شكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي محورًا مهمًا في مناقشات مؤتمر الأمن بموينخ، ودعت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، أثناء خطابها أمام المؤتمر إلى التوصل بشكل عاجل لاتفاق للتعاون الأمني بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد "البريكست" المنتظر تنفيذه في مارس 2019، مؤكدة أن إبرام الاتفاقية يمثل الحياة أو الموت بالنسبة لكثير من المواطنين، في الوقت الذي رفضت فيه المفوضية الأوربية حسم الملف دون التوصل إلى اتفاق حول الروابط السياسية والتجارية. وأقرت ماي، أنه لا يوجد في الوقت الحاضر اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وأي دولة أخرى، لكنها ترى أنه لا يوجد سبب يمنع الطرفين من التوصل إلى اتفاقية أمنية عميقة، مشيرة إلى أنه لا يمكن تأجيل المناقشة بهذا الشأن، داعية القادة الأوروبيين إلى إظهار الإبداع والطموح عبر التوصل إلى اتفاق أمني فريد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قائلة "علينا التحرك الآن بشكل عاجل لإبرام معاهدة تحمي جميع المواطنين الأوروبيين أينما كانوا في أوروبا". وحذرت من ضيق الوقت حتى تنفيذ "البريكست" المقرر رسميًا في مارس 2019، مما يعرض أمن مواطني أوروبا للخطر ويقيد عمل مؤسساته الأمنية وستتوقف عملية تسليم الموقوفين السريعة بموجب مذكرات الاعتقال الأوروبية، كما أنه بعد الخروج فلن تكون بريطانيا جزءا من الشرطة الأوروبية "يوروبول" مما يعرقل تبادل المعلومات الأمنية وهو ما يقوض بدوره الحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة والهجمات الإلكترونية. تأتي تصريحات ماي، بعد تشديد رؤساء وكالات المخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية بشكل مشترك على وجوب الاستمرار في مشاركة المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني حتى بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي. الخلافات القائمة تيريزا ماي، ردت على هذه التكهنات بقولها إن بريطانيا ستحترم اختصاص محكمة العدل الأوروبية في تعاملها مع وكالات الاتحاد الأوروبي في مقابل احترام وضع بريطانيا كدولة خارج الاتحاد لها نظامها القانوني وذات سيادة مستقلة، لذلك لن يكون هناك سلطة قضائية علي بريطانيا من قبل محكمة العدل ولكن ستكون العلاقة مبنية علي الاحترام والتعاون. من جانبه قال رئيس المفوضية الأوربية جان كاود يونكر، إن الاتحاد الأوروبي لا يريد الانتقام وليس في حالة حرب مع بريطانيا وحذر من خلط الأمن بمسائل أخرى تتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد، وأكد أنه سيتم المحافظة على التعاون الأمني بين بريطانيا والاتحاد، لكنه لا يريد الخلط بين الاعتبارات الأمنية والسياسية والتجارية ووضعها جميعًا في وعاءً واحد. وكانت ماي، قد أثارت حفيظة القادة الأوروبيين العام الماضي عندما قالت إن بريطانيا القوة العسكرية الأكبر في الاتحاد الأوروبي وإحدى الدول التي تمتلك السلاح النووي، وإنها قد تجمد التعاون الأمني مع الاتحاد إذا لم تحصل على اتفاق تجاري جيد بعد خروجها من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي، إلا أن خطابها الأخير في مؤتمر الأمن لم يحمل تلك التلميحات. البريكست نهائي قال رئيس مؤتمر ميونخ للأمن فولفجانج ايشنجر، بعد خطاب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، "ستكون الأمور أسهل بكثير لو أنكم بقيتم"، إلا أن ماي، ردت بقولها إن قرار الخروج نهائي وليس واردًا إجراء استفتاء ثان أو العودة عن تصويت الاستفتاء الذي تم في يونيو عام 2016. وقالت ماي "سنخرج من الاتحاد الأوروبي ولا يوجد تساؤل بشأن استفتاء ثان أو التراجع وأعتقد أن هذا مهم"، وأضافت "الناس في بريطانيا يشعرون أنه إذا اتخذنا قرارًا فلا ينبغي أن تتراجع الحكومة وتقول لقد أخطأتم في فهم ذلك". ويأتي خطاب ماي، الأخير في مؤتمر ميونخ، ضمن سلسلة خطابات ألقاها مسؤولون بريطانيون مؤخرًا في ظل سعي الحكومة البريطانية لتوضيح تطلعاتها بعد البريكست. ولم تحقق بريطانيا تقدمًا كبيرًا خلال الأشهر الأخيرة في المفاوضات بشأن العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي ولا تزال الخلافات الجوهرية قائمة فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية بعد البريكست.