللقاء بدءً من الدقيقة 2 و25 ثانية .
*****


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.